لماذا صحيفة ألعالم

 

مرت ألأيام متتالية , وأنا أتابع الكثير من المقالات والآراء حول قرار صحيفة( العالم) بأن تُغلق نفسها بنفسها , وحتى موقعها ألالكتروني , كما صرح رئيس تحريها الصحفي والزميل وابن المدينة الواحدة (فراس سعدون).

كتب الكثيرون ولم يتركوا مجالاً للآخرين  , لأنهم تكلموا بأسم جميع الأفكار الصحفية الحرة التي تنادي بالحق والعدل والمساواة والإنصاف . بدل سياسة الكيل بمكيالين المتعبة من قبل الوزارات ودوائر الدولة التي هي صاحبة الشأن في رفد أي صحيفة بالإعلانات المورد المالي الوحيد لبقائها على قيد الحياة .

عدم وجود الدعم المالي , وامتناع أكثر من 16 وزارة ودائرة حكومية عن إرسال أي إعلان للصحيفة , كان السبب الأول والأخير في ذلك الإغلاق المؤسف والمؤلم الذي يعد رصاصة أطلقها الفاسدون ومن يتاجر بالبلاد والعباد ضد الصحافة الحرة والتي لا تميل لجهة أو مسمى سياسي . إذا ما علمنا بأن الصحافة في العراق لا يمكن لها بكل الأحوال أن تمضي دون وجود أي دعم وبالأخص في مجال الإعلانات , التي تأتي من الدوائر الحكومية .

ولكن لماذا صحيفة ألعالم , التي كانت تمضي في طريق واحد منذ أول يوم لتأسيسها من خلال الطرح الذي يصبُ في مصلحة الوطن والمواطن معاً , وكان لها ألقدرة على الدفاع عن أي مسمى سياسي بارز وتكون تابعاً له حتى تحظى بالمباركة السياسية وتمضي بدربها بلا أي (وجع رأس) !! . وما أكثر العناوين الصحفية اليوم في العراق , والتي تجعل من الأسود أبيضاً مع الأسف الشديد .

ولماذا العالم صحيفة ألعالم , التي كان بمقدور مالكها أن يستغل حملة الانتخابات ويبدأ بتلميع صورة المرشحين التي قد تكون بحاجة للكثير من الإصباغ حتى تخرج علينا بشيء مقبول , وهي وجوه وأفكار مازالت عنواناً لكل الخراب والدمار والنهب والسلب وتأخير البلاد والعباد , تحت راية المتاجرة بالدين من مسميات نحرت كل شيء للحياة , وأصبحت البلاد بجهودهم جهنم لا تُطاق .

ولماذا صحيفة ألعالم , ونحن نتابع ونشاهد كل يوم أن الكثير من الصحف ( لاتهش ولا تنش) ولكنها مستمرة في الصدور ليس لوجود إقبال من القارئ عليها , بل لأن أصحابها لهم علاقات مع دوائر الدولة والأحزاب المتنفذة وعليه سوف تكون لهم حصة الأسد من أي إعلان وأي مورد مالي أخر  , وهذه الأموال لا تستخدم لتطوير تلك الصحف البائسة بقدر تطوير أرصدة الفاسدين وتجار الحرف والكلمة .

نعم القرار ليس عادياً , بل هو أحد الطرق الجديدة التي تَُحارب الأقلام والأصوات والأفكار الحرة في العراق . وهذه المحاربة من خلال قطع الدعم الإعلاني الذي يوفر مورداً مالياً للصحيفة , لا يختلف عن كاتم الصوت والعبوة اللاصقة أو حتى المفخخة التي أشتهر الكثير في استخدامها ضد الخصوم منذ سنوات وبنجاح ساحق . بعد أن أصبحت البلاد لكل من هب ودب ممن لا يجدون لغة سوى إسكات الآخرين وحرمانهم من كل شيء .

وفي نفس الوقت أين تلك المؤسسات التي تهتم وتصرخ ليل نهار بأنها تراقب العمل الصحفي من اجل حمايته . أم أنها مجرد مسميات ومكاتب وأثاث ومنح مالية تؤخذ من منظمات عالمية وصور وحفلات , وكأس من الخمر يحتسيها ممن يريد أن يكون محاميا للشيطان وليس للصحافة الحرة .لا نريد منها مالاً ملوث , لكن وقفة حقيقية وليس تصريح هنا وهناك من اجل القول بان لهم وقفة تضامنية . وهم لا يعلمون بأننا تعبنا من تلك الوقفات والدعوات وجمع التواقيع والقيل والقال , وفي الجانب الأخر السيئات تسير بسرعة البرق .

لان هذا الإغلاق الذي حتى  لو كان بقرار من أصحاب الشأن له مسببات أخرى خطيرة . وأهمها لماذا تمتنع الدوائر والمؤسسات عن رفدها بالإعلانات ؟ ولمصلحة من أتخذ هذا القرار ؟ وهل هناك أسباب أم الأمور تصدر في تلك الدوائر وفق ( ما يشتهي) المدير المُسير بالأساس من حزب قد لا يعجبه طرح (العالم ) ولا ألأفكار التي تعمل هناك ولا حتى المقالات التي تنشرها ؟ وهل صحيفة ألعالم الأخيرة التي سوف يتم نحرها أم هناك صحف أخرى بالطريق ؟

والاهم أين سيذهب العالمين هناك . وهل سيضاف إلى العاطلين عنواناً أخر . فيكون (صحفي عاطل عن العمل)  في بلاد تشتهر بكثرة العاطلين والعطل الرسمية والغير رسمية !!.

الكلام كثير , ولكن لغياب( ألعالم) عن الحياة الصحفية ألم لا يمكن لنا بكل الأحوال أن نتحمله , وفي نفس الوقت لا نملك نحن شيئاً نقدمهُ لها سوى الحرف والكلمة والمواساة , لأنه كلنا ( في الهوى سوا)  , لان وجود صحفي غني في العراق أمراً ليس مستحيلاً ولكن الطريقة لذلك معيبة ومخزية , ولا يعرفها إلا من يجعل قلمهُ وفكرهُ تحت وصاية احدٍ ما . وما عليه سوى ترديد الكلام مثل الببغاء , وبعدها سوف تجده غنياً بما يكفي لأن يصل حتى للمكان الذي يجلس فيه ساسة ولصوص العراق الجدد !!.غابت صحيفة ( ألعالم) عن الصدور والخروج كل يوم لمتلقيها والمتابعين لها . ولكن بقى لها عنوان كبير في تلك الأفكار والقلوب من الملايين .

إلى أين تمضي فيك ألأمور يا عراق , ونحن نشاهد كل يوم موتاً جديد , وطريقة وعنوان للقتل المريع . ولكن عندما يصل كل ذلك للصحافة المعتدلة . علينا جميعاً رفع درجة الإنذار والاستعداد للقادم الأسوأ . تحت رعاية نظام سياسي وقمعي وديكتاتوري يستغل مسمى ( الديمقراطية) لنحر وحرمان الآخرين من كل شيء.

سلامات يا وطن .. اخ منك يالساني