الغثيان الديمقراطي!!

 

مجتمعاتنا التي تحبو نحو الديمقراطية , تواجه دفقا من العثرات والتفاعلات التي تحسبها ديمقراطية  , وما هي إلا نوع من الغثيان أو الدوار الديمقراطي.

فعلى سبيل المثال لا الحصر , حرية التعبير عن الرأي , أخذت إتجاهات  معقدة ومضطربة , ومؤزرة بطاقات إنفعالية وعاطفية شديدة , ألغت دور العقل ومحقت قدرات الوصول إلى نتيجة ذات قيمة وطنية صالحة.

فمحطات التلفزة تكاثرت لدرجة غير معقولة , وكذلك الصحف الورقية والإليكترونية , إضافة لإنسكاب أعداد لا تحصى من الأقلام , التي تكتب بدرجات متفاوتة من قدرات التعبير اللغوية والفكرية والثقافية.

حتى لتجد المرء يقف مذهولا ومتحيرا أمام الكم الهائل من الآراء والتصورات المتضاربة , المجردة من الإعتماد على , أو الإسترشاد ببوصلة وطنية تؤشر الإتجاه  نحو المصالح المشتركة.

وعلة هذا السلوك قائمة في الدستور ذاته , لأنه قد وفر المسوغات الكافية لتحقيق حالة الغثيان الديمقراطي, الذي نجم عنه تداعيات وإضطرابات متواصلة , ووفقا لمتواليات هندسية متنامية , ومعززة بقدرات المصالح والمطامع والتوجهات المتعددة في المنطقة.

وعلى رأس هذه المطامع يلعب النفط دورا فعالا ورئيسيا , في صناعة مسيرة الإحتراق والخراب والدمار والصراع , ما بين أطراف القوة والسلطة والتوجهات ذات الطبائع المعروفة.

وفي أحوالٍ كهذه لا بد من قدوة رشيدة واعية صامدة صابرة  , تخترق الحواجز والمعوقات والمؤثرات وتتحمل الضغوطات  , وتتمسك بالثوابت الوطنية , وتعطي مثلا وطنيا صالحا وشافيا , ينير مسيرة الحاضر والمستقبل , وبنكران ذات وإيمان مطلق بإرادة الوطن ومصالح الشعب , ولا يعنيها هدف سوى ذلك , في تركيبتها التي تمكنت فيها من الإمساك بعنق القرار , والتأثير في إتجاه بوصلة مسيرة الحياة الوطنية.

فالمجتمعات لا تكون من غير قدوة وطنية صالحة , وذات قدرات سلوكية ونفسية وإنسانية خارقة ومتميزة, تصنع بواسطتها وجودها وعزة وكرامة أوطانها.

والأمثلة كثيرة في مجتمعات الدنيا , كما في ماليزيا وجنوب أفريقيا والهند والصين وأمريكا وغيرها من المجتمعات التي أوجدها القائد القدوة.

وإنطلق بأجيالها إلى مصاف الحياة المشرقة الزاهية بالعطاء والأمان والمحبة والسلام.

فهل من قائد قدوة يخلص المجتمع من سورات الغثيان  الديمقراطي؟!!

 

د-صادق السامرائي

29\4\2013