الجيش سور .. لكن لمن |
تساؤل ربما إجابته على طرف كل لسان، فقد اعتدنا صغارا وكبارا ان ننشد للجيش بأصوات صداحة: الجيش سور للوطن يحميه أيام المحن أرواحنا أموالنا تفدى له بلا ثمن الجيش سور للوطن لكننا نرى الجيش اليوم يخرج من هذه المهمة الوطنية الكبرى، تاركا أسوار الوطن وحدوده نهبا للمتصيدين، وغرضاً للتوسعيين ، على حساب أرضنا وسيادتنا وثرواتنا، فهناك إغارات في الجنوب، وأخرى في الشمال، الجيش غافل أو مبعد عنها، لينشغل في مهمات قوى الأمن الداخلي، فيطوق التظاهرات، ويتسور حول خيم المعتصمين، ويهاجم متى جاءت إشارة الهجوم فيقتل بلا هوادة أبناء شعبه. مهمة لا نرجوها لجيشنا صاحب السفر الطويل، وان كان الامتداد مقطوع، لكن لنا في تأريخه عبرة، وفي صولاته التي دافع فيها عن حياض الوطن والأمة الأكبر ، مثل يحتذى به. في الذاكرة حادثة دونتها أنامل مؤرخ العراق الراحل عبدالرزاق الحسني،حاولت ان اعثر على نصها، لكن مسعاي خاب، الا إن العبرة في الفكرة، كما يقولون. ضابط برتبة مقدم، كان آمر فوج خلال العهد الملكي، جاءته الاوامر بتحريك قواته لتطويق تظاهرة، انتفاضة، لا أتذكر حقيقة، ماهي، المهم ان الواجب هو "التطويق" لا غير، يعني لا هجوم، ولا إطلاق للرصاص الحي، مع ان إمكانيات عمل من هذا النوع ممكن في ذلك الوقت من دون أن يعرف العالم ما حصل، لكن الضابط رد على مراجعه، انه أمر فوج في الجيش العراقي، مهمته حماية الوطن من عدو خارجي، وليس منع الناس من الخروج عن السلطة، وبالامكان الاستعانة بأجهزة الشرطة ، لأنه شأن داخلي، لا علاقة للجيش به. وهكذا اعطى صورة حقيقية لمهمة الجيش الذي يعبر عن نفسه قبل ان نعبر نحن عنه بأنه سور للوطن. ولعل المثال الاقرب، جيش مصر، الذي لم يلتفت الى السلطة عندما ثارت الجماهير على الحاكم، واصبح حامياً للثورة، وليس جلاداً لها. ما نخشاه حقيقة ، ان يعتاد الجيش على حياة المدن، وتصبح يده طيعة في الضغط على الزناد في مواجهة الشعب، ويتحول إلى "سوط" للسلطة في معتقلاتها، وسور يحيط المدن والمخيمات لقمع الصوت والصورة، وإنهاء اي مظهر من مظاهر الديمقراطية والتعبير السلمي عن حرية الرأي، والمطالبة بالحقوق بصوت مسموع. محزن ان نرى سيطرة وقد كتبت على بعض كتلها الكونكريتية التي تحيط بها عبارة: "الجيش سور للوطن"، فيما هي داخل حي أو مدينة، وتترك الحدود مشرعة، اي سور، وسور الوطن حدوده ، وثغوره، أم ان التغيير الذي شهدته البلاد، أعطى للجيش معنى آخر. أعيدوا الجيش الى مكانه، ليسطر بطولاته خارج ساحات الإعتصام، والأزقة والبيوت الآمنة، حتى نعيد نحن انشودتنا الخالدة: الجيش سور للوطن |