انتخابات حرة

 

لفت انتباهي يوم امس ان الصبية الصغار الذين كنت اشاركهم لعب كرة القدم كلما سنحت لي الفرصة كانوا هذه المرة يلعبون بصورة غريبة ومختلفة عما تعودته منهم ليس بسبب الصياح والحماس والانفعال الشديد فحسب بل لانهم كانوا لا يلتزمون بابسط قوانين كرة القدم ابتداء من مس الكرة باليد وانتهاء بالركلات المتبادلة بين اللاعبين و (البوكسات) والتدافع العنيف الذي بمجمله رسم صورة مضحكة للعبة واللاعبين على حد سواء!..الامر الذي اضطرني الى التوقف وسؤال الصبية عن هذا الاسلوب الجديد وهذه الطريقة المبتكرة؟ فقال لي اعقلهم : (عمو هذه يسموهه كرة القدم الحرة!!) وهذا الشيء ذكرني بالكثير من الشؤون العراقية التي اصبحت تدار او تلعب بهذه الطريقة.. ومنها الانتخابات الاخيرة سيما الحملات الدعائية المترفة لمرشحي الكتل السياسية والتي تجاوزت نفقاتها الـ4 مليارات حسب تقديرات مصادر مطلعة والتي شهدت الكثير من المخالفات تغاضت عنها الجهات المعنية او عجزت عن رصدها لضعف الياتها ومن المتوقع ان تبقى صور ولافتات المرشحين في شوارع ديالى الى امد بعيد باستثناء العملاقة منها والتي كفانا امرها بعض اللصوص الظرفاء..جزاهم الله عن اهل ديالى كل خير...وكلام الصبية ايضا ذكرني بما حصل في يوم 20/4 تحديدا من مخالفات وخروقات من قبل الكتل المتنافسة والتي وضعت نصب اعينها ان تعمل بمبدأ فاز باللذات من كان جسورا او (السبع اللي يعبي بالسكلة رگي) الامر الذي ادى الى حرق الكثير من المحطات الانتخابية وضياع الكثير من اصوات الناخبين مع كل الاسف بسبب تهور مرشحي بعض القوائم واستقتالهم على الفوز بأي شكل كان... وما قاله الصبية ذكرني ايضا بما حصل من اعلان نتائج متضاربة من قبل الكتل السياسية اعتمد بعضها على تقارير مراقبي الكيانات التابعين له وبعضها على تسريبات موظفي المفوضية والتي احدثت ارباكا كبيرا في الشارع المحلي نتيجة تباينها الى حد بعيد ..فكلا يدعي وصلا بليلى ويزعم انه اكتسح اصوات الناخبين!..ثم ليأتي اعلان المفوضية المستقلة خلافا لكل ما ذكره المتنافسون! .وكذب المنجمون وان صدقوا! .ولكن ما نؤشره حقا هو انه هناك تراجعا كبيرا وانهيارا خطيرا في سير العملية الانتخابية وفحواها الديمقراطي ابتداء بغياب البرنامج الانتخابي للكتل السياسية مرورا بالاساليب التي استخدمت للترويج والتي كانت اضيق افقا من حملات الانتخابات السابقة لعام 2009والتي شهدت في حينها مؤتمرات جماهيرية مناطقية كثيرة ركزت على شرح البرنامج الانتخابي لهذه الكتل على اختلاف أيدلوجياتها وانتهاء بروح العملية الديمقراطية والتي تقتضي ان يكون الامر مجرد تنافس بين احزاب سياسية تحمل افكارا وبرامج تنموية واقتصادية معينة ولكن ما حصل هو تغلب فكرة المكون والطائفة على فكرة الاصلح والاكفأ ..وعلو صوت العشيرة على صوت االافضل والاجدر والاحق.. وشيوع مبدأ شراء اصوات الناخبين بطرق واساليب مختلفة وووو..الم اقل لكم انها انتخابات حرة !