العراق بانتظار حكومة طوارئ من بوابة النفق المظلم

 

بغداد- العراقتايمز: قد يُدخل المراهنون على مصالحهم الحزبية والسياسية الضيقة العراق في نفق مظلمِ جديد، يتمثل بطروحاتٍ باتت أقرب إلى التنفيذ من رهانات قادة الكتل النيابية، بدءاً من الإطار التنسيقي المعرقل لطموحات مقتدى الصدر ومساعيه إلى تشكيل حكومة الأغلبية، وهو تشكيل حكومة طوارئ تتولى إدارة البلاد وحل مجلس النواب، ثم الدعوة إلى انتخابات نيابية جديدة، خصوصاً أن هذا الموضوع تجاوز حدود استخدامه للتلويح بالضغط على الخصوم من الصدر إلى موقفٍ طرحه رئيس مجلس القضاء، فائق زيدان، في حال دخول العراق في فراغ سياسي، بسبب الفشل في انتخاب رئيس للجمهورية.

وكما بات معلوماً لكل متابعي الشأن العراقي، يعدّ انتخاب رئيس للجمهورية المدخل الرئيس لتشكيل الحكومة العراقية الجديدة، وقد تدفع تصريحات فائق زيدان بخصوص حكومة الطوارئ الكتل السياسية إلى تليين مواقفها والقبول بالحلول الوسط لبلوغ جميع الأطراف حالة من القبول بالأمر الواقع، وبالتالي الدخول في توافقاتٍ سياسيةٍ بحدّها الأدنى، من دون الخوض في حساباتٍ مجهولة تماماً، فيما لو أعيدت الانتخابات ثانيةً، سواء من جهة المقاطعة الجماهيرية الشاملة لها أو المشاركة الفعّالة لصالح انتخاب المستقلين، وتغليب نتائجهم على بقية الكيانات والأحزاب التي تسبّبت بحالة الانغلاق السياسي الحالي في العراق.

قد لا يحصل هذا السيناريو، كما قد لا تقبل جميع الأطراف الولوج فيه، خصوصا قيادات "الإطار التنسيقي"، ولعل أول المصرّحين برفضه زعيم دولة القانون، نوري المالكي، فقد قال "حل البرلمان غير ممكن ولن نسمح به"، وكذلك بينت الكتل الأخرى مواقفها الرافضة، بشكل مبكّر، عن احتمالية حدوث مثل هذا التصرّف سواء من رئاسة مجلس القضاء، ممثلة برئيسه فائق زيدان، أو من رئاسة مجلس النواب، أو حتى من رئيس حكومة تصريف الأعمال، مصطفى الكاظمي.

باتت القوى المختلفة في العملية السياسية في العراق تعيد حساباتها بشكل سريع وتفاعلي، من أجل عدم اللجوء إلى حلّ مجلس النواب

باتت القوى المختلفة في العملية السياسية في العراق تعيد حساباتها بشكل سريع وتفاعلي، من أجل عدم اللجوء إلى حلّ مجلس النواب؛ فجميع أركان هذه العملية، بكل أحزابها وكتلها وقياديها، يدركون حجم المخاطرة لمثل ما تشكّله خطوة تشكيل حكومة طوارئ في البلاد، وما يرافق هذا التشكيل من خسائر مؤكّدة للمكاسب السياسية المتحققة على حساب نتائج لا يمكن التكهن بها مطلقاً، وقد تذهب بهم إلى خارج حسابات الشعب حتى بين مريديهم.

ما يلفت النظر في ماراثون جلسات مجلس النواب العراقي، وعدم إنجاز مهامه الدستورية، موضوع النواب المستقلين، فدور هؤلاء ما زال غير مسؤول وغير مفهوم، ففي وقت يعاني منه شعب العراق من أزمات اقتصادية وأمنية، بالإضافة إلى السياسية، ويحتاج أن تستقر أوضاع بلده على حكومة جديدة تبدأ بتسيير أمور البلاد والعباد بشكل نظامي، يتغيب هؤلاء النواب عن حضور جلسات التصويت على انتخاب رئيس الجمهورية، بما لا يسمح باكتمال النصاب القانوني، وبالتالي تؤجل الجلسات مراراً من دون جدوى.

لقد بات العراق بين خيارات ثلاث حكوماتٍ بدل اثنتين؛ توافقية، أغلبية، وحكومة طوارئ، فيما لا يلتفت أيٌّ من المطالبين بغلبة أحد هذه الخيارات على سواها إلى ما يريده الشعب العراقي، والذي يفترض أن من يجلس داخل قبّة البرلمان هو من يمثلهم. ولم يطرح أي منهم، حتى وإن كان لأغراض الاستهلاك السياسي المحلي، مسألة الأزمات التي يعاني منها الشعب، وكيف سرى الانسداد السياسي من داخل أروقة مجلس النواب إلى الأسواق والبيوت والحركة التجارية والخدمية، ليصيبها بالعجز والكساد والغلاء، في سلوك ربما سيجعل من مشاركة هذا الشعب في أية انتخابات مقبلة صعبة جداً، إن لم تكن مستحيلة.