لتحرير الاسلام من خاطفيه

 

ثلاثة اختطفوا الاسلام فشوهوا صورته:
اولهم: المؤسسة الدينية الرسمية الفاسدة، وما يرتبط بها من فقهاء بلاط وعلماء سوء مأجورين.
ثانيهم: التنظيمات الارهابية التي تتبع فقهاء التكفير من الذين يزرعون الحقد والكراهية في المجتمعات.
ثالثهم: الجماعات المتعصبة والظلامية التي تتبع متفيقهين جهلة ومتخلفين، يعبدون الله على (70) حرفا.
وهذه ليست المرة الاولى التي يتعرض بها الاسلام لمثل هذا الاختطاف، فمنذ ان بعث الله تعالى نبيه الكريم محمد بن عبد الله (ص) رسولا ونبيا، رحمة للعالمين، ظل الاسلام يتعرض لمثل هذا، الا انها الاخطر منذ البعثة ولحد الان، وذلك لعدة اسباب تقف على راسها كون العالم اليوم بات قرية صغيرة، يؤثر بعضه ببعض، من جانب، وبسبب تاثير الاعلام الذي يعتمد التكنولوجيا واحدث وسائل الاتصال والتاثير، من جانب ثان، وبسبب استخدام من اختطف الاسلام اشد وسائل التدمير قسوة، ولذلك ينبغي على علماء الاسلام ومراجعه الحقيقيين ان يتحملوا مسؤوليتهم التاريخية لانقاذه من يد من اختطفه فحوله الى اضحوكة للعالم وكذلك الى فوبيا تخيف الاخر، بعد ان صوروه وكانه دين القتل والتدمير والكراهية والتخلف والحقد.
ولولا ان الاسلام يتميز بصفتين عظيمتين لنجح الخاطفون في تدميره، الاولى: هي انسانيته، فبالرغم من كل محاولات التشويه التي مارسها الخاطفون يوظفهم في ذلك قوى معادية للاسلام في الغرب تحديدا، الا انه ظل متماسكا قادرا على تقديم نفسه كقيم انسانية رفيعة.
الثانية: هي عالميته، والتي يقراها الاخر من خلال القران الكريم والنهج القويم الذي رسم معالمه رسول الله (ص) واهل بيته الكرام عليهم السلام، فلقد تبين للاخر، وبشكل قاطع، ان الاسلام لا يخاطب الانسان في فترة زمنية معينة من تاريخ البشرية، كما ان سيرة الرسول الكريم وائمة اهل البيت الاطهار عليهم السلام هي منهج عالمي يحاكي حاجات الانسانية في كل زمان ومكان.
اما الصفة المهمة التي تتميز بها الشعوب الغربية والتي ساهمت بشكل كبير في انتشار الاسلام في بلاد الغرب من دون ان تتاثر بمساعي الخاطفين، فهي ظاهرة الانفتاح والايجابية في التعامل مع الافكار الاخرى، ولذلك فليس غريبا ان تتحدث كل الاستبيانات في الغرب وتحديدا في الولايات المتحدة الاميركية عن ان الاسلام هو ثاني اكثر الاديان سرعة في الانتشار في بلاد الغرب، وهذا مؤشر واضح على ان شعوب الغرب لا تعيش عقدة الخوف من الفكر، ابدا، فهي تبادر الى ان تطلع على الافكار خاصة ما يتعلق بالاسلام، من دون عقد او حواجز نفسية او تخوف من التاثر.
صحيح ان الحزب الوهابي والنهج التكفيري شوه الكثير من صورة الاسلام وسمعته، بسبب تبنيهم لثقافة التزمت والتعصب الاعمى وثقافة الغاء الاخر من خلال احتكار الحقيقة والمتاجرة بالدين وغير ذلك، الا ان الشعوب الغربية لازالت تعيش نفس الاندفاعة التي عرفت بها منذ زمن طويل، ولهذا السبب نرى ان الاسلام لازال ينتشر انتشارا مشهودا من دون حواجز الارهابيين والتكفيريين، على الرغم من خطورتها.
لقد لعبت ضارتان دورا ايجابيا في انتشار الاسلام والتعرف على وجهه الحقيقي، الاولى: هي جريمة الطاغية الذليل صدام حسين، عندما تسببت سياساته الطائفية والعنصرية بهجرة وتهجير مئات الالاف من شيعة اهل البيت عليهم السلام والذين انتشروا في جل بقاع العالم، اذا بهذه الضارة تتحول الى نافعة من خلال جهدهم الكبير في نشر الاسلام المحمدي الاصيل الذي يعتمد مدرسة اهل البيت (ع) في التفسير.
خذ مثلا على ذلك، ففي الولايات المتحدة الاميركية كان هناك مسجد واحد فقط يتبع مدرسة اهل البيت في برامجه ونشاطاته، اما اليوم فهناك اكثر من (100) مسجد وحسينية ومركز اسلامي يهتدي بهدى ائمة اهل البيت (ع) في تعاليمهم ومنهجحم وتربيتهم وثقافتهم وفكرهم وطريقة تعاملهم مع الاخر، وفي كل شئ.
هذا في الولايات المتاحدة الاميركية، وقس ذات الامر على مختلف دول العالم.
الضارة الثانية: هي احداث 11 ايلول عام 2001 والتي شهدتها الولايات المتحدة، فعلى الرغم من انها كانت حدثا مهولا اضر كثيرا بالعالم، خاصة العالمين العربي والاسلامي، الا انها كانت، من جانب آخر، نافعة عظيمة جدا للاسلام، فلاول مرة ينتبه الراي العام العالمي الى ان هناك تفسير آخر للاسلام غير تفسير الحزب الوهابي والنهج التكفيري الذي تتبناه (المملكة العربية السعودية) والذي يعتمد الكراهية والتكفير والحقد والغاء الاخر، هو التفسير الذي يعتمد مدرسة اهل البيت عليهم السلام، هذا التفسير الذي يعتمد العلم واحترام الاخر والحب والسلام واللاعنف، سعيا لبناء عالم خال من الكراهية، يسوده السلام والوئام والمحبة.
والان، هناك ضارة ثالثة تحولت الى نافعة قد لا ينتبه اليها كثيرون، وهي ان الدماء الطاهرة التي تراق كل عام في ايام شهري محرم الحرام وصفر المظفر، من نحور محبي وعشاق وشيعة اهل البيت عليهم السلام على يد جماعات العنف والارهاب، وتحديدا الجماعات التكفيرية والسلفية المتعصبة، هذه الدماء تساهم كل عام في انتشار التشيع لمدرسة اهل البيت عليهم السلام، بسبب ما تتناقله مختلف وسائل الاعلام العالمية، المقروءة والمسموعة والمرئية، من ان عمليات التفجير التي (يقتل) فيها عدد من المواطنين (الشيعة) بسبب انهم يزورون كربلاء التي فيها مرقد الامام الحسين بن علي سبط رسول الله، هذا النوع من الاخبار شكل حملة دعائية كبيرة جدا لصالح مدرسة اهل البيت عليهم السلام، فلقد شاء الله تعالى ان يحفظ الاسلام بدماء سيد الشهداء الامام الحسين بن علي، كما انه شاء ان يحفظ ذكرى كربلاء وعاشوراء والحسين بدماء شيعته الطاهرة التي تراق كل عام، بل كل يوم على يد افسد خلق الله تعالى فكرا ومنهجا ورمزية، اولئك الذين اتخذوا من اسوء طغاة (المسلمين) واقصد بهم الطاغية معاوية وابنه الطاغية الرعديد يزيد، قدوة في طريقة التعامل مع الخصم، والتي تعتمد القتل والذبح وسحق القيم والدين من اجل السلطة.
لقد شاء الله تعالى ان يتحول موسم الاستشهاد في كل عام الى مدرسة متجددة ليس فقط لشيعة الحسين عليه السلام، فحسب، وانما لكل الناس في العالم من اجل ان يتزودوا من هذه المحطة معاني الايثار والاخلاص والايمان، من جانب، وموسم للتبري من الظلم والظالمين الذين يمارسون القتل والتدمير ضد كل من يخالفهم في الراي والعقيدة، كما يفعل اليوم شيعة يزيد بحق شيعة الحسين السبط (ع) من جانب آخر.
يستغرب كثيرون كيف ان موسم عاشوراء ينمو بشكل مضطرد في بلاد الغرب وبلا اي نوع من انواع التمييز والقمع والتضييق، فيما يتعرض الموسم الى القمع والتشهير في الكثير من بلاد العرب والمسلمين، ولا غرابة في ذلك، لان الحسين عليه السلام يقض مضاجع الانظمة الاستبدادية الشمولية البوليسية، فكلمة {هيهات منا الذلة} تكفي لاسقاط عروش فاسدة اذا ما قيض لشعب من الشعوب المضطهدة ان يصرخ بها.
لقد ضحى الحسين (ع) بكل شئ من اجل حفظ الاسلام، وعلينا ان نعمل من اجل حفظ عاشوراء.
علينا ان نحدث الغربيين عن القواسم المشتركة بين الحسين (ع) والمسيح (ع) من جانب، وبين المهدي (عج) والمسيح من جانب آخر، فان ذلك يقربهم الى الاسلام ويشدهم اليه، فالمقارنات مهمة في هذه الحالة.