مهازل المصارف العراقية

 

لعلّ المواطن العراقي الذي لم يسعفه الحظ حتى لزيارة - بلد مجاور يستند الى عكاز - لا يستطيع تقييم الاداء المصرفي العراقي حاله حال المواطن الليبي أيام الزعيم المعمر الذي كان يعتقد أن النظام الليبي هو قمة القمم وغاية الغايات التي يحلم بها حتى المواطن الامريكي والاوربي..كنت يوما أبحث عن أيّ من انواع المئات من الخبز التي اعتدنا عليها في بلاد الغرب عند أحد السوبرماركتات في الغزالية فكان عنده نوعا واحدا لا غير من اللوف يتكرر كل يوم وعندما أستفسرت منه لماذا لا يجلب أنواع أخرى فرد عليّ مستغربا : وهل هناك أنواع أخرى ؟ وراح يلحّ عليّ أن أخبره إن كان في العالم أنواع أخرى غير هذا اليتيم الذي عنده!!! وهو ما ذكرني بأستغراب موظف ليبي محترم حينما أنتقدت وقتها النظام المصرفي لديهم فقال مندهشا : وهل في العالم نظاما أفضل مما عندنا!! لكن للانصاف لم يستغرب مدير أحد المصارف العراقية الذي أتعامل معه حين سألته متى يتطور النظام المصرفي العراقي؟ للاسف عشر سنوات مرّت والنظام المصرفي يتراجع وقيمة الدينار العراقي تتراجع والفساد والتخلف ينمو ويكبر.. الامر يتعقد لدرجة لا تُطاق, والامر لا يمكن تجاهله أو التغاضي عنه فهو حاجة يومية ملحة كحاجتنا للاكل والشرب..في أوربا لا نحمل معنا نقودا ولا نتعامل بالنقد ولا نحفظه في بيوتنا بل كل ما نحمله هو بطاقة البنك التي فيها رقم حسابنا وفي ذاكرة كل فرد منا رقمه السري الذي لا يعرفه غيره وبهذا فهو يحمل كل رأس ماله في حله وترحاله يتصرف به أين يشاء ومتى يشاء يدفع به حساب الشاي الذي يشربه في مقهى بهولندا ويدفع به تذكرة الطائرة التي تنقله عبر المحيطات الى أمريكا حيث يسدد بها تكاليف فندقه ووجبات طعامه وفواتير تسوقه سواء في أسواق طوكيو أو الصين بل وحتى دبي وعمان!! إلاّ بغداد التي نتغنى بها ويتمشدق البعض بأحتفال تتويجها عاصمة للثقافة..عجبي!! لا أصدّق لولا مشاهداتي للجنط والاكياس الكبيرة التي تُرفع على أكتاف الحمالين فيها أكداس النقد العراقي الذي لا تحصيه سوى مكائن العد الآلي وما تشتمل عليه من أخطاء يتحمل ضررها عادة المواطن العراقي فضلا عن مخاطر التنقل بها والوضع الامني الهزيل. ومن مهازل المصارف المتكررة النظام المزري في أستلام رواتب التقاعد ولزوم تقديم الشهادات الاربع والطوابير والزحام غير الجهد والوقت وحرق الاعصاب.. بقي أن أقول منذ عشرين عاما في أوربا لا أعرف أين دوائر الكهرباء ولا المياه ولا الغاز ولا التأمين الصحي ولا التلفون ولا الانترنت كلها تصلني الى منزلي وتتسلم هي أجورها بحسب مواعيدها من حسابي في مصرفي بشكل آلي كحال أضافة عائداتنا من رواتب وغيرها كما تجري اليوم معظم عمليات التسوق والتسديد عبر الانترنت ولو حصل طاريء –وهو نادر فيُحل بالتلفون أو الانترنت خلال دقائق أو ساعات قلائل بالكثير. المصرف اليوم هو عصب الحياة وفيه تسعد أوتشقى حياة الناس... حسرتي علينا في بغداد أم الدنيا متى يصلنا الربيع الاوربي ويغادرنا الخريف العربي.. اللهم عجل بوصوله.