البرلمان هو الجهة التي تشرع القوانيين ويراقب أجهزة الدولة أي له وظيفتين أحداهما تشريعية والأخرى رقابية وهذه هي وظيفة وجود البرلمان في أي بلد ديمقراطي في العالم، أما تنفيذ هذه القوانيين بكل تشعباتها إن كانت إقتصادية أو خارجية أو داخلية أو دفاعية فهو من إختصاص الحكومة ، فلايمكن للحكومة أن تتدخل في عمل البرلمان ولا البرلمان أن يتدخل في عمل الحكومة ، لأن أي تدخل سيعرقل عمل أحدهما الأخر وسيعطي نتائج سلبية لعمل الدولة بشكل عام بكل مؤسساتها التشريعية والتنفيذية والقضائية ، فمن أهم مقومات الدول الناجحة هو أحترام هذه المؤسسات إحداهما الأخرى والأمثلة كثيرة في العالم تؤكد هذه العلاقة ما بين النجاح وأحترام المؤسسات بعضها لبعض ، أما العراق فهو البلد الديمقراطي الوحيد في العالم الذي لا تعرف فيه أعضاء البرلمان من أعضاء الحكومة أو أعضاء القضاء ، فالجميع يصرح في إختصاص الجميع فأعضاء البرلمان يصرّحون في عمل الحكومة ووزاراتها المختلفة , فعضو البرلمان يصرّح عن العلاقات الخارجية ويفضل العلاقة بهذه الدولة أم تلك حسب هواه وهوى قائمته وليس مصلحة البلاد العليا ، وهذه التصريحات أدخلت الحكومة في كثير من الأحيان في مواقف محرجة مع الحكومات المختلفة وخصوصاً المجاورة للعراق ، أما الدفاع فلم يترك عضو البرلمان صغيرةً أو كبيرةً في وزارة الدفاع إلا وتحدث عنها إن كانت سرية أم لا ، المهم عند عضو البرلمان التصريح فهو كما يعتقد أنه مسؤول في الدولة ويمكن له أن يقول ما يشاء فليس يعنيه شئ ألمهم التصريح أمام الإعلام والصحافة ، أما الخدمات والأستثمار فحدث ولا حرج فعضو البرلمان لم يترك يوماً إلا وصرّح عن الكهرباء وحل مشكلته بمختلف الطرق وتكاليفها المادية التي لم يعلم بها وزير الكهرباء لا من قريبٍ أو بعيد وهكذا النقل والزراعة والإستثمار ، بعد كل جلسة برلمانية يتسابق البرلمانيون الى المايكروفونات حتى يصرّحون وفي بعض الأحيان يصلون الى منصة الصحافة في وقت واحد فالقوي يدفع الضعيف ويتمتع بلذة التصريح ، ولايعتني عضو البرلمان بالدقة والصدق وحساسية الكلمات فتلاحظ تصريحاتهم يضرب بعضها بعضاً وحتى الحياء قد رفع من كثرة الهراء ، فأعضاء البرلمان في العراق أشهر من الوزراء ويعرفهم الشعب أكثر من الأدباء لأنهم قد ختموا البلاغة من كثرت التصريخ ، يتفنون بإخراج الجمل من اللسان حتى يلاقي تصريحهم كل الإهتمام ولا يهتمون بعواقب الكلام حتى إذا أدى الى الكوراث والإجرام ببساطة سيصرّحون إن الإعلام لم يفهم كلامنا ولم يستخدموا الصحاح لبلاغته في التفسير ، فمثلاً بعض أعضاء البرلمان يصرّحون بجلب لجان دولية للتحقيق بحوادث الحويجة ولم يفكروا بسيادة العراق والتدخل بقضاياه الداخلية ، وأخر يصرح بتسليح أعضاء الوقف السني وأخر يصرح بسيطرة الصفويون على حكومة بغداد وبعضهم يريد التقسيم والأخر أرجاع البعث الصامد وغيرها من التصريحات ، فماذا يريد أعضاء البرلمان من هكذا تصريحات هل هو خير العراق أم يصب في مصلحة العملية السياسية أم يبين للعالم مدى الحرية في بلاد النهرين ، فالحياة السياسية عندنا مهددة بالدمار من كثرة الكلام وعدم الإحترام إذا لم يقنن الكلام ويردع المصّرح بالقوانيين ويحترم كل مسؤول منصبه وصلاحياته وإلا فالعراق يتجه الى الضياع فعود كبريت واحد يحرق غابات وبعض الكلمات تهدم ألأوطان وتقتل الألاف ، والجميع معني بهذا الكلام فيجب الإسراع بالقضاء على كثرت التصريحات ونشر الوعي بين أعضاء البرلمان بخطورة الكلام وردع الثرثار منهم بقوة القانون وإلا فالعراق وأهله نتيجتهم الدمار.