حتى السجين أوجلان لا يقيم وزناً لحكومة وشعب العراق

 

اتفق حزب العمال الكردي مع الحكومة التركية على ايقاف العمليات المسلحة وسحب مقاتليه وهم اكراد يحملون الجنسية التركية إلى الأراضي العراقية.

أوجلان يرزح في سجن تركي، محكوم عليه بالسجن المؤبد، بتهمة الإرهاب، ولولا طموح الحكومة التركية لعضوية الإتحاد الأوروبي لكان رميماً تحت التراب، وحزبه منظمة إرهابية، ومدرج على قائمة المنظمات الإرهابية لدى الأمم المتحدة والحكومة الأمريكية ودول الإتحاد الأوروبي وحلف الناتو.

سيترتب على الإتفاق المبرم بين حزب إوجلان وحكومة أردوغان دخول الألاف من المقاتلين الإرهابيين، وفقاً للتصنيف الدولي، لينضموا إلى الألاف المؤلفة من الإرهابيين، العلنيين مثل منظمة خلق أو منافقي خلق الإيرانية، والمتوارين من بقايا النظام البعثي والقاعدة وغيرها من المنظمات والجماعات الإرهابية.

يرجح أيضاً جلب مقاتلي حزب العمال أسلحتهم الثقيلة والخفيفة، وحتى لو لم يحدث ذلك فهؤلاء المقاتلون متمرسون على حرب العصابات، ولا يتورعون عن استعمال الوسائل الإرهابية لتحقيق أغراضهم، ويشهد على ذلك سجلهم الدموي، ومسؤوليتهم عن تفجيرات وسط المدن وعمليات إغتيال، كما أن حصولهم على السلاح في العراق ليس بالأمر الصعب، وهم بالتالي يشكلون تهديداً قائماً أو كامناً لأمن العراق.

والخطر الناجم عن دخول مقاتلي أوجلان لا يهدد الأمن فقط بل وحدة واستقرار العراق، إذ يتزامن مع احتدام الخلاف المستعصي بين الحكومة المركزية وكردستان العراقية والتهديد المتكرر للأخيرة بالإنفصال من طرف واحد عن العراق، وما يثيره من احتمال نشوب صراع مسلح بين الطرفين حول الأراضي والحقوق النفطية.

الحكومة العراقية اخر من يعلم، مثل الزوج المخدوع، أو على الأقل اخر من يكترث، إذ لم ترفع عقيرتها بالاحتجاج والاستنكار إلا بعد بدأ دخول أتباع أوجلان، فكان رد فعل الاتراك صمت الإزدراء والإرهابيين الاكراد اللامبالاة الوقحة.

ليس مستغرباً أن يتعامل الأتراك مع العراق وأهله باستعلاء وعجرفة، فهم مجبولون على العنصرية كما يبدوا، أو الكثير منهم على الأقل، إذ يقدسون الصنم التركي العنصري أتاتورك، ويصوتون لأردوغان الحالم بإحياء دولة سلاطين آل عثمان، ليعيد أمجادهم الاستعمارية الدموية المبنية على جماجم وأشلاء ودموع الملايين من المسلمين وغيرهم الذين ابتلوا بالحكم العثماني على امتداد قرون عجاف، ولا ينفك أردوغان من التدخل في الشؤون العراقية وتوجيه الإنذارات والتحذيرات والتهديدات العلنية لحكومتها.

ويبدو بأن اوجلان واتباعه الإرهابيين لا يقلون عجرفة واستهانة بحقوق الآخرين من أخوانهم الأتراك، ولعلهم أصيبوا بالعدوى من أخوانهم في كردستان العراق، وافترضوا خطئاً بأن حلمهم بدولة كردية غنية بالنفط تتشكل من أشلاء العراق وسورية قد غدا قريب المنال، وقد نسوا بأن الأتراك وبعد أن استخدموهم لتصفية الأرمن وغيرهم من الأقليات غير المرغوبة بها انقلبوا عليهم ونكلوا بهم.

أما الحكومة العراقية فهي الجانية على نفسها وشعبها، وتستحق ازدراء الأتراك ولامبالاة أرهابيي اوجلان، لأنه من يهن يسهل الهوان عليه، وقد اهان الأتراك وحزب العمال الكردي حكومة العراق وسيادته مرات ومرات، فلم ترد عليهم هذه الحكومة بغير الشكوى والاحتجاج.

إن دخول مقاتلي حزب العمال الإرهابي إلى العراق بإتفاق مع حكومة تركيا انتهاك سافر وخطير لسيادة العراق بل هو عدوان من تنظيم إرهابي بمساعدة دولة عضو في الأمم المتحدة، ويحتم جملة من الإجراءات على الحكومة العراقية، أولها أن تتحمل مسؤوليتها عن حماية الحدود العراقية بالكامل، ومن دون أي اعتبار لمواقف حكومة اقليم كردستان، وعليها اصدار الأوامر الفورية للقوات العراقية بإيقاف دخول الإرهابيين، والتصدي لهم ولمن يساندهم بالقوة إن تطلب الأمر، كما ينبغي على حكومة العراق تعليق روابطها الدبلوماسية مع تركيا، واغلاق حدودها معها، وايقاف علاقاتها التجارية معها وتصفية أعمال الشركات التركية العاملة في العراق والبدأ فوراً بإيجاد خط بديل لنقل النفط العراقي، وتقديم شكوى إلى مجلس الأمن ضد تركيا، ودعوة الجامعة العربية لإجتماع طاريء للبحث في هذا العدوان، وفي حالة رفض الجامعة القطرية (العربية سابقاً) التجاوب مع الطلب العراقي فيكون الرد بسحب سفيرها المعتمد من الجامعة وتعليق مشاركتها وطرد ممثلي الجامعة من العراق.

هل تجرأ الحكومة العراقية على اتخاذ هذه الاجراءات المحقة رداً على العدوان التركي – الإرهابي على سيادة وأراضي العراق؟ على الأغلب والأرجح ستكتفي الحكومة العراقية بالشكوى والاحتجاج من خلال وسائل الإعلام، فهي متعودة على الهوان، والأكراد في كردستان يفرحون بهوانها، وكثير غيرهم في العراق أيضاً، وكذلك دول الخليج والجامعة العربية ورئيستهم المطلقة قطر، وهم أقرب إلى تركيا مودة منها إلى العراق، فلا يكترثون لهوان العراق بل يتمنون تقسيمه واندثاره.

ليس وحدها حكومة العراق تهان من قبل تركيا واتباع أوجلان، وليس المالكي وحده ساكت على الهوان، بل كل العراقيين، ومن يهن يسهل الهوان عليه، ولا افتخار إلا لمن لا يضام، وبعد فماذا بقي من هيهات منا الذلة؟