قيل الكثير عن ارتفاع سعر الدولار، وبعبارة أخرى انخفاض سعر الدينار العراقي، وهذا هو الوجه الحقيقي لقضية الدولار التي تنعكس على حياة المواطن البسيط في كل تفاصيلها ابسطها واعقدها، ففي نهاية الأمر سيتبين اثر ذلك على القيمة الحقيقية لدخل الفرد. ورجوعاً الى ما كتبت سابقا فان الدخل النقدي هو عدد الوحدات النقدية التي يضمها الدخل، كان يكون راتبك (دخلك) خمسمائة ألف دينار، لكن دخلك الحقيقي هو كمية السلع والخدمات التي تحصل عليها من استخدامك هذا الدخل. وهنا لابد أن نتوقف عند أول تهديدات التضخم لحياة الفرد، فمع ثبات هذا الدخل وارتفاع أسعار السلع والخدمات تنخفض قدرة الفرد الشرائية، وبتعبير أدق ينخفض دخله الحقيقي. هذا الارتفاع في الأسعار مرده أسباب كثيرة ولكنني أود التكلم اليوم عن جانب محدد وهو سعر الدينار العراقي تجاه الدولار. إجراءات السلطات النقدية تسببت في ارتفاع ملحوظ لسعر الدولار تجاه الدينار العراقي مما انعكس على مستويات الاسعار وهذا ما يمس تفاصيل حياة المواطن وأسباب معيشته. اليوم السعر يزداد مرتين: الأولى: عندما يرتفع سعر الدولار، فالسلعة التي كان سعرها دولارا كانت قيمتها تعادل 1100 دينار عراقي، أما بعد ارتفاع الدولار الى 1250 فان سعرها صار 1250 بدل 1100. الثانية: ان التاجر عليه ان يحصل على الدولار بسعره الجديد -بعد الارتفاع - ولذا سيحمل السعر بالدينار العراقي هذه الزيادة وسيتحملها المواطن بكل بساطة....!!!! اذن هذا الارتفاع البسيط في نظر البعض يؤدي الى زيادة اكثر من نسبة الارتفاع الأصلية، وما يهم هنا ان من يتحمل ذلك هو المواطن ذو الدخل المتواضع، وسيدفع كلفة مغامرة من مغامرات هذا المسؤول او ذاك. من الجدير بالذكر ان موظفي بعض الجهات لا يتأثرون لان الرؤساء يبادرون مباشرة الى رفع مستويات رواتب موظفيهم تحت بند "الخطورة"!!! عدا المواطن العادي الذي عليه ان يدفع ضريبة تغيير محافظ البنك المركزي، وان يدفع ضريبة غلق الحدود مع الاردن وانقطاع السلع وارتفاع أثمانها، وان يدفع ضريبة تدهور الوضع السياسي والأمني في سوريا وغياب مجهز ارخص من كل مجهزي العراق للسلع الاستهلاكية، وهو من يدفع ثمن الحصار الاقتصادي على إحدى دول الجوار ومواساة البعض لها وبالتالي شراء المخلفات والجيد والرديء من سلعها وتصريفه في السوق العراقية، وهو –المواطن العادي– من يدفع في النهاية كل الفوائد لاولئك الذين يقومون بغسيل أموالهم. من جهة اخرى: المواطن العادي مشمول بضريبة الدخل. المواطن البسيط لا يمتلك دارا ولا يعطى مخصصات سكن كما هو حال أصحاب الدرجات الخاصة. هذا المواطن عليه ان يدفع ثلاثة ارباع راتبه ايجارا لما يمكن ان يسمى بيتا يسكنه، وهو يشتري "السايبه" التي لا تصلح للاستهلاك البشري ليس إلا لانتفاع احدهم من هذا المشروع الفاشل اقتصاديا، وهو من يذهب الى المركز الصحي فلا يجد علاجا لأمراضه، وهو من يصرف له دواء فاسد فيموت او يتعوق او او .. ولا يحق له الكلام وفي النهاية هو الذي يمر في الشارع ليعمل حتى يستحصل قوت يومه فتلتقيه سيارة مفخخة تقضي على ما بقي منه ومن دنانيره.
|