هل أنتهت لعبة لي الأذرع..؟

 

سألت نفسي مثلما سأل كثير غيري أنفسهم، ما الذي دفع العلاقة بين الحكومة المركزية وحكومة أقليم كوردستان الى حافة الأنهيار؟.. وما الذي حدث، بحيث أن زيارة اليوم الواحد التي قام بها رئيس حكومة الأقليم الى بغداد أوقفت تدهور هذه العلاقة..؟

وسأكون صريحا جدا كعادتي، وهي صراحة تزعج كثيرين، وسيقول لي ساسة يحسبون أني قريب منهم، أو أنهم قريبين مني: شعليك..!

لا يا سادتي ليس "شعلينا"، فقد كنا "نشتعل"..ووصلنا بسبب هذا الوضع الى جرف هار ربما كان سيلقينا الى هوة بلا قرار، وخسرنا الكثير من الوقت أمضيناه في حرق الأعصاب وحرق فرص البناء، ناهيك عن أن دماءا غزيرة سالت بسبب ذلك الحال..

وللأجابة، لابد أولا من تقرير حقيقة أن إنشاء أي تحالف يقتضي أن يوجد قبالته ما يعارضه..وهكذا فإنه وفي بداية ألأزمة بين الحكومة المركزية وحكومة الإقليم، تساءلت أذا كان تحالف أربيل الذي ضم الذين بدوا لأول وهلة أصدقاءا للكورد، فمن هم الذين يقفون قبالة هذا التحالف؟

وتتذكرون أيضا أن الصراع كان منذ تشكيل الحكومة منحصرا بين إئتلاف دولة القانون والقائمة العراقية، أو على صعيد الشخوص بين المالكي وعلاوي، وحينها أمضينا قرابة الثمانية أشهر نترقب لعبة لي الأذرع التي أفضت في نهاية المطاف الى تشكيل حكومة برئاسة المالكي...

العراقية لم تستسلم، ولم تذهب الى الشراكة السياسية مثلما قضى بذلك إتفاق تشكيل الحكومة، نعم شاركت في الحكومة بعدد من الوزراء لكنه "إشتراك" وليست "مشاركة"، وليس الذنب ذنبها وحدها، إذ يتحمل الطرف الآخر قدرا كبيرا من مسؤولية عدم بناء جسور الثقة، وكان أجدر ولمصلحة الوطن أن ينزل البعض عن بغالهم، ويتقدمون بعضهم نحو بعض خطوات ليلتقوا عند منطقة وسطى، ليست بين الجنة والنار، لكنها مساحة صالحة يقف فوقها من يسعون لخدمة الشعب..

تحالف أربيل كانت نتيجته أن تحولت وجهة الصراع، الى صراع بين دولة القانون والقوى الكوردستانية، أو بين الحكومة المركزية وحكومة الإقليم، أو بصورة شخصانية بين السيدين البارزاني والمالكي..

ولما طال أمد الصراع تفتت القائمة العراقية، وفقد السيد علاوي موقعه كزعيم للقائمة العراقية، ونزعت القائمة العراقية ثوبها الوطني الذي ارتدته على عجل قبيل الأنتخابات البرلمانية السابقة، وبدى هذا الثوب غير مناسب لها، فخلعته، وحينها ظهرت ثياب بقية ساستها على حقيقتها، بعد أن باكرهم الهاشمي بخلع ثياب المسؤول وإرتداء ثياب القاتل..

الحقيقة التي لا يحجبها أرتداء نظارات سوداء مثل تلك التي يرتديها الصبية في أجهزة الحمايات، أن مخيمات ألاعتصام والاحتجاجات، هي التي دفعت الأمور باتجاهات لم يحسبها المتحالفون والمخالفون..! بل حتى لم يحسبها المعتصمون ومن عصمهم..!

القيادة الكوردية أدركت ولو متأخرة أن ما يجري على الأرض أكبر من الأعتصامات بكثير، وهو مرتبط بشكل صارخ بما يجري حولنا، إن لم يكن جزءا رئيسيا منه، ومنه ما يجري في سوريا، وأدركت أو تأكدت بالأحرى، أن ليس من أساس لصراع بين الشيعة والكورد، وأن الذين يدفعون الأمور نحو التأزيم في الاحتجاجات والأعتصامات هم من سنخ القوى العنصرية التي خبر الكورد قواعد الصراع معها، وبنوا فيدراليتهم على أساسه..

وقد بدت ألأمور واضحة للقيادة الكوردية، أن القيادات التي أعادت رسم صورة القائمة العراقية على أساس طائفي وعنصري، هي التي تعيق عملية بناء شراكة حقيقية.أما قيادات القوى الشيعية فهي جميعا وبلا أستثناء قد بحت أصواتها من التأكيد على التحالف الإستراتيجي بين الكورد والشيعة..

كلام قبل السلام: ليس ثمة وسيلة أفضل من الفشل لتحقيق النجاح..!

سلام...