لماذا التجأ نوري المالكي الى الاكراد؟ وهل التنازلات التي قدمها للمتظاهرين في الانبار لايمانه بمطالبهم ام من اجل الابقاء على منصبه؟

 

 

 

 

 

 

 

 

 

العراق تايمز /لم يعد بمقدور رئيس الوزراء نوري المالكي ان يتخلى عن هوايته في اللعب على اكثر من حبل في الساحة السيساسية العراقية،وهو الموقف المشبوه الذي خول له السيطرة الكاملة على جل مؤسسات الدولة الحساسة الأمر الذي مكنه من السيطرة الفعلية على مؤسسات الدولة العراقية الحساسة.

لقد عاد اليوم  وزراء الأكراد إلى حكومة المالكي، والكل لازال يتساءل عن طبيعة العلاقة الجديد او بالاحرى الصفقة التي اصبحت تجمع الطرفين، وبعبارة اوضع، ماهي حجم التنازلات التي تعهد بها نوري المالكي للاكراد  من أجل التفرغ لأولوية كبح الحالة العربية السنية المتمردة، خصوصا  بعد أن اصبح رهانه على ملل وتراجع المظاهرات الشعبية في مهب الريح، لان هذه المظاهرات تثبت في كل مرة جديدة تمسكها بقرارها، مع الاخذ بعين الاعتبار ما يتواثر من انباء حول الدعم المقدم للمتظاهرين من دول عربية "جارة وصديقة".

لقد شكل حادث الحويجة النقطة التي افاضت الكاس، والذي تلته جملة من التصعيدات التي استطاعت ان تحرك مكامن الرعب في نفسية المالكي، هو الذي اعتقد أنها ستبث الرعب في روع الحراك،خصوصا ان ردة الفعل من طرف السنة جاءت سريعة بعد المجزرة التي ارتكبوها في حق افراد الجيش الذين قتلوا من طرف مندسين حسب تعبير شيوخ العشائر في الانبار.

الحالة هذه دفعت بنوري المالكي لركوب قطاره من جل التوجه سريعا نحو الأكراد الذين كانت قيادتهم جاهزة على الدوام لعقد الصفقات، من دون أن تأخذ في الاعتبار الوضع الذي يعيشه العرب السنة؛ لأن منطقها الواقعي هو أن كلا الطرفين الشيعي والسني يُعد خصما لأحلام قادة الأكراد، بدليل الإجماع بينهما على الموقف من كركوك على سبيل المثال.

ومن اجل التوضيح حتى لا نكون ظالمين فان موقف قادة الأكراد لا ينسحب على الشعب الكردي الذي يرفض الظلم لأنه أكثر من عانى منه، وهو يشعر دون شك بثقل الطائفية الذي انتهجها نوري المالكي في العراق الجديد، وهم يدركون جيدا إضرار هذه الطائفية بمصالح كل العراقيين.

ان من مكن نوري المالكي في ارض العراق وتنصيبه ديكتاتورا جديدا ليست حنكته السياسية ولا ذكاءه الخارق بل تاتى له ذلك لانصياع اوامر اصحاب نعمته امريكا وبريطانيا وايران.

ان المواطن العراقي اليوم يقف في منعرج  بالغ الخطورة، ليس فقط لأن العرب السنة ثائرون على دكتاتورية المالكي، بل أيضا لأن فساد الرجل وحاشيتهطالت حتى ابناء جلدته من الشيعة الفقراء وعموم العراقيين ولولا الحشد المذهبي وتسخير واجهات حزب الدعوة الاقتصادية  لكان وضعه أسوأ بكثير؛ الأمر الذي لا تعكسه نتائج انتخابات المحافظات التي سيطر عليها بالبيع والشراء.

ما الاحداث التي تدور مجراها في العراق تنذر  بشر كبير، ذلك أن اندلاع حرب طائفية فيه سيجعل البلد حمام دم أسوأ بكثير من سوريا،سيتقاتل فيها ابناء المحافظة الواحدة.

اليوم يبدو المالكي انه مستعد لقديم بعض اتنازلات للعرب السنة، لكن السنة يعتبرونها  تنازلات محدودة، مع صفقات جانبية مع رموزهم، وبالطبع لكي يواصل حكم العراق، وليس لشيء آخر، فضلا عن إدراكه لحقيقة الحرب الطائفية وتبعاتها، ، ثم إن سيرة التعامل معه لا تبشر بأي خير، ووزراء العرب السنة لم يكونوا سوى واجهة يختفي من خلالهم بمسمى حكومة التوافق، بينما هو يمسك بالبلد طولا وعرضا.

في هذه الأجواء يتسع نطاق الميل لدى العرب السنة نحو الفيدرالية التي ستكون مقدمة للتقسيم، علما ان ذلك لا يبدو حلا عمليا، إذ سيترك جزءا كبيرا من البلد في قبضة إيران بشكل كامل، ويضر بعموم الوضع الداخلي بينما تبشرنا التطورات في المنطقة، ولو في المدى المتوسط بتقليم أظافر إيران وإعادتها إلى حجمها الطبيعي.

المطلوب في سياق الرد على هذه الأوضاع هو فتح حوارات مع الكتل الشيعية الأخرى من أجل خريطة طريق للحل، تبدأ بسحب الثقة من المالكي، وتمر بحكومة انتقالية، تمهد لتعداد سكاني جديد، وقانون انتخاب عادل، ثم انتخابات، يليها دستور جديد، فحكومة وحدة وطنية لكل العراقيين من دون تمييز فيما بينهم.

لا مصلحة لأحد في الحرب الأهلية، كما لا مصلحة لأحد بأن تبقى إيران ولا اية دولة جارة اخرى سيدة في العراق تتلاعب بقواه السياسية كيف تشاء، فضلا عن أن تمضي به نحو خيارات بائسة من بينها التقسيم، وأسوأها الحرب الأهلية التي ستجر علينا الكثير من الويلات.