امريكا لاتغادر العراق ...! |
ان اية متابعه لسيناريوهات امريكا القريبة او تلك التي وضعها هنري كيسنجر في بدايات انتمائه للادارة الاميركية في زمن الرئيس ( نيكسون )، سيجد ان تلك السيناريوهات تكاد تطبق بكل دقة ؛ رغم ادخال بعض التعديلات عليها بين فترة واخرى لمتطلبات ديناميكية الحياة الجارية على الارض ومتغيراتها ، والامر بموجب تلك الخطط المرسومة يشمل جميع المنا طق الاكثر سخونة في الارض ، وليس منطقتنا التي اطلقت عليها اسرائيل منطقة الشرق الاوسط ( في حين كان اسمها السابق الشرق العربي ) وقد طمست هذه الكلمة وحل محلها الشرق الاوسط التي راح يرددها الاعلام الصهيوني ومجمل الاعلام الغربي الى ان استقرت في عقول العديدين ، وراحوا يكررونها بشكل ببغاوي ، حتى ان بعضهم لايعرف لماذا اطلقت . وهذه القياسات الشرق الاوسط والشرق الادنى والشرق الاقصى وضعت لتقاس تبعا لموقعها من امريكا ليس غير ، والمتتبع للخارطة لايجد لاوربا كبير شأن في ذلك . وهنري كيسنجر في بدايان تسلمه مهامه مع الرئيس نكسون وبخبرته المعروفة التي ابهرت الادارة الاميركية ، وهو الاستاذ الجامعي المتمرس واليهودي الحاذق . طلب من الادارة الاميركية ما ان تسلم مهمته مستشارا للامن القومي ، قبل ان يصبح وزيرا للخارجية ان يقوم بزيارة الى دول الارض ، . وفعلا تمت تلك الزيارة التي استغرقت اكثر من شهرين يرافقه فيها فريق اختاره كيسنجر ، وانه راح يتنقل من دولة الى اخرى ومن اقليم الى اخر ليضع نفسه موضع الترمو متر لقياس ولاءات تلك الدول التي يزورها لاميركا وموقفها من قضية فلسطين والحركة الصهيونية ومحافل الماسونية ومستقبلها . ويسجل هو وفريقه المتخصص الملاحظات . وبقدر تعلق الامر بمنطقتنا وبالعالم الثالث ، كانت حصيلة تقاريره نذكر منها كنموذجا سريعا سربها الاعلام في حينه : ان هنالك دول يجب ان تدمج ومناطق ينبغي ان تبتلع واشخاص عليهم مغادرة الارض .. وكيانات قوية لابد من ان تتفتت وتتجزأ .. ! ومن ضمن الاشخاص الذين رأى كسنجر ان يغادروا الارض هو الملك فيصل بن عبد العزيز ، عندما اخبرته الدبلوماسية السعودية بان هنري كيسنجر سيزوره ، فاشترط الملك لتلك الزيارة او اللقاء ان يصلي في العام القادم في القدس ، وكان جواب كيسنجر انه لايضمن ذلك ، والشخص الثاني الذي ينبغي ان يغادر الارض وفقا لمشورة كيسنجر هو شاه ايران ، حيث وجد كيسنجر ان ذلك الشرطي قد تمرد على امريكا ، بينما كان سابقا ينفذ برامجها ورغباتها كونه اداة ضاغطة على شعوبها وحكامها . اما الشخص الثالث الذي ينبغي عليه ان يختفي فهو ذوالفقار علي بوتو صاحب الباكستان . في حين كانت زيارة كيسنجر للفلبين مخيبة لامال امريكا ، حيث وجد ماركوس ايضا قد شب عن الطوق والتفت الى شعبه ليبني بلدة ولم يأبه باميركا ، اما الحاكم الاخير فهو عمر بونجو حاكم الغابون عندما اسلم 1973 ، الذي قرر كيسنجر ان ينتهي . ومنذ ذلك الحين راحت المخابرات الاميركية والادارة والبنتاكون تشتغل على اقصاء هؤلاء ، وعلى تنفيذ الواجبات الاخرى التي رسمها كيسنجر . ومعلوم ان كل واحد منهم دبر له مقتل واقصي وابعد عن الارض ، الا عمر بونجو ، الذي غير بخططه لصالح امريكا والصهيونية ، سيما والكابون غنية باليورانيوم والبترول . في حين اعدم علي بوتو ولم يسمع الذين نفذوا به حكم الاعدام توسطات كل زعماء العالم له . على ان يحولوا دون اعدامه الا انه اعدم وكان ذلك الاعدام بضغط خفي من كل الجهات الاميركية ، والا هل يصح ان يكون علي بوتو الى جانب الاتحاد السوفيتي وهو في قلب اسيا ! ( ذلك لايجوز في العرف الاميركي ) وهذا يعني ان سياسة القطب الواحد بدأت تحاك خيوطها ، وراحت تخفت صيحات الحرب الباردة . وحدث انهيار الاتحاد السوفياتي الذي كان من اولى مهمات زيارة كيسنجر وفق ما سربته بعض الاجهزة الاعلامية البعيدة . والولايات المتحدة ( وهذا معروف جدا ) تستهلك ربع انتاج العالم من النفط ، وان ادارتها الحربية وماكنتها الصناعية وحياة شعوبها اليومية تعتمد على النفط وهو غزير في بعض مناطق العالم ، ولكنه الاغزر في منطقة الخليج والعراق . وهي المناطق الاكثر رخاوة تحت القدم الاميركية ، وسهولة الوصول اليها لايحتاج الى مزيد عناء والتضحيات وخاصة بعد انهيار الاتحاد السوفيتي ، وبروز سياسة القطب الواحد على ارض الواقع . وتنفيذا لسيناريوهات كيسنجر ، راح الذراع الاميركي يمتد الى هذه المناطق بهدوء ، واحيانا بافتعال ازمات ، وتارة بالترغيب والترهيب .. الى ان اطبقوا على المناطق وابتلعوها وابتلعوا العراق ، وراح التفكير ينصرف الى الشرق الاوسط الكبير ، وسحقا للشرق العربي . ولقد فضح ذلك الرئيس فورد في احد تصريحاته ، بأن مكمن قوة اميركيا يتمثل بمصادر النفط ومنابعه ، ولابد من السيطرة عليه بكل ثمن ، قالها بصريح العبارة دون رادع او وازع ( ومن يكون الرادع او الوازع وهو يسيطر على العالم ) .. ! رغم ان الكثير من المحللين السياسيين يصف فورد بانه ليس ضليعا بالسياسة وان اغلب تصريحاته هي شطحات لسان . الا ان الذي حصل هو فعلا وكما اراده فورد وارادت امريكا . وكانت من نتائج هذا الاطباق وهذا التواجد الضخم للالة الحربية الاميركية ، الربيع العربي . الذي سيطال جميع الدول العربية ومن ثم الالتفات الى الدول الاسلامية .. حتى ولو كانت تسبح في فلك امريكا ، كون امريكا تريد ان تشكل تلك الدول وفق مشيئة اسرائيل ( وسايكس بيكو جديدة ) وايغالا في تطبيق ذلك واستمرارا لتواجدهم خلقوا كيانات موالية لهم او مهددة من قبلهم بالزوال ، او كيانات كبلوها بقرارات الامم المتحدة ، وحرضوا عليها جهات اخرى يحركونها ضد بعضها . والا بماذا تفسر ( ان مشيخة الكويت ذات 650 نسمة تتحكم بشؤون العراق ذي 35 مليون نسمة ) تحت طائلة البند السابع وامريكا تصرخ وتنعق وتلهج بحماية الشعوب وحقوق الانسان والمساواة وسواها من التراهات السمجة . ومعلوم ان سياسة ضرب الدول ببعضها وفرق تسد انتهجها العثمانيون قبلهم والانكليز ايضا ، وهي لاشك سياسة مكشوفة . والعجيب ان امريكا تظهر للعالم بانها حريصة على الانسان وحقوقه ، وتريد بناء الديمقراطية والنموذج الطيب ، في حين الذي يحصل في البلدان التي تحت هيمنتها يختلف تماما عما تمارسه في بلدها من ديمقراطية . وهي تكيل ليس بمكيالين فحسب ، بل بمكاييل متعددة ، وحسب سياستها ومصالحها وامنها القومي . وان اي واحد من فقراء السياسيين يصدق ما تقوله امريكا بانها ملك الديمقراطية في العالم فهو واهم ، بل هي ملك الدمار والخراب وتفرقة الشعوب ونهب الثروات والسيطرة والهيمنة والاستغلال والاستعباد ، واختلقت لذلك ادوات منها العولمة والتفوق الالكتروني والجيش المقتدر والشعب الاميركي نموذج ، والتجارة العالمية وصندوق النقد الدولي . ( ومجلس الامن الذي هو اكذوبة الزمان ) ( وهيئة الامم التي هي هيئة امريكية ) .. وان هذا التفوق الاميركي ( اي انتصار النظام الالكتروني على النظام الالي ) وضع كثير من مقدرات الشعوب تحت سطوة امريكا والا ما معنى ان تبتني امريكا اكبر سفارة لها على وجه الارض في قلب بغداد . كونها تعرف ان العراق يشكل قلب الشرق العربي النابض ، والممر الاقرب جويا وبريا وبحريا الى جهات اسيا واوربا ، وهو حلم كان يراود امريكا بان يكون لها موطن قدم شرق البحر المتوسط ، واذا بها الان تخطط لابتلاع هذا الشرق كله بعد ان ابتلعت العراق الذي لم يزل تكبله بشروط البند السابع الجائرة وتحرض عليه كيان لايرتقي الى مستوى دولة من دول العالم . بل هو امارة كان له في الزمن القريب شأن اخر . واي واحد من مدعي السياسة يفكر بأن امريكا ستغادر هذه المناطق فهو واهم .. ربما يقول انسحبت جيوشها في العراق .. ولكن جيوشها في المتوسط والاحمر والعربي والخليج وفي الجزيرة وافغانستان وتركيا والان ربما في سوريا وربما في باكستان .. ! اين الانسحاب اذن ..؟ فماذا يعني ان اساطيلها وقواعدها تطوق المنطقة باسرها .. ودروعها الصاروخية موجهة الى صدور كل من يخالفها ، وتضرب بعنف ودون رحمة . ومن جانب اخر فأنها تدعّي بحقوق الانسان ورعاية الحيوان والرفق بالبيئة وحق الشعوب في تقرير مصيرها وما الى ذلك من الضحك على العقول قبل الذقون ..اذن امريكا جاءت لتبقى؛ وفقا لمقررات النبي كيسنجر ونبوءاته . والذي اقتطع اجزاء من اراضينا في غفله من الزمن ونهب ثرواتنا مستغلا ضعف تسليح جيشنا ؛ ذلك لم يدوم طويلا 0و الله اقوى من السلطان عبد الحميد 0 |