المثقف العراقي واللحمة الوطنية

 

 

 

 


لاشك تقع على عاتق المثقف العراقي مهام ومسؤوليات كبيرة في المرحلة الانية ، حيث يمر البلد بازمة خطيرة  تهدد هوية (المواطنة ) ، قد اثبتت تجربة السنوات المنصرمة  الفشل الذريع للسياسي العراقي في تدعيم وتعزيز تلك الهوية ، بل كان من الاسباب الاساسية في تمزيقها و ترسيخ بديلا عنها عناوين الهويات الثانوية (العرقية والطائفية والمناطقية والعائلية ) بما يخدم توجهاته او اهدافه المحصورة بالمصالح الحزبية الفئوية المرحلية الضيقة ، لذا اصبح واجب المثقف العراقي انطلاقا من ساحة الفضاء الواسع  لعمل ادواته المتنوعة تجسيد هوية المجتمع بكامله ،ليضمد جراح الوطن بعد طعنات الفتنة الطائفية واستقطاباتها الخبيثة في  السنوات العجاف الماضية ، باعتباره الناطق الشرعي لضمير الوطن والمترجم الامين عن مزيج سماته وخصائصه الفكرية والروحية ووعاء موروثه الحضاري الغني ، الا ان معطيات الواقع تسجل بوضوح  محنة حقيقية  تتشكل في ناحيتين ، الاولى فقر المنجز الثقافي العراقي المتصدي بحزم  لمقارعة الافكار التخريبية الهدامة في زرع الانقسام والتخندق بين مكونات الشعب ، والناحية الثانية تعتبر اكثر خطورة انزلاق قلم المثقف الى هاوية الانحياز الطائفي البغيض والاقرار بالتبعية السياسية ، وبذلك بدلا ان يكون عامل بناء وتوحد يتحول الى  عنصر تصادمي مهمته التراشق بالكتابات المتضادة غايتها التخوين والتسقيط والتاجيج والاستقطاب ،وبذلك حينها لايختلف منهجه عن اسلوب السياسي ، وليس هنا بصدد قراءة العلاقة الجدلية بين السياسي والمثقف ، حيث من الممكن ان يكون المثقف سياسيا ولكن خارج سطوة السياسة واسقاطاتها ، ولكن  من الصعوبة ان تكون مهمة السياسي كمثقف ، لان فضاء الثقافة اوسع من ضابطة السياسة وحيزها الضيق ، وتعود نقاط الاختلاف بينهما لاختلاف الادوات ومسارات الاهداف ، لذا ان حساسية الاوضاع التي نعيشها واشتراطاتها المعقدة وما فرضه الصراع السياسي بين الكتل المتصديه للعملية السياسية وتأثيرها المباشر على وعي الجمعي للمجتمع وغرس التخندق الظاهر ، تكون مهمة المثقف العراقي ملحة للتخلص من الانا السياسية والانفتاح على اخذ زمام الاصلاح ولم الشمل واللحمة الوطنية بشحن فكري لتغذية وعي المواطن  بروحية وطنية عالية تحقق الاحساس التام بانتمائه للعراق الواحد ، من خلال منجز قلم المثقف الكاتب  والفنان والصحفي والاعلامي  ، وتماشيا مع الم شاعرنا احمد مطر (جس الطبيب خافقي وقال لي......هل هنا الألم؟  ...قلت له نعم...فشق بالمشرط جيب معطفي....وأخرج القلم.