بعد سقوط النظام البعثي الفاشي بالبسطال الأمـريكي وليس بنضال الشراذم التي تبوأت الساحة , نـافخة أوداجها , بـاسطة أطرافها ليس لإحتضان الشعـب وضمـه فرحـاً بزوال نظام أعتنق الدكتاتورية وتمرس بهـا بعد أن درس عميقاً تجارب دكتاتورية فرانكو- إسبانيا وستالين - روسيا وفاشية هتلر – ألمانيا وموسليني – إيطاليا ـ وخـرج بحـصيلة غـنية معجونة بكل هذه "الكوكبة" من القادة ليضعها صـدّام نبراسـاً يسير عليه نحو فاشية كاملة "الدسم " بدأها بجهاز حنين الذي قصقص أجنحة "حمائم" البعث وصال وجـال في " ربـوع" الحزب فخلى له الجو ليصفر ويبيض كما يشتهي ويرغب ! لقد أذاق شعبنا خلال فترة حكمـه الأمــرّيـن , عـانت خلاله القوى الوطنية والتقدمية من ضيمه ما عانت ولم يوفّـر لأي قوى أخـرى متنفس يُشـَم منـه رائحـة " مـعـارضـة"!! فإذا كان صدّامـاً غـيـر رؤوف بـــ "رفـاقـه " فكيف كان مـع " الآخـريـن" !؟ سوف لن أسرد أحداثاً يعرفها القاصي والداني سواء على الصعيد الداخلي أو الخارجي , فمن قتله لمعارضيه الداخليين , لم يتورع في شـن حـروب عبثية من حـربه مع إيران الى إحتلاله للكويت "الدولة" الجارة وإذابتها بحوض ماء راكد بين ليلة وضحاها , ولم يُـعــــِـر سمـعـاً لكل مـن "أبدى" رأياً "سديداً" أو نظـر نظـرة شـاردة ًالى المستقبل الأسـود الـذي ينتـظـر العـراق أرضـاً وشعـبـاً فحاق ما حاق بالعـراق من تدميـر فظيع مـن قوى كبرى كانت تنتظر على الأبواب لتدخل بأية حجة و ما أكثرها في عهد البعث المرعب, طمعـا بما ستدره مثل هذه الحروب مـن موارد ومـا ستجره مـن نتـائـج على مستوى منطقة غنيـة وغبية في نفس الوقت يُـراد لها أن تصبح لقمة سائغـة وشهية , ورغم كل مـا جـرّه صدّام بـرعـونته ومغامراته على العـراق , أستغـرب من طول النقاشات في مجلس "النواب" حول " تجريم البعث" أو "إدانة البعث" أو "تحريم البعث" وكلها إجترار لكلمات , فأي منطق هـذا الذي يجعل كائن من كان أن يتردد في إدانة وتجريم وتحريم البعث بعد الجرائم والمهلكات من حروب داخلية بتصفية الوطنيين والإخوة الكرد بجرائم يندى لها جبين الإنسانية وأي إنسان عراقي شريف , كجريمتي حلبجة والأنفال وحروب خارجية مروعة مع إيران وإحتلال الكويت الذي كان القشـة التي قصمت ظهـر "النظام"و العراق أيضاً . من الطبيعي أن يكون هناك قانون صارم ضد كل مـن روّع العراقيين وسباهم وقتلهم ودفنهم أحياء , فلماذا التـردد ؟! وهـل يحتاج المتـردد الى دليل وأمـامـه عشرات الأدلة !
ووسط هذا الجو الإرهابي الذي يخيم على أجواء العراق حيث التفجيرات اليومية التي تنتقل من منطقة الى أخرى بسهولة ويسر لتحصد عشرات الأرواح سواء وهي تحتفل بزفاف جميل أم بمأتم حزين على قتلى تفجير آخــر , من أي طينة جبلوا هؤلاء القتلة الدمويين وهـل هـم بـشـر مـثـلنـا مـن لـحـم ودم ولـهـم قـلـب ينبض وعـقـل يُفَكّر ؟ أي عـقـل هــذا الذي يقتل لمجرد القتل ؟هل هـو روح الإنتقام لـسقوط نظام الطاغية صـدّام أم لأمــر "إسـلامـي" يستعصي عليّ أن أفهـمـه حتى لو بقيت العـمـر كلـه – بقي القليل منـه – أفـكـر بمـا خلّفــه النظام الساقط ونوعيـة " السياسيين" الذين وفدوا بعـده ! بالـرغم مـن خـطـورة الـوضــع وســوء أحـوال الشعـب المعيشية والأمنيـــــة وتشرذم الأحـزاب والكتل بل قل المحافظات وها قد مــر شهــور عـلـى مظاهـرات الإحتجاج في الأنبار والموصل وسامراء وكركوك وغيرهم إلا إن كل هـذا لم يجعـل الأمـور تتحسن بل من سئ الى أسوأ والمضحـك المبكي و المخزي إن جميع السياسيين يتغنون بــ "حــب " الـوطـن ويتشدقــون بــ "وطنيتـهــم" ويتسابقـــون في " الــذود" عـــن مـصـالح مناطقهم ومذاهبهم وعشائرهم وجيوبـهـم وينســون وطـن إسمــه الــعــراق !! أي عـار هـذا يكـلل جباهـهـم وهــم يـرون وطنـهــم يـضـيـع رويداً رويدا ورغـــم هـذا فَهُــم فـــــــــــي غبائهـم سـادرون ولمـصـالحـهـم حافظون وفي تعنتـهم غـارقـون. لـم تحـركهم كل هـذه التفجيـرات والضحـايـا وبعد أن خفت فضيحة أجهزة السونار التي أتضح إنها مجرد جهاز للبحث عن كرات الغولف وسعـرها لا يتجاوز 5 دولارات وضرب المفتش العام لوزارة الداخلية "الطريحي " على صدره بأنه لولا شهادته لما دخل التاجر البريطاني السجن – المثل العراقي يقول " عقب ما ضرطت غطت !"ولكن مسلسل الموت اليومي مستمر والدماء تغرق الشوارع وما زالوايكتفـون بالإدانات مثلـهـم مـثـل غـيـرهــم مـن الأعـراب أو الأغـــراب وكـأن هـذه الأرض ليســت مـن الأنـسـاب ! لمـاذا يستـمـر شعبنـا يـدفـع ثـمـن غـبـاء "الآخــريـن" دون أن يـحـرك سـاكـنـاً أو يـحـرك قطـعـة من قطـع الشـطـرنـج ويطيـح بالـمـلك ورعيتـه ؟!
طبعا أنا لا أحسد "السياسيين" على الخيرات التي يجنونها من " حرصهم " على الوطـن وفي مقدمتهم السيد رئيس الوزراء نوري المالكي الذي " يقبض" أعلى راتب في العالم !!! حسب دراسة جامعة بروكسل البلجيكية والذي يبلغ 3 مـلايين دولار أمريكي – لا حسـد - اللهم زيد وبارك ! وقارنتها مع رواتب المسؤولين في أمريكا وأوروبا وآسيا و لا أريد أن أذكر أفريقيا لأن رواتب مسؤوليها تكاد لا تذكر بجانب السيد المالكي , ولم تعلم الدراسة إن السيد المالكي يُشغـل عـدة منـاصـب في الدولة العراقية إبتداء من رئيس الوزراء وقائد القوات المسلحة ووزير الداخلية ووزير الدفاع الفعلي ومناصب لا أذكرها وكل منصب بحسابه مو بلاش !– على الجامعة مراجعة حساباتها وتدقيقها ! نحن لا نحسد السيد المالكي على "ثروته" ولكن نـأمل أن يكون "الأجـر" على قـدر المشقــة , فلا الأمـن مستتب و لا الإقتصاد متطور ومتقدم و لا القوانين مرعية بين الرعية و لا الإرهـاب توقف خوفاً مـن عيـن " الحكومـة" الحمــرة و لا الأحـزاب أو الكتـل تبنت موقفاً وطنياً يصون أرض العـراق وشعبه . وآخـر الأمـور التي لم "تُحْرِك" قلب الحكومة على الوطن هـــو خـطــر "إيجاد وطن قومي لكل أكراد تركيا وإيران وسوريا إضافة الى الإخوة الكرد في كردستان ليصبح العراق هو "الوطن القومي" نعم أحتجوا وأدانوا وأزبدوا وأرعدوا ولكن " سحابة صيف سرعان ما تنقشع " .
أعـود لأسـأل الى مـتـى يـدفـع الشعب دماءه ثمناً لغباء الآخـرين ؟! ومتى سيعـي شعبنـا إنـه لا بديل للوطـن إلا الـوطن
|