فيروس الكلمات!! |
هل تتحول الكلمة إلى فيروس؟ هذا ليس سؤالا عبثيا , وإنما جادا وعمليا!! الفيروسات تخرب أنظمة عمل الخلايا الحية , وتجعلها تنتج بروتينات غريبة لم تعهدها من قبل , فتضطرب وتتخاصم وتتسبب بتداعيات مرضية خطيرة. وللفيروسات قدرة عالية على التطفل وامتهان الخلايا , وتسخيرها لغاياتها الخفية الشرسة الفتاكة المدمرة للوجود البدني الحي. والكلمة ربما تتحول إلى فيروس , خصوصا الكلمة الخبيثة , عندما تتوطن أروقة الأدمغة البشرية , فأنها تؤثر على عمل خلايا الدماغ , وترغمها على التفاعل بأسلوب جديد , وآليات تتطابق وما فيها من قدرات العبث والخراب. فالكلمة الخبيثة كأي فيروس , يمكنها أن تصنع دوائرها الدماغية المتصلة بها , والمتعززة بقدرات التفاعل التصاعدي المتراكم , الذي يؤدي إلى صناعة حالة ذات إستجابات أوتوماتيكية سريعة وقوية. فعندما تتعزز أركان الكلمة في أروقة الدماغ , فأنها تؤدي إلى تفاعلات سلوكية مرتبطة بها , ومعبرة عن إرادتها وما تهدف إليه من الغايات والتوجهات والصيرورات التي تريد تحقيقها. وكل كلمة تدفع إلى سلوك يتوافق وما فيها من المعاني والمقاصد. فالكلمات الفاسدة ستصنع سلوكا الفساد , والكلمات الشريرة ستحقق فعل الشر. والكلمات الطيبة ستؤدي إلى عمل الخير. وهكذا هي أحوال الكلمات والسلوك , لأن الأدمغة البشرية يمكن برمجتها بالكلمات , ويمكن تدميرها بالكلمات , ويمكن تحقيق أخطر الإلتهابات والإضطرابات الفيروسية , بواسطة الكلمات الخبيثة المعبأة بطاقات إنفعالية سلبية , تزعزع أنظمة التفكير وتشل البصيرة , وتحيل البشر إلى دمية أو آلة أو فريسة لإرادتها ونواياها السيئة. وقد لعبت فيروسات الكلمات دورها المخرب في بعض المجتمعات , ولا زالت منتشرة , بل ويتم نشرها من قبل مختبرات توليدها ومصادر إطلاقها , لكي تعبث بالعقول وتدمر الأدمغة , وتحول أصحابها إلى ضحايا على مائدة الإفتراس الحضاري المروعة المعاصرة , المقنعة بأسمى المثل والقيم النبيلة. فهل سنعي خطورة الكلمة ونتوقى من فيروساتها الشرسة الباغية؟!! و"الكلمة الطيبة صدقة"!! |