العمران الديني!!

 

أرسل لي أحد الأخوة , رسالة إليكترونية فيها مقالة لكاتب يقول أن أحد أصدقائه الأجانب سأله , عن لماذا هذه المبالغة في بناء دور العبادة عند المسلمين , وبذل الأموال عليها , وهل هذه الأموال تبرعوا بها أم من المال العام.

وبرغم أن الكاتب حسِب السؤال خاليا من النوايا الخبيثة , وأهمها أن تمكن الكاتب من تسويغ السؤال , وتحويله إلى مقالة يتفق فيها مع رأي سائله.

وقلت للأخ المرسل , بأني قد شاهدت معظم معابد الديانات الأخرى المشهورة , وسألت عن الهدف من حشوها بأطنان الذهب , وما حصلت منهم على جواب.

وفي واقع السلوك البشري ونواياه ودوافعه اللاواعية , أنه أول ما قام ببنائه هي المعابد , والتي بدأ بتزيينها ووضع ما أبدعه من آيات الفن والجمال فيها.

ومنذ المعابد السومرية والبابلية ومعابد مصر القديمة وحتى اليوم.

يضع البشر ذروة إبداعه  وماله في المعابد , أيا كانت تسميتها , وهذا السلوك يكون مرتبطا بحقيقة الفناء وطلب الخلود.

فالمعابد تبقى أطول من أي بناء , أو معلم في الأرض , ولهذا فإن البشر في سعيه للخلود , يهتم ببناء ما هو خالد.

ولا توجد ديانة واحدة منذ الأزل , وحتى اليوم , من غير معابد قد بذخ فيها أصحابها , ووضعوا الذهب والمجوهرات.

وقد شاهدت معابدَ فيها أطنانا من الذهب , ومالا لا يصدقه العقل , وحولها جياع وفقراء ومشردين.

ذلك واقع السلوك البشري , ولا علاقة له بدين معين , فجميع الأديان تشترك بذات السلوك , ولا يمكن حصر السؤال بالدين الإسلامي.

فهل وجدتم دينا واحدا بلا معابد يبذل فيها أصحاب الدين الملايين فوق الملايين؟

ويبدو أن الدين الإسلامي أقل الديانات بذخا وترفا وبذلا في هذا الشأن , فلا تجد أطنانا من الذهب في أماكن العبادة الإسلامية بأنواعها ومسمياتها , مثلما تجده في معابد الديانات الأخرى , بل أن ما يميزها هو الإبداع العمراني الإسلامي المعروف بطرزه وتصاميمه الرائعة.

وأكبر مكان للعبادة هو الكعبة , وهي عبارة عن قطعة من الحجر مكسوة بقماش , ولو كانت في ديانات أخرى , لتراكم فوقها وحولها الذهب بكميات لا يتصورها العقل.

ولهذا فأن إعتبار المسلمين يبذلون كثيرا من المال في بناء الجوامع والمساجد وغيرها من أماكن العبادة , بالقياس إلى غيرهم من أصحاب الديانات الأخرى , إنما كلام فيه الكثير من عدم الموضوعية والمصداقية , وربما يهدف إلى غايات في نفس ألف يعقوب ويعقوب!!