ذكورية التمريض يقلل أنسانيتها

 

التمريض مهنة سامية من أشرف المهن على وجه الأرض. تتفاخر الدول الغربية و الإسلامية بأول ممرضة على مدى التاريخ وهي فلورانس نايتنجال. ولكن الحقيقة الأكيدة أن أمهاتنا الصحابيات هن أول من قام بهذه المهنة وذلك في عهد الرسول (ص) . رفيدة بنت كعب الأسلمية أول ممرضة في التاريخ وفي عهد الإسلام. حينما كانت تمرض المصابين والجرحى في حروب المسلمين . ولها خيمة لمداواة الجرحى، ولما أصيب سعد بن معاذ بسهم في معركة الخندق قال النبي أجعلوه في خيمة رفيدة التي في المسجد حتى أعوده، وتقديراً من النبي لجهودها في غزوة خيبر في مداواة الجرحى وخدمة المسلمين فقد أسهم لها بسهم رجل مقاتل .
من أقدم العلوم ومن حيث وطأت قدم الانسان الأرض فعناية الانسان بالإنسان والعناية بالطفل وعيادة المريض والسلام على الاّخرين ورفع الجانب النفسي كلها تعني تمريض , عرفت من اور وبابل والرومان والأغريق والهنود وأستخدمتها بعض الثقافات للدجل والشعوذة , ولكن العرب شرفوا هذه المهنة بممارسة شيوخهم ورؤساء القوم لها حتى ان فاطمة الزهراء ( ع) كانت تداوي جراح الرسول الكريم (ص), التمريض سبق كل العلوم ولكنه ظلم بالنظرة السلبية التي توارثت , أول من مارس المفاهيم الغربية الأوروبية للتمريض خلال القرون الوسطى هم الرهبان الكاثوليكيون.نمادج مشابهة للعناية بالمريض كانت تمارس في نطاق أديان أخرى في الشرق الأوسط وآسيا.
خلال القرن السابع عشر كان التمريض يمارس في أوروبا من طرف السجناء رجالاً و نساءً على حد السواء ، عزز بعض الأطباء هذه الرؤية الدنيوية للممرضات لكي يثبتوا تفوقهم واهميتهم في المجال الصحي، إلى ان أصبحت "فلورونس نايتينغال" ممرضةً، وهي امرأة متعلمة تنحدر من عائلة من الطبقة الوسطى.ساهمت في تحسين مهنة التمريض بشكل إيجابي و أصبح الناس ينظرون لمهنة التمريض بتقدير واحترام , وتطورت بفعل ممرضات عديدات من بينهن: (ماري سيكول) التي إشتغلت بالتمريض خلال الحرب،(اغنيس إيليزبيت جونس) و(ليندا ريتشردس) اللتان يرجع لهما الفضل في إنشاء مدارس تمريض من جودة عالية في اليابان وأمريكا , (ليندا ريتشردس) أول ممرضة مدربة بطريقة احترافية في تاريخ أمريكا بعد تخرجها من مستشفى النساء والاطفال بمدينة بوسطًون سنة 1873.
, النظرة السلبية للتمريض جعلت منه في تراجع مستمر في مجتمعاتنا, لأن عمل المرأة يتطلب تواصل الليل بالنهار كما متعارف عليه في كل العالم , التقاليد العشائرية للمجتمع ونظرته السلبية قلل من الأنخراط في المهنة من النساء وتفوق أعداد الرجال , حتى أصبح في ردهات رقود النساء يقوم بذلك الدور الرجال , المرأة وما تحمله من عطف وأعتبارها منبع للحنان وطبيعة الرجل للقوة وبذلك تتصف بالصبر والرقة , وتلبية متطلبات المريض بحاجته للعطف والأهتمام . 
في نظرة سلبية أخرى ان من تمتهن التمريض من العوائل الفقيرة , مؤوسسات المجتمع المدني والأوساط الثقافية لم تتخذ الاجراءات للتوعية لأهمية وجود المرأة لرعاية المريض في حين ان المريض حتى في العائلة يحتاج لوجود المرأة الى جانبه, أما الدعم الحكومي لا يزال متواضع في مدارس التمريض للبنات بمخصصات 50 ألف قد لا تكفي لأجور النقل , وانخفاض رواتب العاملين في القطاع الصحي بالمقارنة مع الوزارات الأنتاجية , لذلك خلال السنوات الأخيرة إرتفعت نسب الرجال على النساء في هذه المهنة ويعني التعامل بها أصبح ذكورياً ويقلل من أهميتها الأنسانية ويفقدها الكثير من جوانبها المهنية والعلمية , وهذا العزوف عن المهنة يزداد كلما إبتعدنا عن مراكز المدن في حين ان تلك المناطق تكون أكثر إلتزام بالتقاليد التي تمنع مخالطة الرجال مع النساء وتحريم ملامسة الرجال للنساء .