أَمْنُنَا الوَطَنِيّْ فِيْ مِيْزَانِ التَّـقْييمْ.

 

 

 

 

 

لقَدّ نجَحَتْ تُركيا، بالتخلص مِنْ نفقاتِ حَرّبِ، حِزّب العُمال الكردستاني. الّتي وَصلَت كُلفتُها 450 مليار دولار، مُنذُ عامِ 1984 إلى الآن. فأَبرَمَتْ تُركيا اتّفَاقاً مَع (البككه)، بوَقْفِ القِتالِ مَعَهم، بشَرطِ نُزُوحِهِم إلى الأراضِي العِراقيّة. مِنَ البَديهي أنَّ هذا الاتّفَاق، لَمْ يَكُنْ يُكتَبُ لَهُ النَّجاحُ، لو كانَتْ هناكَ مُمَانَعَهٌ مِنْ قِبَلِ حُكومَةِ إقلِيمِ كُردُستان، تِجاهَ هذا التَّوجُهِ التُركي. فَهناكَ مصالحٌ مشتركةٌ بيّنَ الإِقلِيم وتُركيا. فالأَخِيرةُ مُستوردٌ جيّدٌ للنّفطِ العِراقِي، المُنتَج مِنْ إقلِيمِ كُردُستان. كَمَا أنَّ لتُركيا استثماراتٍ كبيرةً، في قطاعاتٍ مختلفةٍ في الإقلِيم.

إِنَّ الرُؤيَةَ الاستراتِيجِيّةَ التُركيّةَ تَنظُرُ لإقلِيمِ كُردُستانَ، بأنّهُ يُمثِلُ عُمْقَاً للأَمْنِ الوَطنِيّ التُركِيّ. كَمَا أَنَّ الإقلِيمَ يَنظُرُ إلى تُركِيَا برُؤيَةٍ جِيُوسِيَاسِيّةٍ، فَالإقلِيمُ يَستَطيعُ مِنْ خِلالِ جُغرافِيَّتِهِ فِي المَنطِقَة، أَنْ يَكُونَ حليفاً قويّاً لتُركيَا، يَسْتَقوِي بعلاقَتِهِ مَعهَا، مِنْ أجْلِ تَحقيقِ أهدَافٍ بَعيدَةِ المَدى، أبْسَطُها تَطبِيعُ عِلاقَةِ تُركيا مَعَ الأًكراد، الّتي ظَلّتْ تُحارِبهُم لعُقودٍ مِنَ الزَمَن.

المَعلومَاتُ الخَبَريّةُ التّاليَةُ، تُبَيّنُ لنَا أَنَّ تُركيَا نَجَحَتْ، بحَلِّ أزمَةٍ داخليّةٍ وَتصديرِها إلى العِراق، حِفَاظاً على أَمْنِها الوَطَني. كمَا أَنَّها تُوَضِحُ بالوَقتِ نَفسهِ، تَرَدّي أَمْنَنَا الوَطَني.

  • فِي 8 أيار 2013، تَحركَتْ طَلائِعُ حزّب العُمّال قاصدةً أراضِي شمال العِراق.
  • فِي 9 أيار 2013، قالتْ الحُكومَةُ المَركزيّةُ العِراقيّةُ، أَنَّها لَنْ تَقبَلْ دُخولَ جَماعَاتٍ مُسلَحةٍ إلى أراضِيها .
  • فِي 11 أيار 2013، أجْرى السيّدُ رئيسُ مجلسِ النّوابِ، أسامَةَ النُجيفي، مُحادثَاتٍ مَع رئيسِ الوزراءِ التُركِي، رجَب طيّب أردوغان في أنقره.
  • فِي 14 أيار الجاري، وَصلتْ مجموعَةٌ مؤَلّفَةٌ مِنْ 15 مقاتلاً، مِنْ مُقاتلي حزّبِ العُمّالِ الكُردستانيّ إلى جَبلِ قِنديل في مُحافظةِ دهوك.
  • وفي نفسِ اليوم 14 أيار، اعتبَرَتْ الحُكومَةُ العراقيّةُ دُخولَ مُسلَحي، حِزّبِ العُمّالِ الكُردستانيّ إلى العِراق، انتهاكاً لسيادتِه وأَمنِه، مُشيرةً إلى أَنَّها سَتَتقَدَمُ بشَكوى إلى مجلسِ الأمنِ، لمُمارَسةِ مَهامّهِ فِي الحِفاظِ على السِلْمِ والأمْنِ الدّوَليّين.

 

هذا الحدثُ واحدٌ مِنَ الأَحداثِ الكثيرةِ، الّتي تُشِيرُ بوضُوحٍ إلى انهيَارِ أَمْنِنَا الوَطَني. وإذا مَا أَضَفنَا إلى هذا المَوضُوعِ، تَرَدّي الوَضعِ الأَمنِيّ العَامّ فِي العراق. ونَشاطِ المَجاميعِ الارهابيّةِ فِي عملياتِ القتلِ والتَّدمير. فَذا يَفرضُ على المسؤولينَ فِي الدّولَةِ العِراقيّةِ، إعادةُ النظرِ بشكلٍ موضوعيّ، فِي مَفهومِ أو مُصطَلحِ الأَمْنِ الوَطني، مِنَ النَاحيتيّنِ النظريّةِ والعمليّةِ. فالإِحاطَةُ بالجوانبِ النظريّةِ، وِفقَ رؤيةٍ بحثيّةٍ علميّةٍ، سَيُغني هذا المَوضوع. ولأَجلِ تأسيسِ أَمْنٍ وطنيٍّ رَصِيْنٍ، لابُدَّ مِنْ تَوفُّرِ عاملينِ هُما:

  1. وجودُ إرادَةٍ وتصميمٍ صادقينِ، عِندَ أصحابِ القَرارِ لتأسيسِ أَمْنٍ وطنيٍّ جَيّد.
  2. الفَهْمُ الواضِحِ الّذي يتميّزُ بِبُعدِ النَّظرِ، والإحاطَةِ بمتطلبَاتِ الأَمْنِ الوَطنيّ وأُسُسِ تَرسيخِهِ، والعَوامِلِ الّتي تُؤدّي إلى فَشَلِه.       

وَلغرضِ أنْ نُدركَ بشكلٍ مَوضُوعيّ، أهميّةَ الأَمْنِ الوَطنيّ، عَلينَا أنْ نَبدأ بتعريّفِ هذا المُصطلَحِ. فاختَرتُ عِدَّةَ تَعَاريفٍ لأَبّرَزِ المُنَظِّرِينَ وَالمُفكّرِينَ، فِي هذا الجانبِ. مِنْ أجلِ وَضعِ رُؤيَةٍ واضِحةٍ وشفّافَةٍ، خاليةٍ مِنْ أيِّ غُموضٍ يُعِيقُ فَهْمَ هذا المصطلحِ. وَلابُدَّ مِنَ التَّنويهِ أنَّ مَفهومَ الأمْنُ القَوميّ العَربيّ، قَدّْ انتهى عَمليّاً على يَدِ (صدام حسين)، حِينَ أقّدمَ على احتلالِ الكُويّتِ في عامِ 1990. والتَّعاريفُ هي:

  • (الأَمنُ حِمايَةُ الأُمّةِ مِنْ خطَرِ القَهّرِ على يَدِ قُوَّةٍ أجنَبيّةٍ)(دائرةُ المَعَارفِ البريطانيّةِ).
  •  (يَعني أَيَّ تَصَرُفاتٍ يَسعى المُجتَمَعُ عَنْ طَريقِها، إلى حِفْظِ حَقّهِ فِي البَقاءِ). (هنري كسينجر وزيرُ الخارجيّةِ الأمريكيّ الأسبق).
  • (إنّ الأمْنَ يَعني التَّطوُّرَ والتّنميَةَ، سَوَاءٌ مِنها الاقتصَاديّةُ أو الاجتماعيّةُ أو السّياسيّةُ فِي ظِلِّ حِمَايَةٍ مَضمُونَةٍ...... الأَمْنُ الحَقيقِي للدّولةِ يَنبَعُ مِنْ مَعرفَتِها العَميقَةِ، بالمَصَادرِ الّتي تُهدّدُ مُختلفِ قُدُراتِها. ومواجَهتِها؛ لإعطاءِ الفُرصَةِ لتنّميةِ تلكَ القُدراتِ، تَنميَةً حقيقيّةً، فِي كافَّةِ المَجَالاتِ سواءً فِي الحاضرِ أو المُستقبل).(رُوبرت مَكنْمَارا) وزيرُ الدِّفَاعِ الأَمْرِيكيّ الأسبق. (د. زكريا حسين/موقعُ الشَاهدُ للدراساتِ السّياسيّةِ والاستراتيجيّةِ).
  • (هُوَ تأمينُ سَلامَةِ الدّولةِ، ضِدَّ أخطارٍ خارجيّةٍ وداخليّةٍ، قَدّْ تُؤدِي بِها إلى الوُقُوعِ تَحتَ سَيطرةٍ أجنبيةٍ، نَتيجَةَ ضُغوطٍ خارجيّةٍ أو انهيارٍ داخليّ). (مَوسوعَةُ السَياسَةِ/عبد الوهاب الكيالي).
  • (الأمْنُ القَوْمِيّ هُوَ أَمْرٌ يتصلُ بالوطنِ ومصيرهِ، وأنَّ كُلَّ مَا يَتّصِلُ بإضعافِ الوَطنِ والنَيّلِ مِنْ عافِيَتِهِ، يَدخُلُ فِي صَميمِ الأَمْنِ القَوْمِيّ، لذلكَ فًإِنَّ خُبراءَ الاستراتيجيّةِ والباحثينَ الجَادّينَ يُنَبِّهونَ دائماً، إلى أَنَّ الأَمْنَ القَوميّ، أمرٌ يتجاوزُ بِكثيرٍ طاقةَ وَوظِيفةَ وحُدُودَ أجهزةِ الأمْنِ.)(إعَادَةُ تَعريفِ الأَمْنِ القَوْميّ/ أمين هويدي)

 

وَمِنْ وِجْهَةِ نَظَرِي الشّخصيّةِ، فَأَنَا أَتَبَنّى تَعرِيّفَ (رُوبرت مَاكِنْمَارا) للأَمْنِ، لِشُمولِيَّةِ التّعريفِ مِنْ جهةٍ، وَتحدِيدِ عَناصرهِ مِنْ جِهَةٍ أُخرى. كَمَا أَنَّ الأُستاذَ (أَمينُ هويَدي)، أضَافَ على تَعريفِ (مَاكِنْمَارا)، أَمْراً آخَراً هُو: (أَنَّ الأَمْنَ هُوَ أبعَدُ مِنْ وَظِيفَةِ وَحُدُودِ أَجْهِزَةِ الأَمْن).

  

إنَّ عَدَمَ ضَبْطِ الوَضْعِ الأَمنِيّ كمَا يَنبَغي، يَعكسُ اضْطِرابَ الرُؤيَةِ المَركزيّةِ لبناءِ دوّلةٍ ذَاتِ نِظَامٍ دِيمُقراطيّ، عِندَ القِياداتِ العُليَا فَي مُؤسّساتِ الدّولَةِ العِراقِيّةِ، المُتَمثّلَةِ فِي سُلُطَاتِها الثّلاثِ التّشرِيعيّةِ والتّنفيذيّةِ والقَضائِيّةِ. كَمَا أَنَّ أَغلَبَ السِّياسِيّينَ، بٍمختلفِ اتجاهَاتِهِم السِّياسِيّةِ، يَفتقِرونَ للرُؤيَةِ الشَامِلَةِ والمَوضُوعِيّةِ، لِبنَاءِ نِظامٍ سِياسيٍّ مُسْتَقرٍ، يُحَقِقُ مٌتطَلباتَ المُجتمعِ العِراقِيّ.   فَغِيابُ العمَلِ الجَمَاعِيّ المُنَظّمِ، الّذي يُؤَمِنُ تَحقِيقَ الهَدَفِ المَركزيّ للجَميعِ، وَهو(بِناءُ الدّولَةِ الدّيمقراطيّةِ)، تَسبَبَ في ضَيَاعِ الأمْنِ الوَطَنِيّ العِراقيّ. مِمّا أَدّى إلى اختراقِةِ مِنَ الدَّاخِلِ مِنْ قِبَلِ الإِرهابيّينَ، ومِنَ الخارجِ مِنْ قِبَلِ تُركِيا والسُّعوديّةِ وقَطَر. وهذا التَّداعي فِي الجَانِبِ الأَمْنِي لَهُ أسبَابُهُ، الّتِي يُمكنُ إجمالُها كَمَا يَلي:    

  1. عَدمُ وجُودِ المُنتَظَمِ السِّياسِيّ. وَمَفهومُ المُنْتَظَمِ السِّياسيّ يَختلفُ عَنْ مَفهومِ النِّظَامِ السِّياسِيّ. فَالنِّظَامُ السِّياسِيّ يَعني، شَكْلَ نِظامِ الحُكْمِ (دِكتَاتُوريٌ، دِيمُقراطِيٌ رِئاسِيٌ، دِيمُقراطيٌ نِيابِيٌ، دِستوريٌ مَلَكِيٌ... الخ). بَيّنَمَا المُنْتَظَمُ السِّياسِيّ، عِبَارَةٌ عَنْ مَنظُومَةٍ، مِنَ التّعاونِ والانْسِجامِ والتَّفَاهُمِ، بَيّنَ مُؤَسَّساتِ الدَّولَةِ المُختلِفَةِ، والأَحزابِ السِّياسِيّةِ ومُنظَمَاتٍ ونِقَابَاتٍ وَغَيّرِها. مِنْ أَجْلِ تَحوِيْلِ مَطَالِبِ الجَمَاهِيرِ، إلى بَرامجَ سِياسيّةٍ تَدخُلُ فِي خُطَطِ التّنمِيَةِ للدَّوْلَةِ، حَسَبَ أولَويّاتِها وأهمّيَتِها وَفَترَةِ تَنفِيذِها. وَعلى هَذا الأَسَاسِ، تُصَمَّمُ الخُطَطُ التَّنمويَّةُ، لتُغَطّي مَراحِلَ زَمنيّةً، (سَنَويّةً أو خَمْسِيّةً أو عَشْريّةً) وهَكذا. وَتقُومُ أَجهِزةُ الحُكومَةِ بتَنّفيذِ مَراحِلِهَا، كُلٌ حَسَبَ دَوّرِهِ وَاختِصَاصِهِ. (مبادئ علم السياسة/ د. نظام بركات (بتصرف))
  2. انعِدَامُ التّوافُقِ السِّياسيّ، بيّنَ أَطْرافِ العَمَلِ السِّياسيّ. وَمُعظَمُ هَذهِ الأَطرَافِ، يُغَلِّبُ المَصّلَحَةَ الحِزبيَّةَ وَالشَخصيّةَ، على المَصلحةِ العَامّةِ. وآخِرُ مَا حَدثَ، زِيَارَةُ رَئِيسُ مَجلِسِ النّوَابِ العِراقِيّ، لتُركِيا بِالرَغمِ مِنْ قِيامِها بإِسَاءآتٍ مُتَكرِّرَةٍ، وَمُتَعَمَّدَةٍ للشَّعبِ العِراقِيّ وَحُكُومَتِهِ. وَتَزامَنَتْ هذهِ الزِيارةُ مَعَ دُخُولِ قُوّاتُ (البَكَكَه) للأَراضِي العِراقِيّة.
  3. لا تُوجَدُ مُعارَضَةٌ حَسَبَ المَفهومِ السِّياسِيّ للنْظَامِ الدِّيمُقراطيّ، لتقومَ بمُهمةِ مُراقبةِ أجهزةِ الحُكومَةِ المُختلفة. فَالبَعضُ يَقُومُ بعَملٍ مُزدوجٍ؛ فَمِنْ جِهَةٍ هوَ شريكٌ فِي العَمليّةِ السِّياسيةِ، وجُزءٌ مِنْ فريقِ العَمَلِ الحُكُومِيّ. لَكِنَّهُ بِذَاتِ الوَقّتِ هُوَ مُعَارِضٌ للحُكومَةِ. وبالنَتِيّجَةِ يَتعَذّرُ تَحقِيقُ إِتّخَاذِ القَرارِ المُوَحَدّ.
  4. تَبَاطُوءٌ كَبيْرٌ فِي عَمليّةِ الاستِثمَارِ الاقتِصَادِيّ، بمُستَوَييّهِ المَحلّي والأَجنَبِي، بسَبَبِ عَدَمِ وُجُودِ القَوانِينِ المُشَجِعَةِ، لجَذْبِ المُستَثمِرينَ الأَجَانِبِ للعِراق.
  5.  تراجعٌ فِي إِعمَارِ البُنَى التَّحتِيَّةِ، الّتي تَخدِمُ الحَاجَاتِ الأسَاسِيّةَ للمُواطِنِ.
  6. 6.  تَعَدُدُ التَّفسِيراتِ الخاصّةِ بالنُّصوصِ الدِّستُوريةِ وَالقَانُونِيَّةِ، كَانَتْ سَبَبَاً مُباشِراً لِخَلقِ الأَزَمَاتِ، بَيّنَ الأَطرَافِ السِّياسِيَّةِ، وَخُصُوصَاً بَيّنَ إِقلِيمِ كُردُستانِ والمَركَزِ.
  7. وَضْعُ العَراقِيْلِ أَمَامَ سَنِّ قَوانِيْنَ، لَهَا مَساسٌ بِصُلْبِ البُنيَّةِ الدِّيمُقراطِيّةِ، كَقَانُونِ الأَحزَابِ وَالتِّعدَادِ السُكّانِيّ العَامّ، وَغَيّرِهَا مِنَ القَوانِيْنِ الأُخْرَى. إِضَافَةً إلى وُجُودِ تَعارُضٍ بيّنَ بَعضِ القَوانِيْنِ السَّارِيَةِ، وَبَعضِ القَوانِيْنِ الّتي يُشرّعُها مَجلسُ النّوَابِ.
  8. استِشْراءُ الفَسَادِ بِشَكْلٍ وِاضِحٍ، فِي مَفاصِلَ كثيرَةٍ مِنْ أَجهِزَةِ الحُكُومَةِ، الأَمْرُ الّذي أَدّى إلى فَشَلِ الكَثيرِ مِنَ المَشارِيعِ الخَدَمِيّةِ.
  9. عَدمُ الاستِفَادَةِ مِنْ اتّفاقيَّةِ التَّعَاونِ الاستِراتِيجِيّ والأَمْنِيّ، المُبرَمَةِ بَيّنَ الوِلايَاتِ المُتّحِدَةِ وَالعِراقِ. لِوَقْفِ التَّدَخُلِ التُركِيّ السَّافِرِ بِالشَأنِ العِراقِيّ. وَكذلِكَ عَدَمُ مُسَانَدَةِ الجَانِبِ الأَمرِيكِيّ للحُكُومَةِ العِراقِيّةِ، مِنْ خِلالِ الضَّغطِ على دُوَلِ تَصدِيْرِ الإرهَابِ للعِراقِ، لِمَنعِهَا مِنْ مُمَارَسَةِ هَذا النَشَاطِ.
  10. شَلَلُ الدُّبلُومَاسِيَّةِ العِراقيّةِ، وتَعثُرِهَا فِي طَرحِ قَضِيّةِ الإِرهَابِ، فِي المَحافِلِ الدُّوَلِيَّةِ، مِنْ أجْلِ صِنَاعَةِ رَأيٍّ عَامٍّ دُوَلِيّ، يَكُونُ ضَاغِطاً عَلى الدّوَلِ المُصَدِرَةِ للإِرهَابِ، والّتي أصبَحَتْ مَعرُوفَةً بِوضُوحٍ.
  11. لَمْ يَتُمّ مُعَالَجَةُ الأَنشِطَةِ الّتي تُثيرُ النّعرَةَ الطّائِفيّةِ، الأَمْرَ الّذي يُؤَدِي إلى خَلْخَلَةِ الوِحدَةِ الوَطنِيّةِ، وَتمزِيقِ بُنيَةِ المُجتَمَعِ العِراقِيّ، بِشَكلٍ بَطِيء.

كُلُّ هَذهِ العَوامِلُ أَدّتْ إلى اختِلالِ الأَدَاءِ الحُكُومِيّ، الأَمرُ الّذي شَتَّتَ جُهْدَ الدَّوْلَةِ، فِي مُواجَهَةِ قَضِيّةٍ مَركَزيّةٍ، هِي مُكافَحَةُ الإرهَابِ. وأَمْرِيكَا تَتَحَمّلُ مَسؤُوليّةً مُباشِرةً فِي هَذا الجَانِبِ، لأَنَّ احتِلالَها للعِراقِ كَانَ يَحمِلُ عِدَّةَ أهدافٍ، مِنها جَعلُ العِراقِ سَاحَةً لِمُواجَهةِ الإِرهَابِ، هذا مَا صَرّحَ بِهِ الرَئيسُ الأَمرِيكِيّ (جورج دبليو بوش).

يُشِيْرُ الخُبَراءُ فِي التَخطِيطِ الاسْتراتِيجِيّ، أَنَّ هُناكَ ثَمَّةَ مُعَادَلَةٌ، لَو نَجَحَتْ أَيّةُ حُكومَةٍ فِي تَطبِيقِها، فَإِنَّها سَتَضْمَنُ أَمْنَها الوَطَنِيّ. (وأَنَا قُمْتُ بِتغيّيرِ هِذهِ المُعادَلَةِ، لِتَكُونَ مُلائِمَةً لِوَضْعِنَا العِراقِي)، وَحُدُودُ هذهِ المُعَادَلَةِ هِيَ:

(سِياسَةٌ رَصِينَةٌ هَدَفُها بِنَاءُ دَوْلَةٍ + اقتِصَادٌ مُنتِجٌ وليّسَ (رَيْعِيّاً) + قُوّةٌ عَسكريّةٌ ذَاتُ كَفَاءَةٍ جَيِّدَةٍ + وَعيٌ جَمَاهيريٌ نَاضِجٌ وَثَقَافَةٌ مُجتَمَعِيِّةٌ هَادِفَةٌ + رُوْحٌ مَعنَوِيّةٌ جَمَاهِيريّةٌ مُفعَمَةٌ بالإِصْرَارِ لِبنَاءِ الوَطَنِ = أَمْنٌ وَطَنِيٌ جَيّدٌ).

لقَدّ أَصْبَحَ أَمْنُنا الوَطنيّ مُستَباحاً، وأصبَحَ باستِطَاعَةِ مَجمُوعَةٍ مِنَ الأَشخَاصِ، مُتَمَرِدَةً على القَانُونِ، أَنْ تَعبَثَ بأَمْنِنا الوَطَنيّ. فَهَلْ يَصدِقُ القَولُ، بأنَنا نَعِيشُ فِي ظِلِّ حِمَايَةِ الأَمْنِ الوَطَنِيّ العِرَاقِيّ؟.