بالرغم من الدوي العالي فالمخابرات العراقية لا زالت في غياهب الغيـاب

 

في مؤتمره الصحفي تطرق السيد رئيس الحكومة نوري المالكي إلى عديد من إجراءات التي سيتخذها ل"معالجة " الوضع الأمني المتدهور ـــ جدا لحد الانفلات غير المعقول و الكارثي ـــ و من ضمن هذه الإجراءات هو تغيير وتبديل القادة الأمنيين ـــ مثلما فعل في مرات سابقة بلا جدوى ـــ غير إنه لم يتطرق بكلمة واحدة إلى دور جهاز المخابرات العراقية الضعيف أو شبه الغائب على هذا الصعيد .. و كأنما هذا الغياب هو جزء من الأمر الواقع القائم و السائد في العراق !! ، و كأنما يجب أن يؤخذ بنظر الاعتبار ، وكتحصيل حاصل للأمر الواقع القاتم ؟! ، إلى حد بحيث : في زخم و شدة و كثافة وضراوة تصعيد وتائر العمليات الإرهابية الأخيرة في محافظات ومدن عراقية عديدة و البالغة بعشرات العمليات الإرهابية يوميا ، مع سقوط مئات من القتلى و الجرحى ، فلا من مسئول " سيادي ، أو " زعيم " حزبي يتحدث عن غياب الدور المطلوب أو المعول عليه ، لجهاز المخابرات العراقية ، على الرغم من أنه يجب أن يكون لهذا الجهاز الدور الريادي و القيادي و الرئيسي و الأول في مكافحة الأنشطة و العمليات الإرهابية ، مثلما تفعل و تعمل أجهزة المخابرات في معظم الدول و الحكومات ، من عمليات اختراقات للمنظمات الإرهابية و كشف خططها الإرهابية في أوانها و ك1لك الأهداف التي تنوي الهجوم عليها و ضربها ، و من ثم إفشالها و إحباطها قبل التنفيذ و في الوقت المناسب .. نقول :هذا ما تفعله و تقوم به معظم أجهزة المخابرات في دول العالم ، و كان أخرها كشف المخابرات الأردنية خطة لاغتيال الملك الأردني عبد الله ، و كذلك كشف جهاز المخابرات الإمارتية خلية إرهابية للقيام بعمليات الإرهابية في الإمارات المتحدة ، و كذلك الأمر بالنسبة لجهاز المخابرات السعودية و المغربية و غيرها إضافة إلى جهاز المخابرات في روسيا الاتحادية و الدول الغربية الأخرى ، و التي تقوم باختراق وكشف المنظمات و الخلايا الإرهابية سواء منها " اليقظة " أو النائمة أو الساهرة ليلا و نهارا ومن ثم اعتقالها أو قتلها .. بعد كل هذا ، ألا يحق ـــ لنا كمواطنين وحيث يقع أبناء بلدنا ضحايا لهذا الإرهاب المسعور و الغاشم المجنون ــ نقول ألا يحق لنا أن نسأل كمواطنين و ناخبين : ـــ لماذا هذا الدور الضعيف بالنسبة لجهاز المخابرات العراقية على صعيد مكافحة الإرهاب و عدم ارتقائه إلى مستوى التحديات الراهنة بشكل مطلوب و بحرفية عالية و متقنة ، كما ينبغي و يجب أسوة بباقي جهاز المخابرات في العالم ؟! .. فيا ترى أين تكمن مفاصل الخلل وكذلك نقط الضعف و العطب في الجهاز الذي يجب أن يأخذ على عاتقه مسئولية مكافحة الإرهاب في الدرجة الأولى و الأخيرة ؟!.. فالسؤال الملح و المشروع هو : فهل يكمن هذا الخلل في عدم الاحترافية و المهنية و المسلكية المطلوبة في هذا المجال ؟! .. أم في سوء الإدارة و القيادة و في عدم أهليتها ؟ و كذلك في تبؤ المناصب على أساس الولاء الحزبي أو السياسي؟!.. أم في تدخل السياسة و الأحزاب في شؤون هذا الجهاز و جعله عاجزا و مشلولا إزاء التحديات الإرهابية ؟!.. أو في كثرة الاختراقات و الاندساسات و التي تجعل هذا الجهاز ضعيفا و غادر قادر على القيام بواجباته و مهامه المخابراتية المطلوبة ، على صعيد مكافحة الإرهاب " ؟!.. طرح هذه الأسئلة مهمة و ضرورية ، لا سيما في الوقت الراهن ، و حيث بلغت العمليات الإرهابية بعدا خطيرا جدا و كارثيا شاملا : وهي تعربد و تضرب و بكل راحة و سهولة ـــ أينما تريد و تشاء ؟! .. نقول و نكتب كل هذا ...لأننا ـ على يقين ــ كما غيرنا أيضا ــــ بأنه ما من جيش أو شرطة ، ومهما كان ضخما و عرعما كبيرا ، حتى لو كان جيشا صينيا ـــ لا يستطيع أن يفشّل أو يحبّط العمليات الإرهابية بدون دور رئيسي وجدي و حاسم لجهاز المخابرات .. و بدون معرفة و إدراك هذه الحقيقة البسيطة من قبل المعنيين بالأمر ، فأن دور جهاز المخابرات سيبقى ضعيفا وربما غائبا أيضا ، بينما ستستمر القوى الإرهابية في تفجير سياراتها المفخخة في كل زاوية و ركن و سوق أو جامع من أرجاء العراق ضمن السعي المحموم نحو ارتكاب مجازر جماعية منظمة و متواصلة ضد السكان المسالمين . 

من بغداد الحرائق اليومية والجثث المتفحمة و المرمية .