أمران أساسيان هما اللذان يحددان نجاح اية حكومة وفي اي مكان في العالم على الصعيد الداخلي، وهما توفير الامن والخدمات لمواطنيها، والامر يصبح اكثر ضرورة اذا كانت هذه الحكومة او تلك قد وصلت الى السلطة عن طريق الانتخابات وليس الانقلابات العسكرية، لان وصولها عن طريق الانتخابات يحتّم عليها الايفاء ببرنامجها الانتخابي الذي بسببه منحها الناخبون اصواتهم. واليوم والانفجارات تهز العاصمة بغداد وبقية المدن العراقية بعنف ومستوى الخدمات وصل الى ادنى مستوياته، فهل وفت الحكومة بالتزاماتها تجاه "شعبها"، وهل استطاعت ان تحد من العنف الذي يزهق ارواح العشرات يوميا؟
يبدو ان المالكي لا يعرف او لا يريد ان يعرف ان مكافحة العنف واستتباب الامن بحاجة الى ركائز وهذه الركائز تحتاج الى رجل سياسة قادر على توفير شروط اللقاء السياسي مع مناوئيه والوصول معهم الى نقطة التقاء تعتبر منطلقا لتجاوز حالة سياسية متأزمة، والبدء بعملية سياسية جديدة في ظروف جديدة تنشأ من تفاهمات تهم مصلحة شعبنا ووطننا قبل مصالح القوى السياسية المتنفذة. ومن ركائز مكافحة العنف امور عدة من بين اهمها ، تطور الاجهزة الاستخباراتية وقوتها، سرعة تحرك القوات المسلحة و قوة اسلحتها مقارنة باسلحة الارهابيين، الابتعاد عن الشحن الطائفي في استغلال المناسبات الدينية، توفير فرص العمل ومحاربة الفساد والمحسوبية مما يقلل من مساحة الارهاب، استخدام لغة اعلامية غير متعالية أو متشنجة تجاه الخصوم السياسيين، الاعتراف بشرعية البرلمان كأعلى سلطة تشريعية في البلاد واحترام قراراتها. ولو راجعنا سياسة المالكي تجاه النقاط اعلاه لوجدناه فاشلا بها جميعا. فالاجهزة الاستخباراتية ضعيفة ومخترقة نتيجة المحاصصة، وقواتنا المسلحة بائسة التنظيم والتسليح ولم يعد الجيش العراقي جيشا وطنيا قدر ما هو مناطقي، والشحن الطائفي على قدم وساق حتى داخل المؤسستين العسكرية والامنية، والفساد والمحسوبية اصبحا من العلامات الدالّة لحكومة المالكي، اما اتهام الخصوم بملفات تسقيطية دون ابرازها واتهام التظاهرات والاعتصامات من انها بعثية وفقاعات فانها تشير الى ضعف المالكي في تعامله مع مناوئيه وتشنجه غير المبرر خصوصا انه على رأس اعلى سلطة تنفيذية في البلاد، كما ويعتبر المالكي اول رئيس وزراء في العراق والعالم يرفض الحضور الى برلمان بلده لاستجوابه حول ملفات الفساد والارهاب وغيرها وكأن البرلمان العراقي نكرة، او انه اعلى واكبر من البرلمان وهذا بحد ذاته نرجسية خطرة ستؤدي بالبلاد الى دكتاتورية طائفية او الى حرب اهلية وتقسيم البلاد.
والمالكي - بمراكزه السياسية والامنية العديدة - الذي فشل في الملف الامني لليوم فشلا ذريعا مثلما ذكرنا وبدلا من البحث مع مناوئيه عن حلول سياسية للازمة المتفاقمة، نراه يضيف الى مراكزه الكثر مركزا جديدا وهو مركز "حجة الاسلام والمسلمين" في محاولة لجمع السلطتين السياسية والدينية في شخصه على ما يبدو، وذلك بدعوته للصلاة الموّحدة بمسجد واحد من اجل محاربة الارهاب، ناسيا على ما يبدو ان الارهاب اصلا يأتي من بيوت الله هذه، ولولا الصراع الطائفي بين الجامع والحسينية لكان شعبنا اليوم ، بالف الف خير. كما وانه ينسى او يتناسى من ان ما يدعو اليه اليوم قد فشل به علماء دين كبار طيلة ما يقارب الاربعة عشر قرنا هي طول الصراع الشيعي - السني مذهبيا وقرون من الصراع الصفوي - السلجوقي سياسيا وهو ما ندفع كعراقيين ثمنه دماء ودمار.
على الرغم ان الفشل سيكون نصيب اقتراح المالكي هذا كما فشله السابق في جميع الملفات التي ادارها، الا انني ابارك للحوزة الدينية بظهورعالم دين جليل كالسيد حجة الاسلام والمسلمين نوري المالكي "دام ظله"، الذي سوف يحارب الارهاب بالدعاء ولله في خلقه شؤون.
اشتنفع صلاة الكثرن ذنوبه ..... "شعر شعبي"
|