قنوات الزور

 

لم يفهم البعض التفريق بين الحكومة والدولة , بين المواطنة والأنتماء لها وعواطف ذاتية بين العقائد والعمل المهني , لم تفهم الحرية عندهم بأن لها قيود وضوابط غير مطلقة للتجاوز على الأخرين واحترام حقوق أغلبهم , ولذلك لم يفهموا أن التظاهر ممارسات سليمة سلمية وأستعراض للمطالب وأحتجاج على واقع وليس بالضرروة ان يكون الأعتراض مبرراً او على الحق وكما خطاب القران الكريم الرسول محمد ( ص) ((إِن تَتُوبَا إِلَى اللَّهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا وَإِن تَظَاهَرَا عَلَيْهِ فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ مَوْلاهُ وَجِبْرِيلُ وَصَالِحُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمَلائِكَةُ بَعْدَ ذَلِكَ ظَهِيرٌ)).
التظاهر لا يعني حمل العصي الجارحة والتهديد بوجود خمسة ألاف إنتحاري , مثل تلك الافعال هي العنف بعينه وتجاوز على القوانين والدساتير والقيم وخروج عن معنى التظاهر , تلك الافعال تم تمريرها على البسطاء وأبناء القرى والمناطق النائية بأنها مشروعة من إعلام صار بوق للنفخ لفرقة المجتمع , حتى تواصل النقل المباشر ليل نهار وإنتشر عشرات المراسلين وشهود العيان والزور , وتصوير ما يحدث إنه جريمة كبرى , وألتقاط صور بعيدة عن الرسالة الأعلامية والمهنية والحرص على الحياة المدنية والوطنية , قنوات طالماً حاولت تبرير مشاهد تناثر أشلاء الأطفال وتغاضت عن كثير من سيول الدماء من شيوخ ونساء وشباب في الأسواق ومساطر العمال ودور العبادة , أستغلت فسحة الحرية وحينما تراقبها تجد أنها تعلن لبعضها الترددات وتدفع لهدف واحد , قنوات عشرة علق عملها في العراق بعضها مخالف للقانون وتدعي الدفاع عن الحقوق وهي لا تملك أبسط مقومات عملها من تراخيص ومحمية بالشخصيات السياسية , لم تتردد من الأشارة وحشد الشارع بنقل الحقائق مقلوبة من جهة ومن أخرى بأستخدام العنف اللفظي , وتصوير ساحات الاعتصام التي أصبحت ملاذ أمن للأرهابين والملثمين ودعوات الأقتتال والتحريض الطائفي وأستعراضهم بشكل علني سافر , هيئة الاعلام والاتصالات أغلقت تلك القنوات وكان الرد سريعاً منها ( أنها رصاصة الرحمة في صميم حرية الأعلام ) ليناغم هذا الكلام استنكار وشجب دولي وأوساط رسمية أمريكية والأمم المتحدة ومنظمة (هيومن رايتس ووتش) , وإعتبار ذلك إعتداء سافر على الحريات , ولم نجدها بتلك الحماسة على ضحايا الأرهاب , ومثلما كان الشعب العراقي يدفع ثمن أفعال عبثية للنظام السابق اليوم تسطح كل قضاياه الانسانية , تلك الأجواء كانت معززة من مسؤولين حكومين واعضاء مجلس النواب ورئاسته التي من واجبها تمثيل العراق بحيادية وبعيدة عن دوائرها الانتخابية ولا ينطلق التصريح الاّ من إجماع اغلبية الأعضاء , منظمات للأسف لا تزال تنظر للمشهد العراقي بسلبية تحاول حماية الجلاد قبل حقوق الضحية بل ليس الغرابة في مواقفها أن كانت المعلومات تمرر لها من أشرار داخل مجتمع عريق في التعايش السلمي , المنظمات الدولية صدقت تلك الاقاويل وتغاضت عن الحقائق , وممثليها داخل العراق يحتمون بترسانة بعيدة عن هول المفخخات التي تحصد الأرواح يومياً بواسطة تلك المنابر التي تتحرك بالطائفية المقيتة وبدفع من قوى أقليمية ودولية .
حرية الأعلام تتوقف عند حرية الاخرين وحقوقهم وبمسؤولية المدافعة عن الشعوب ونشر السلم الأهلي والمسؤولية عن الكلمة والحرف وكل فعل كي لا تكون شريكة في دماء الأبرياء , والبعض منا يصمت كثيراً ويعض على الجراح لأدراك خطورة الموقف والهاوية التي يراد ايقاع العراق بها .