لنتَّعِظَ من أسلافِنا الأخيار

 

 

أتى رجل غريب الى أحدى القرى العراقية كي  يشتري مساحات من الأراضي الزراعية  ويستقر أبداً في تلك القرية فيزرع أملاكه ويسقى زرعه ومن ثم يجني المحصول الموسمي فيدرُّ عليه رزقاً كريماً, عندها يعيش معززَّاً,ومكرَّماً.

حصل الرجل الغريب ,على ماكان يبغيه وأستقر به المقام , واصبحت له علاقات صداقة ودأب على حضور مجالس الرجال والتي يُطلَقُ عليها (الدواوين) او (المضايف) آنذاك..

 كانت شيمة هذا الرجل , أنه لايدع شخصاً يدفع الحساب  غيره هو, مهما كان  من أمر ,وفي كل جلسة يقول  للحاضرين  حساب الجميع سأدفعه  أنا .

وحين يرفض احدهم فأنه يباشره بمسك شاربه ويقول هذا شاربي أحلقه ان دفع أحد,غيري الحساب.

لقد كان كريماً لدرجة جعلت البعض يغار منه ويحقد عليه ويكُنُّ له كرهاً بغيضاً..

في نفس المضيف (الديوان) كان هناك رجلاً آخراً , من اهل القرية  يحضر  كلما حضر الغريب . ويبدو أنه طيلة تلك الفترة .كان يفكر, ويخطط للأيقاع  به , ولقد كان قد قررَّ أن يجعل منه حديث الناس, في القرية. نعم , فحين يستخوذ شخص غريب, وبفترة زمنية قصيرة على قلوب الجميع ,فبالتأكيد  سيكون هناك من يضمر له الشر والعداء,  وهذا الأمر غالباً مايصاحب الشخصية القوية والمحبوبة حيث أن أعدائها يكثرون كلما تكون أكثر قوة  ورصانة. .

ظلَّ هذا الرجلُ حاقداً عليه ,وكان عندما ينظر إليه وهو يمسك بشاربه ويقسم به  يُحدِّثُ الرجل نفسه ليقول (أنا لن أكون أبن أبي إن  لم أجعل من شاربك هذا  مهزلة وأحلقه بيدي).

مرت الأيام وتوطدت علاقة الغريب بأهل القرية جميعاً الا هذا الرجل الشرير فانه بات يزداد ضغناً وحقداً وغيرةً منه .

 يبدو اليوم, ملائماً كي أقدم على تنفيذ ماخططته في الايام الماضية , هذا ماكان يفكر به الرجل الشرير,وهو ينظر الى الرجل الغريب , والكريم النفس وكيف أن جميع الحاضرين يحوطونه ويستمعون إليه   وهو يسرد  لهم الحكايات العذبة  .

لقد قال الامام علي عليه السلام(السخاء ستر العيوب) وقال  (من جاد ساد)أي ان الذي يكرم الناس يكون سيداً على القوم وهذا ماحصل للرجل الغريب فإنًّه تسيًّد على أبناء القرية بكرمه وجوده.

 إنسلَّ الشرير من بين الجمع الغفير, وذهب الى الاراضي الزراعية التي تعود ملكيتها  للرجل الطيب وقد كانت  قد زُرعت بالمحاصيل الزراعية المختلفة.

دخل الشرير الى المزرعة وقد جلب قطيع اغنامه وفتح باب المزرعة الذي لم تكن عملية فتحه صعبة   حيث أن  الناس تعرف بعضها البعض وليس هناك من يجرأ على دخول مزرعة اي شخص دون علم صاحبها وطلب ألأذن منه.

فبكل يسر وسهولة دخل المزرعة هو وقطيع اغنامه وترك الاغنام تعيث وتعبث وتدمر كل بقعة تمر أمامها مما أدى الى إتلاف كلَّ مازرعه الغريب من محاصيل كان ينتظرها عاماً كاملاً ليجني محصولها.

سادتي الأفاضل ....لوكنتم مكان الرجل الطيب مالذي  كان يمكن ان تفعلونه بالرجل الشرير وانتم ترونه يعبث هكذا ؟

لقد جاء الرجل الطيب وهو يرتدي صايته وكوفيته وعقاله العربي الاصيل ,لمح خارج المزرعة اثنين من  الخراف ,فاقتادهما  ,الى الداخل ووبخ الشرير وقال له لماذا تركت هذين  الخروفين دون ان يرتويا مثل بقية القطيع؟

اندهش الشرير حيث باءت محاولته بالفشل حينما فكر انه بعمله هذا سيثير غضب الغريب ويجعله يتصرف بتهور مما سيجعل جميع أهل القرية بجانبه وضد  الغريب, لهذا  فأنه شعر بأحترام كبيرتجاه الرجل الطيب  مما أدى به الى ان ينحني ليقبِّله من شاربه قائلاً له  (حقاً يليق بك ان تقسم بشاربك ايها الشهم).

هكذا هم أهلنا الكِرام الأوائل, كانوا يؤثرون على أنفسهم كي لايغضب منهم الآخرون .

فما بالنا الآن ياأهلنا؟

  نحن الآن  في عصر التطور والتقدم لكننا بتنا نحسب الكلمات بل حروف الكلمات على بعضنا البعض لنجعل منها اختلافاً بيننا لايزيد ولاينقص في خدمة البشرية بل يؤدي بنا الى التعصب والتفرق والانحلال وبهذا نحن نقويِّ الدول الأستعمارية علينا ونطلب منها أن تحكم بيننا ..... فياللعار , حين نستصرخ ونستغيث بمن روَّعنا , وقتلنا , وجعل منا شتاتاَ.

 أن وقتنا الراهن  ياسادتي الافاضل عصيب فعلينا ان نقرب المسافات لنخطو خطوات الى الأمام كي يخطو من يناقضنا الرأي خطوات أخرى الى الأمام  وبهذا نقصر المسافات فيما بيننا   ثم نمحوها كي نشكل جسراً من المحبة فيما بيننا  من خلال إستنجادنا وإستغاثتنا بأهلنا الخيرين من جميع الأطراف  وأظن أن العراق لازال يحوي الخيرين  ,ولسنا بحاجة للأجنبي كي نستيعن به على بعضنا البعض .

هلموا .....هلموا

لنبني العراق, فالعراق للعراقيين وهو ليس بضيعة او ولاية تابعة لجهة  غربية كانت أو عربية أو أسلامية , انــــــــــــه , عــــــــــــــراق العراقييـــــــــــن الأصـــــــــــــــــلاء.

فهل سيعي الطائفيون تلك الحقيقة.......؟