منذ الأيام الأولى لسقوط النظام الفاشي , بدأت العمليات الإرهابية تعصف بالبلد كيفما تشاء .. وبخطٍ موازٍ لها تستمر ملحمة ( الحواسم ) , والتي أخذت أبعاد أخرى .. حيث لم تعد (كراسي ) دوائر الدولة أو أسرَة المستشفيات هدفاً لها .. تطورت العملية بشكل يتناسب مع مستويات رجالها .. فأستشرى الفساد بطريقة مرعبة وأمتدَ إلى كُلِ جزءٍ من أجزاء الدولة ومفاصلها . ولتغطية الخيبات المتتالية , فأن أي عملية أو موجة إرهابية يتبعها تشكيل لجنة , ومع كل فضيحة فساد , يغفل المعنيون تلافيها , ترافقها لجنة أيضاً .. وكأنها صارت طقساً دستورياً لتبرير أباحة الدم والأختلاس ! عادة ما يُصطلح على تلك اللجان ب( تقصي الحقائق ) , وتقصي كلمة ليست بالغريبة على الأسماع لتختلط مع كلمات بعيدة عن معناها .. لكنَها غابت عن أذهان بعض ( المتقصين ) , مثلما تشابهت الكلمات من قبل على وزير السياحة السابق فتاه بين (الضخامة والفخامة ) . في أحدى جلسات الجدل العراقي المنعقدة دوماً (بمناسبة أو دونها ) , يجري الحديث عن الأزمة وتداعياتها , ويتداول البعض أخبار كثيرة ويطرح سيناريوهات محتملة للحل .. أحد الجالسين في مكانِ مميز يقطع الحديث مدلياً بروايات كثيرة لم يسمعها أحد , ويُدّعم أقواله ,لقطع الشك المتوّلد والواضح في عيون الجالسين , بقولهِ : هذا كلام رسمي , وأنا عضو في لجنة تقصَص الحقائق !! سكُت الجميع , ولم يعد هناك قيمة لأي رأي .. فالأستاذ (س ) هو ضابط برتبة مقدم في مكتب القائد العام ! ..لحظات تحوَل حاسم قطعت كل خيوط الأمل المرجوّ من تلك اللجان , والتي يبدو إنها صارت مقبرة للحقائق ( المقصوصة ) الأوصال . بطبيعة الحال , أن أي تشكيل جديد في العراق تخصَص له أموال وعجلات وبنايات وحمايات وأحياناً (كلاب حراسة ) .. بأختصار هو موقع جديد لأناسٍ ( عاطلون )جداً , ولكن .. هل سيبقى الأنسان هو السلعة الاكثر رواجاً في سوق الموت والفساد ؟
|