لن اقطع يدي الفاسدة
يقال دائما ان ما نتعلمه في الصغر يبقى عالقا في اذهاننا ابد الدهر ورغم كل الاراء العلمية والنفسية حول هذا القول الا انني ومن خلال تجربة واقعية مؤمن بشكل كبير بهذه المقولة والى اليوم لا تزال عالقة في ذهني الكثير من الافعال التي نهيت عن ممارستها من قبل والدي او اساتذتي في مرحلة الطفولة وبالفعل فاني لا زلت مبتعد عنها نتيجة ذلك النهي. ولا زلت الى اليوم اتذكر العديد من الاحاديث والشعارات التي كنا نتعلمها خلال مرحلة الدراسة الابتدائية ومن تلك الاحاديث التي كنا ندرسها هو الحديث النبوي "لو اني فاطمة بنت محمد سرقت لقطعت يدها" والتي يؤكد فيه رسول الله "ص" على ان تطبيق القانون لا يوجد فيه مجاملة او محاباة او تمييز ان كان المجرم من اشراف القوم او من فقراءه او من القريبين من السلطة او من اعداءها أي ان الجميع سواسية امام القانون وبقى هذا الحديث وهذا المبدأ ملاصقا لي في حياتي منذ يوم قراءتي وتعلمي له. لكن الذي يبدو ان الحكومة العراقية الحالية وللاسف لم تدرس هذا الحديث النبوي ولم تتعلمه خلال مرحلة طفولتها فنجدها تتعامل مع ملف الفساد في البلاد بازدواجية غريبة جدا تعتمد على مدى قرب الفاسد من السلطة من عدمه فان كان الفاسد قريب من السلطة نجد الحكومة تحاول جاهده لطمر كافة تداعيات ملف الفساد الخاص به وتمارس تعديم كبير ضده وضد ابطاله. في حين نجد السلطة عندما تريد ان تخرج لنا دراما لقضية فساد تعيش فيها احدى المؤسسات او الدوائر التي قد لا تطيعها بالشكل الصحيح بصورة تضخيمية حتى لو كانت ملفات الفساد في تلك الدائرة او المؤسسة بسيط، وفي مثال على ما اتناوله ها هنا هو ما حصل مع ملفات الفساد المتعلقة بصفقة الطائرات الكندية التي تم شرائها من قبل مكتب رئيس الوزراء وقضايا الفساد المتعلقة بصفقة الاسلحة الروسية حيث وجدنا السلطة تعمل جاهده على عدم اظهار هذه الملفات للعلن وللرأي العام ووضع العديد من الحواجز والعقبات للوصول الى المعلومات الحقيقية لتلك القضايا والسبب في هذا كله لان الاسماء المتورطة بقضايا الفساد تلك اسماء مرتبطة بالسلطة وقريبة منها. في حين اننا عشنا تصعيد غريب في قضية الفساد الخاصة برئيس مفوضية الانتخابات السابقة فرج الحيدري واخذ سيل هائل من المعلومات يتدفق من المعلومات على وسائل الاعلام بخصوص ما كان يوصف بقضايا الفساد داخل المفوضية وكان الغريب في الامر ان القضاء عندما قال كلمته اتضحت الحقيقة ان الحيدري كان يحاكم بسبب هدر مال يقدر بـ200 دولار فقط لاغير وهو ما حصل ايضا مع قضية البنك المركزي العراقي والتعامل مع قضايا الفساد التي اثيرت حوله.