بطل الفيلم

 

الجيل  السابق من العراقيين  من سكان المدن يوم كانوا في مقتبل أعمارهم اختاروا من  أبطال الأفلام العربية والأجنبية شخصيات  كانت باعتقادهم  رموزا للبطولة،  في الدفاع عن الحق  والمظلومين ، وتحقيق العدالة  والانتصار على الباطل ، طيلة تلك السنوات  لكثرة عرض وتكرار افلام الراحل فريد شوقي عبر شاشة التلفزيون الأسود والأبيض ، استحوذ الممثل على  اهتمام المشاهدين بوصفه رمزهم المفضل ، وكان الجمهور يبدي حماسته ويطلق كلمات التشجيع عندما يطارد بطلهم  الممثل الراحل الآخر محمود المليجي الذي يؤدي عادة دور الشرير ، وبعاصفة من التصفيق ، تعبر مشاعر الجمهور عن اصطفافه مع الأقوياء  في ملاحقة الأشرار.
الإعجاب بفريد شوقي او  حسن رمزي  او عمر الشريف لم يقتصر على الشباب والمراهقين بل امتد الى  الشابات والنساء ، فأثناء عرض فيلم السهرة  العربي  مساء الخميس تذرف صاحبات المشاعر الرقيقة الدموع ، ومع تناول "حب الركي" هناك من تصب غضبها  ولعناتها على راس  محمود المليجي لسعيه الدائم لتفريق  المحبين والعشاق والأزواج بمخططات لإرضاء نزواته الشريرة ، ومع مجريات أحداث الفيلم ، وقبل مشهده الاخير ترتسم علامات الانشراح والسعادة على وجوه المشاهدات  لأن النهاية وكما اعتادت السينما المصرية وقتذاك تكون  بالزواج ، والحكم على صاحب المخططات بالسجن المؤبد بعد اكتشاف تورطه بتجارة المخدرات ، ويحيا العدل .
  شجاعة البطل الرمز في ذلك الوقت يستمدها من قواه البدنية وليست العقلية ، فهو لوكان يملك جزءا من  الثانية لما تعرض للمشاكل والمتاعب ، وحمل المشاهدين اعباء همومه وحزنه ، ولكنه عندما يكتشف المخطط يسخر ما يمتلكه من قوة ، لملاحقة الأعداء في عقر  دورهم ،  وعن طريق الركلات وتوجيه الضربات الى الخصوم ، يحسم المعركة المصيرية لصالحه ، فيتوجه المشاهدون بطلا للأجيال لم يشهد التاريخ الحديث والقديم مثيلا له  في الدفاع عن  النبل بأخلاق الفرسان  المدافعين عن الحق المغتصب .
المدافعون عن الحق في أفلام ذلك الزمن لم  تكن لديهم علاقات ، مع جماعات مسلحة ، أما منافسوهم فكانوا يبحثون عن  مرتزقة لخوض المعركة باستخدام العصي  لصالح من يدفع لهم المال ، او قضاء ليلة حمراء مع  امرأة لعوب ، سخرت إمكاناتها وما تملك من مواهب  الاحتيال والتآمر لتصطف مع الشرير.
  بطل الفيلم فقد حضوره في اذهان العراقيين ، قبل ان  تتوجه السينما المصرية الى  انتاج موجة جديدة من الافلام ،  لان اكثر  الممثلين من امثال فريد شوقي ومحمود المليجي وتوفيق الدقن ،  فارقوا الحياة ، وشغل مواقعهم آخرون ، لم يستطيعوا ان يقنعوا المشاهدين  بانهم رموز للبطولة ، والعامل الآخر لاندحار البطل ان مستجدات الاحداث في الساحة السياسية  العراقية ،  وهموم الحياة ومتاعبها  ومعاناتها المريرة ، جعلت العراقيين يفقدون الثقة بأي بطل يمكن ان يحقق العدالة وينتصر للحق ، وهم ينظرون الى واقعهم الراهن وكأنها مطاردة ليست لها نهاية بين فريد شوقي ، ومحمود المليجي ، وهم  يستطيعون أن يشخصوا من يمثل دور الأول والثاني ،
النهاية.