أحرص كلّما تصفحت أحد المواقع الإخبارية على النت كالـ(بي بي سي) أو الـ(سي أن أن) أو رويترز، أحرص على زيارة الروابط المتعلقة بأخبار العلوم والتكنولوجيا، ومن هناك استمتع بمتابعة آخر ما توصلت إليه عقول رهبان العلوم والتكنولوجيا، لكي أبقى على تواصل مع العالم الحديث، من جهة، ولكي اعرف، من جهة أخرى، أين نحن على خارطة الزمان والمكان. فمن حلال مقارنة أخبار بلدي بأخبار بلدان العالم الأخرى كل يوم، أزداد يقيناً يوماً بعد آخر بأننا في أسفل سلم الحضارة الإنساني. فبينما يقفز غيرنا قفزات هائلة في العلم والمعرفة، نبقى نحن مشغولين إلى الآن بتعريف أنفسنا لأنفسنا؛ هل نحن عراقيون أم عرب وكرد؟ هل نحن مسلمون أم شيعة وسنة، هل نحن بشر أم كائنات طفيلية تعيش على جهود وأفكار العالم المتحضر؟ لدينا مخترعو أزمات من مختلف الأصناف والأنواع، ولدينا فنانون في القتل البشع، ولدينا خبراء عالميون بفن إبادة المختلف. والأهم من هذا وذاك أننا نحتكر فن صناعة الفساد بجدارة، إذ ليس هناك شعب أو بلد تفوق علينا بهذا الفن، على الأقل من جهة أننا الأكثر جرأة على الكشف عن فسادنا، وشرعنة فسادنا، وحماية فاسدينا، وتمييع الملفات القضائية التي تثار حول هذا الموضوع، من خلال مُبْتَكر اللجان التحقيقية. يستطيع القاتل أن يتبجح بيننا بأنه قاتل، بعد أن يُنَصّب نفسه حامياً للدين أو الملة، ولا يستطيع المخترع أن يتبجح بيننا بأنه مخترع، إذ لا مكان لهذه المفردة في سلم أولوياتنا، ومن حق سلم الأولويات هذا، المكتظ بالموت والخوف والمرض والفقر، أن يستبعد مفردات تمثل بالنسبة إليه لوناً من ألوان الترف الفكري أو الاجتماعي. وحالنا في هذا الاستبعاد كحال المبتلى بمرض عضال، حيث يستبعد من مخططاته اليومية كل شيء يتعلق بالترف، هو لا يخطط لأي رحلة استجمام كما يفعل غيره، وإذا فعل وتجاهل المخططات الأهم، المتعلقة بإنقاذ نفسه من الموت، فهذا يعني بأنه لا يخطط بشكل منطقي. بالمناسبة، ليست جميع أخبار التكنولوجيا مفرحة، فمؤخراً قرأت خبراً أشعرني بالإحباط، وذلك يوم اعترفت شركة ميكروسوفت عن الأخطاء الكبيرة الموجودة بنظام (وندوز8)، وهو النظام الذي يعمل عليه الجهاز اللوحي الخاص بي، ما يعني بأن ثقتي بهذه الشركة، والتي دفعتني لتفضيل منتجاتها على منتجات شركتي أبل وسامسونج، كانت في غير محلها. إذاً في النهاية لدى العالم المتحضر مشاكله، كما لدينا، لكن مشاكلهم مع المخترعين ومشاكلنا مع السفاحين.
|