سلطة هرمة

 

في تصنيف لا يخلو من طرافة ، حاول احدهم تشبيه الدول بالنساء ،فالمتحضرة منها ذات الاستقرار السياسي والاقتصادي والأمني والاجتماعي ، تبدو كامرأة جميلة  جذابة  تلفت الأنظار برشاقتها وعطرها ، وعندما تكون الدولة بهذا الجمال فيعني ذلك ان السلطة القائمة على إدارتها ،تتمتع بذات الأوصاف ، بحسب مبتكر  التصنيف الذي طرحه على  حسابه الخاص على شبكة التواصل الاجتماعي .
الدول  الأخرى المعروفة بصراعاتها السياسية واضطراب أمنها ، وتدني المستوى المعيشي لأبناء شعبها ، والحريصة على الدوام على تعزيز ترسانتها العسكرية ، وملفها في مجال الدفاع عن حقوق الإنسان غير مشرف ، هذه الدول ،  تشبه امرأة مسترجلة سليطة اللسان ، تديرها سلطة هرمة ينخر الفساد مؤسساتها ، وسجونها مزدحمة على الدوام ، تستمد بقاءها من الأزمات وعلاقاتها بجيرانها متوترة ، وحدودها منتهكة ، ، وأبرز مواهبها أنها على استعداد للانضمام إلى أي محور إقليمي ، لغرض إثبات حضورها في الساحة الدولية بوصفها مصدرا لتصدير المشاكل.
    الدول العربية صاحبة التاريخ العريق الممتد إلى حضارة قديمة،  كما تقول كتب التاريخ من الصنف الثاني ، جعلت شعوبها تعيش في تعاسة أزلية  ، ومن ملامح قبحها ان السلطة فيها تستمر عشرات السنين بإدارة الحزب الحاكم ، وهذه القاعدة لا تنطبق على دول مثل سويسرا وبريطانيا وهولندا والسويد وغيرها صاحبة الإرث الديمقراطي ، لأنها عرفت مسارها منذ مئات السنين ، فحافظت على شبابها وسر جمالها .
السلطة الهرمة ، اعتمدت دستورها الخاص  المكتوب بإرادة فئة قليلة ليضمن بقاء حاكمها  على العرش مدى الحياة ، وعندما ينتقل إلى جوار ربه سواء بالمرض أو بانقلاب عائلي ، أو بحادث اغتيال يتربع على العرش الوريث الشرعي ، بلقب صاحب الجلالة ،  تبدأ دورة أخرى جديدة ،تكرس القبح في غياب الديمقراطية .
    شعوب الدول  الخاضعة لسيطرة السلطة الهرمة ، شخصوا أسباب قبحها ، فأذعنوا للأمر الواقع ، لأن القضية خارج إرادتهم ، وبعضهم استسلم للقدر لأنه مكتوب على الجبين ، ومن واجب الفرد تقديم الولاء والطاعة لأولي الأمر ، وانتظار رحمة الله ، وترك القضايا المصيرية الكبيرة،  تأخذ مسارها الطبيعي  من دون تدخل البشر ،  فاعتمدت السلطة الهرمة ، على هذه النظرية  لضمان بقائها،  وترتيب حساباتها لعشرات السنين المقبلة ، ولا يهم ان كانت الدولة  ضمن التصنيف الأول أو الثاني.
 صاحب التصنيف استند إلى  حالة اجتماعية كانت سائدة في حي بغدادي قديم ، وفي مراجعة لما سجلته  ذاكرته  عن طبائع  نساء الحي ، وجد ان من تتمتع بالجمال أكثر حفظا للسانها ،  وتحرص على الابتعاد عن  الشجار والدخول في حلبات "عركات النسوان " على عكس صاحبة  اللسان السليط المستعدة للدخول بشجار مع الرجال واستخدام مختلف الأسلحة ، للحصول على الحزام الفضي  بالمصارعة الحرة ، والدول على  هذين النموذجين ، ويالتعاسة الشعب عندما  يكون  تحت رحمة سلطة هرمة ، لطالما ادعت أنها توجت ملكة جمال المنطقة العربية .