حديث ذو مرارة

 

ربما نقول ان بعض القوى السياسية خدمتها الصدفة وضربة الحظ في الوصول الى هرم السلطات , ولكن لا ننكر ان المواطن العراقي بطل حقيقي وشريف وطني يعانق الموت من أجل الحقيقة ويستنشق من دخان رماد ابنائه ولا يركع لظلم جلاديه , ساحة تجارب الرجال والقادة ومن يحمل الوطن على أكتافه , لا يقبل بمشاريع وافدة من أجندات سوداء تمزق بمخالبها وحدة تاريخ وقيم ومباديء إنسانية , شعب لم ينصفه الأخوة والأصدقاء و مطمع لكل الاعداء , أجساده لا تزال حية تنطق من تحت الأرض بعد ان سطرت دروب الشهادة بحروف من نور وكانت لبناء مجتمع ووحدة أمة , اختلطت من الشمال الى الجنوب, لم يفرق بينه الأضطهاد وجمعه الأستبداد ,راهن عليه الجميع بضربه و فرقة تنوعه وتجانسه الذي قل نظيره , أطراف السياسية تسعى إلى تقسيم العراق وتبني استراتيجيتها على هذا الأساس فعليها أن تكون واضحة , تخرج للشعب وتصارحه بعيداً عن الشعارات الأنشائية ، وإن كانوا مع وحدة العراق ارضًا وشعبًا فعليهم القيام بخطوات فعلية تدلل على الحرص والتوجه , قوى توغلت بأستهانة مفهوم المواطنة وتعمدت إضعاف الدولة و تمترست خلف الطائفية , التكليف الشرعي والوطني يحتم مراقبة جرس الانذار مبكرًا والتحذير من خطورة المنزلق, ومراعاة سيادة العراق وقوته ولحمته بكل تلاوينه وتشكيلاته , الحاجة ملحة إلى نية صادقة من الكتل السياسية و الأزمة الراهنة والممتدة منذ اكثر من سنوات تحتاج إلى دراسة وتحليل وتقديم حلول ومعالجات تطمئن الجميع , الدستور والقوانين جناحان لحل الأزمات التي ترهق المواطن , وتحتاج للأصغاء ومعالجة المشاكل التي تواجه المجتمع , ومطالب للأقاليم والفدرالية الانفعالية غير المنضبطة في هذه الظروف ستؤدي إلى التقسيم وتجعل العراق موحدًا شكلًا ومقسمًا واقعًا إلى اجزاء تسيطر عليها جماعات معينة ولا تسمح للآخرين المشاركة فيها وربما في حالة الأقتتال , الأجواء المتوترة والمشحونة حاليًا تأخذ بالبلاد إلى الهاوية , وليس كما هي الفيدرالية الادارية هي التي تجعل الناس منشدين إلى بعضهم البعض، الصراعات والأزمات السياسية وما ينتج منها من توتر أمني وأراقة للدماء وأنتشار المظاهر المسلحة , وأبتعاد الشركاء السياسيون عن مشتركات شعب واحد تكاد أن توحي وتتحول الى ملامح التقسيم من خطط ومشاريع الساسة إلى حديث جماهيري يتم تداوله تحت تبريرات كثيرة ومتناغمة تتلاعب بأحاسيس ومشاعر المواطنين حيث يتم عرض التقسيم والأقتتال , وكأنه قدر جاء بعد تجربة كل الحلول , الشعب العراقي ونتيجة الكم الهائل من المشاكل التي مر بها صار فطنًا وخبيرًا في تحليل النوايا , وادرك الحوار الصادق البناء بين جميع الكتل السياسية هو الحل الصحيح بعدما أنفتحت العقلية المجتمعية العراقية على الثقافات والديمقراطيات العريقة , وحتى الحروب لا يمكن حلولها الاّ بالحوار , و الأزمة تكمن مفاتيح حلولها في شراكة المسؤولية وليس بشراكة الصراع والضغط , عقد اللقاء الوطني الذي دعا له السيد عمار الحكيم لا يشترط مكاناً أوعنواناً, ولكنها تحمل للمسؤولية والواجب أمام التاريخ بغض النظر عن الأعتبارات السياسية والشخصية الأنية والمكسب السياسي ، وطلب عقده في البرلمان او مجلس الوزراء او في مكتبه كونه أكثر من مرة جمع الفرقاء لمناسبات عدة , او اي مكان يختاره الشركاء, وغاية الأهمية تكمن في التوقيت والزمان ، اللقاء الرمزي رسالة تطمين للشعب العراقي من جهة وتحذير للقوى الأرهابية التي تعتاش على الصراعات بين العراقيين. وحدة الشعب وارضه وسيادته وحرمة دم ابنائه ونبذ الطائفية هي الثابت المقدس للجميع , لا يختلف عليها القوميات والاديان والمذاهب والدستور مرجعية في الخلافات السياسية, مواقف شجاعة ونبيلة مخلصة تجاه الحوار ومن مختلف الجهات والقوى العراقية التي أبدت حرصها ودعمها ومشاركتها في هذه الوقفة الرمزية ,والمواطن ينتظر تجاوز فك عقدة الفرقة ويأمل الحلول ، الحديث عن التقسيم والطائفية وسيل الدماء حديث ذو مرارة، ولكن المسؤولية الشرعية والوطنية تحتم علينا الحديث بما نحسه وبما يجري بعد أن تجاوزت القراءات الخط الأحمر نتيجة مسارات خاطئة وخطيرة, وأن التاريخ لا يرحم وسيحمل من يسعى للتقسيم والطائفية والدعو للأقتتال وتبرير افعال الأرهاب وتهميش المواطن العراقي لوقفة كبيرة ومسؤولية أمام الوطن .