أما يكون سلاما كاملا أو حربا شاملا |
يعيش البغداديون هذه الأيام الدامية و الدموية أجواء و مناخات الحرب الأهلية التي اندلعت بين عامي 2006 و 7 ـــ ولكن المؤسف مثلما قال بعضهم حانقا ـــ أن تلك الحرب لم تأخذ مداها الكامل ولا أدت إلى مناطقية صافية بالمطلق طائفيا أو مذهبيا أو عرقيا ، فبقيت التداخلات و الاحتكاكات و الاختراقات و حيث جرت عملية كنس الأزمات تحت السجادة لتبرز إلى الواجهة مجددا و دائما :خالقة التوتر و الاحتقانات و شعورا دائما بالمظلومية بين جميع المكونات العراقية .. وها هي أجواء تلك الحرب تعود مجددا ، لكونها لم تعالج الأسباب و المسببات التي أدت إلى خلق أجواء تلك الحرب، كما ينبغي و يجب ، وهاهي تعود على شكل حرب التفجيرات و المفخخات و قتل المواطنين العزل بالمفرق و الجملة و الذين ليس لهم ناقة أو لا جمل في صراع الأحزاب و الساسة على السلطة و بسط النفوذ .. وهم لم يعدوا يتحملون بعد هذا الوضع الجهنمي الذي لا يطاق يريدون الخلاص منه بأي ثمن كان : فهم يريدون أما سلاما شاملا بين جميع أطراف النزاع بشكل جذري و شامل ، بحيث يعود الأمن و الأمان الحقيقيين إلى العراق أو تندلع حرب شاملة بين أطراف النزاع و ليضع حدا لكل هذه الفظائع و المآسي الجارية حاليا في العراق.. أن تصورا من هذا القبيل بدأ يشغل أذهان بعض من الناس ، لكونهم يريدون الخلاص من هذه الكوابيس اليومية الرهيبة و المتجسدة على شكل تفجيرات يومية ومتواصلة و كثيفة تنغص عليهم حياتهم اليومية ، و تجعلها مريرة و شاقة جدا ، و مشحونة بهواجس القلق العاصف و الموت المرتقب أو المتوقع في أية لحظة كانت .. فأي بشر ــــ غير العراقيين ــــ يستطيعون تحمل حياة متوترة و كلها هلع و ذعر و موت وجراح و دماء ، تترصدها مفخخات و كاتمات أشباح من قتلة ينفذون جرائمهم في أية لحظة و دقيقة ، و على شكل دوي و دمار، مع سقوط عشرات من الضحايا المسالمين ؟.. هكذا تساءل أحد سواق التاكسيات ساخطا و ناقما وهو يغلي غضبا و أضاف كمن نفد صبره تماما : ـــ يمعود خللي يخلصونا عاد .. سواء بالسلام أو بالحرب .. و عندما قلنا له بأن الحرب ليست نزهة .. فهز رأسه بيأس قائلا : ــ صدقيني يا أخي ما من شيء أسوأ من هذا الوضع الرهيب الذي نعيشه الآن كأسرى خوف و موت محتمل . |