في بلد تتعدد اعراقه واديانه ومذاهبه لايمكن ان يكون بعافية اذا ارتكز حراكه السياسي على الاديان والمذاهب والاعراق ، وابتلينا كشعب بقلة الوعي لنتقبل احزاب وجهات سياسية ارتكزت في عملها ومشاريعها على بناء المذهب والعرق بدلا من الوطن والدولة ، قلة الوعي استثمره ساسة المذاهب والاعراق اعنف استثمر ليشاركهم بذلك وللأسف الشديد رجال المؤسسة الدينية ، وهانحن نؤصل لواقع سياسي يكون فيه الشيعي رئيسا للوزراء والسني رئيسا لمجلس النواب والكردي رئيسا للجمهورية ، بل وامتد الامر لتعاد اخلاقية الاحزاب الديكتاتورية ولاسيما حزب البعث ليكون الولاء للاحزاب هو العامل الحاسم والوحيد في تسنم اي منصب من مناصب الدولة لتتهاوى الدولة في هاوية التدمير والتلاشي..... تم منع العمل السياسي في الجامعات والكليات والمعاهد ولقلة وعينا تقبلنا هذا القرار جذلين لخشيتنا على تفشي الطائفية في الجامعات بعدما تفشت في مفاصل الدولة الاخرى ودوائرها ، ولكن ما تبين لنا اليوم ان قرار المنع هذا كان يهدف شيئا اخر اكثر قذارة وتحطيم لدولتنا ووطننا ، فعملية منع الحراك السياسي في الجامعات سيذهب هذا الحراك باحثا عن حاضنة يستطيع التحرك بها ، وهنا سوف لايجد اي حواضن مدنية بل سيجد فقط الجامع والحسينية ليتحرك بها ، وبهذا ستتشكل وتنمو المادة التي تعتاش عليها الاحزاب والجهات السياسية الدينية ، لينتج من ذلك بيئة سياسية طائفية بامتياز ، وبالتالي ستؤصل الطائفية لتستشري في المجتمع باجمعه وفقا لمقولة الناس على دين ملوكهم... والبلية لم تصيب الشعب فقط بل يشترك مع الشعب في هذه البلية هو الله سبحانه حينما تسلب جميع بيوته لتصبح ملكا للاحزاب والجهات السياسية الاسلاموية ، والغريب ان بيوت الله قد سلبت اكثرها حينما تشظى المسلمون الى مذاهب ليصبح المسجد - بدلا من ان يكون لله – للحنفية والشافعية والمالكية والحنبلية والجعفرية ووو ، واليوم زيد الطين بلة ليصبح للدعوة والمجلس والتيار وبدر والفضيلة والحزب الاسلامي والاخوان والتحرير والسلفية وووو وان تعدو الحركات والاحزاب الاسلامية لاتحصوها !!!
نعم ان حمام الدم سيستمر لان السلطة ستكون بيد طائفة دون غيرها ، فمن الحماقة ان نصدق ان التحالف الوطني هو وطني والعراقية هي عراقية بل القائمتان طائفيتان ولايمكن ان يملك الطائفي حسا وطنيا ، واذا ما تسلمت السلطة قائمة شيعية سيحاربها السنة معتمدين على الدعم المالي واللوجستي من دول العربان والخليفة اردوغان ، بينما اذا تسلم السلطة قائمة سنية سيحاربها الشيعة معتمدين على الدعم المالي واللوجستي من ايران ، وتستمر ارض العراق باستقبال الدماء كل يوم.... ربما الغاء منع العمل السياسي في الجامعات والكليات سينقل الحراك السياسي من مساجد وحسينيات الاحزاب الاسلاموية الى الجامعات ، وفي الجامعات ستكون البداية صعبة وتحاول الطائفية ان تتحرك فيها في بداية الامر الا ان طبيعة الجامعات وما تحتويه من شريحة شبابية وذات وعي اكثر نسبيا من غيرها من الشرائح ستهزم الطائفية وتخلق خطابا وطنيا وحركات واحزاب وطنية ستكون بديلا عن خفافيش الظلام .
|