الإرهاب لم يميز لا بين مريم علي ولا بين آية سعد الدليمي

 

الصفة المميزة للإرهاب الأعمى هي : إنه كالوحش الكاسر : يفتك ويمزق و يهلك كل من يقع في طريقه من كبير و صغير ، و لا يميز بين هذا و ذاك ، ولا يقيم اعتبارا أو وزنا لأي قيم أو مبادئ أو عقائد ، ناهيك عن مشاعر و اعتبارات إنسانية أم لطفولة أو كهولة .. هدفه الأساسي و الرئيسي هو القتل من أجل القتل ، هو أن يضرب و يقتل و يهلك بعضا أو فريقا من الناس ودون ضرورة لمعرفتهم ـ الشخصية ـــ إذ تكفي هويتهم المذهبية ــــ و لا يهم أن كانوا أبرياء و مسالمين ، فذلك سيان له تماما ، المهم أن ينتموا إلى دين ما ، إلى طائفة أو أقلية ما ، ليكون هذا الانتماء ـــ كذنب ــــ سببا كافيا لقتلهم و إبادتهم .. وهذا ما حدث بعينه مع طفلتين عراقيتين بريئتين ، فإحداها و نعني الطفلة و القتيلة الشهيدة مريم علي التي ذهبت ضحية أمام وحشية الإرهاب التكفيري الذي أطفأ روحها البريئة و النقية وهي لا زالت برعما في طور التفتح و الازدهار في شجرة الحياة الفتية و الخضرة النضرة ، بينما الثانية آية سعد الدليمي قد أضحت يتيمة وبلا معيل ، بعدما أطفأ الإرهاب الميليشاوي روح والدها سعد الدليمي ، في ضراوة تصاعد الجنون العراقي في القتل الهستيريا و المتبادل و المجاني إلى ذروته الوضيعة الحالية .. عراقي يقتل عراقيا أخر لا شيء سوى أنه ينتمي إلى مذهب ما .. و هكذا تحتم على إحداها أن ترحل مبكرا جدا ، وهي لا زالت فتية يانعة كزهرة نضرة و غضة في حدائق الحياة الزاهية ، لتُحرم من نعمة العيش السعيد .. بينما أضحت الثانية يتيمة وحزينة و مطعونة القلب بفقدان الأب القتيل غدرا ، و حيث ستبقى محرومة من حنانه الدافئ ورعايته وحمايته الضروريتين ، و هي تذرف دموعها المدرارة و الحارة بين نشيج و أخر ، مستغرقة و صافنة دون أن تفهم من قتل أبيها فجأة و لماذا ؟ّ.. *رباط الموضوع : روت لي إحدى قريباتي " الشيعية " وهي طالبة في المتوسطة بأنها وجدت في الصف صديقتها " السنية "متشحة بالسواد و ثمة حزن عميق يخيم على ملامحها و عندما سألتها عن السبب روت لها خبر مقتل والدها غدرا و على الهوية .. ومن المؤكد أن أم مريم علي هي الأخرى متشحة بالسواد و الألم و الحزن لكونها فقدت أبنتها و زوجها اللذين قتلا على الهوية لتواجدها في مسجد شيعي الذي فجره انتحاري تكفيري مهووس بقتل الشيعة .