الأمة الجنسية

 

مازال باب الجهاد محفزاً لعقول رجال الدين على التفنن في صناعة الفتوى. وما زالت فتاوى الجنس والجهاد تتصدر المشهد. فبالأمس مثلاً أفتى أحدهم بوجوب جهاد المناكحة، وهو جهاد حديث يبيح للفتيات السفر الى سوريا من أجل النوم مع المجاهدين واشباع رغباتهم الجنسية. لذا تسارع المؤمنون للدفع ببناتهم المراهقات من اجل كسب رضى الله تعالى والظفر بالجنة. ولا يهم أن تنام المسكينة مع مجاهد سوريّ، سعودي، أفغاني، أفريقي أو حتى الجمع بينهم مادام الثواب على قدر المشقة. بل لا ضير أن تموت هذه المجاهدة من كثرة (الجهاد) فالولدان المخلّدون بانتظارها في الجنة. عندما تشاهد مقطع ڤيديو عن مجاهداتٍ تونسيات لبّين نداء جهاد المناكحة في دولة الشام الأسلامية، وعندما تشاهد مقطعاً آخر يصوّر مجاهداً يلفظ أنفاسه الأخيرة وزميله يسأله عن حور العين بدلاً من اسعافه، وعندما تقرأ تويتة لشيخٍ يجيز توسيع مؤخرة المجاهد من أجل حشوها بأكبر عددٍ من أصابع الديناميت المعدّة للتفجير، وعندما ترى معمماً يحذر النساء من قراءة سورة يوسف لما فيها من إيحاءات جنسيّة، أقول عندما ترى كل هذا ستتفق معي بأننا أمة جنسية. أي والله نحن أمة جنسية. فماذا تسمّي أمةً ربطت كل شيء بالجنس؟! وماذا تسمّي أمةً ملئت مكتبتها الفقهية بفتاوى المناكحة؟! وأي وصف يناسب أمةً تتحدث عن حور العين أكثر من مما تتحدث عن حقوق الأنسان؟! ولماذا علّقوا كل شيء بالفرج وخصّصوا مجلدات ضخمة في باب النكاح؟! هل هو الكبت الجنسي الذي سبب لنا كل هذا الكم من العقد؟! أم هي الغزارة الجنسية التي يمتاز بها (المؤمن) فيصرّفها بالزواج المبكر تارةً وارتياد محلات بيع الهوى تارةً اخرى، فإن لم يجد هذا ولا ذاك ذهب للجهاد في سبيل حور العين؟! لقد باتت عندي رغبة أن ألتقي مجاهداً في الجنة لأسأله عن حور العين. كيف كان النوم معها تحت عين الله تعالى؟! وهل تستحق كل هذه الدماء التي سالت من أجلها؟! وهذه الآلاف من الأرامل واليتامى والمشرّدين ماذا حدثتها عنهم؟! هل ضمّتك لصدرها بعدما أخبرتها بعدد ضحاياك؟! أم ركلتك على مؤخرتك وقالت لك اخرج منها مذموماً مدحوراً؟! حقاً بتّ متشوقاً لمعرفة الأجابة سيما وقد تلقيت اليومَ خبر استشهاد الشيخ هيثم في سوريا. هيثم كان زميلي في الدراسة الثانوية قبل أن تتلقفه ماكنة التطرّف. كان بريئاً جداً ومسكيناً جداً يعاني من قسوة أبيه معه، مما جعله يفعل كل شيء بالسر والخفاء. كان يدخن السجائر سراً خلف سياج المدرسة ويحرص على أكل الهيل للقضاء على رائحة النيكوتين في فمه. وكان يقف تحت سلّم المدرسة ليسترق النظر الى ما خفي من أجساد المدرّسات حين يصعدن السلّم. كبت قاسٍ ذلك الذي عاشه هيثم أيام مراهقته أوصله يوماً أن يخرج من بيت أهله الى حيث لا يدري. بعد سنتين رأيته وقد أطلق لحيته وقصّر ثوبه، ردّ عليّ السلام حينها بإيماءة لم أره بعدها. اليوم بالصدفة سمعت أنه هاجر للجهاد في سوريا وقُتل هناك. لكني اخشى ان صديقي هيثم لم يحقق حلمه بالظفر بحور العين بعدما تشظّى جسده في سبيلها. واخشى انه بات اليوم نادماً ويتمنى لو كان باقياً على (أم الجواريب). أم الجواريب هذه كانت فتاة دعاية جميلة وضعت صورتها على غلاف باكيت جواريب نسائية. يقول هيثم انه قصّ تلك الصورة ووضعها تحت وسادته، وكلما اطمئن أن أباه قد نام أخرجها ليمارس معها احلام يقظته سرّاً.. ألم أقل لكم بأننا أمة جنسية؟!