بين برواز حسين و سردشت عثمان

 

جميلة و بديعة و رائعة تلك الرسالات التي يبعثها بين الفينة و الاخرى المطرب راغب علامة بشکل خاص و زملائه الثلاثة بشکل عام، في برنامج"عرب ايدول"، والتي تحمل مضامين إنسانية و تدعو الى جعل صوت الفن و الثقافة يعلو على صوت الرصاص و المدافع ولاسيما عندما غنى المتسابق السوري عبدالکريم حمدان، او عندما غنت برواز حسين و ماذکره راغب علامة بخصوص الدور الذي تلعبه المتسابقة الکردية في إرساء الالفة و المحبة بين العرب و الکرد.
محمد عساف المتسابق الفلسطيني، أو کما يسمونه"الصاروخ"، والذي يحظى بدعم خاص من جانب الرئيس الفلسطيني محمود عباس الى الحد الذي بعث بنجله للبرنامج ليشجعه للمضي قدما حتى نيل لقب العرب ايدول"والذي حتما سيکون له"، قابله قدوم نائب رئيس حکومة إقليم کردستان عماد أحمد لنفس الغرض فيما يتعلق بالمتسابقة برواز، لکن، السؤال المهم الذي يجب طرحه هنا هو: هل حقا أن الفن الفلسطيني و الفن الکردي مدعومان من قبل السلطات القائمة في کلا الجانبين؟
کنت صحفيا في أربيل في عقد التسعينيات عندما سمعت بوفاة المطرب الشعبي الکردي"رسول بيزار کردي"، وکنت هنا عندما سمعت أيضا بوفاة المطرب الشعبي "أحمد شمال"، وقد مات الاول وهو يتحسر على حاله و على عدم الالتفات إليه من جانب المسؤولين إليه حتى أن تحسره هذا قد ذهب مثلا، فيما مات الاول بحسرته ولم يلتفت إليه أي مسؤول في حکومة الاقليم"الداعمة و الحاضنة"للفن و الادب و الثقافة، لکن المطربين المذکورين يجب أن يکونا سعيدين بوفاتهما على تلك الحالة ولم يلقيا مصير الصحفيين الشهيدين"سردشت عثمان" و"سوران مامه‌ حمه‌" اللذين تم إغتيالهما في وضح النهار لأنهما تخطيا حدود المسموح و المعقول في إقليم"المجتمع المدني"وفق الطراز العشائري وان الاصابع کلها تشير لطرف واحد دون آخر!
الشاعر الکردي المعروف"عبدالله کوران"، يقول في قصيدة"درويش عبدالله"، التي ترثي عازف ناي کردي بذلك الاسم مات في احدى أزقة السليمانية في العهد الملکي متمجدا من البرد:"منزلة المبدع عند الاقوام العادية مثل إنعکاس القمر في حوض ماء عکر"، وبالامکان الى حد ما تشبيه موت المطربين المذکورين آنفا"في ظل الحکومة الرشيدة بالاقليم"، وهناك أيضا أدباء و شعراء يعانون شظف العيش و الحکومة الاقليمية الرشيدة تستلم حصة 17% من نفط العراق ولسنا ندري الى أين تذهب هذه الحصة الضخمة قياسا الى العدد المتواضع لسکان الاقليم؟!
أنا أعتز ببرواز حسين و أتمنى کأي عراقي فوزها في البرنامج، رغم ان تخطيها لمحمد عساف يکاد أن يکون أمرا مستحيلا لکون الاخير يجمع عاملين مهمين جدا وهما قدرته الابداعية الملفتة للنظر، وکذلك الدعم العربي الکبير له لکونه فلسطيني ولاسيما وان اللجنة قد إستبقت النتيجة النهائية لأکثر من مرة بإعلانها أن محمد عساف هو عرب ايدول"وهو کذلك کما ذکرت في البداية"، لکن کان يجدر بالحکومة أن تدع برواز و شأنها لأنها وصلت الى هناك بدونهم و ستستمر أيضا من دونهم و الاولى بهذه الحکومة أن تلتفت الى الکثير من الفنانين و الادباء المتواجدين في داخل الاقليم و الذين يعانون الامرين في حياتهم، والاهم من ذلك أن لاتزعم حرية الصحافة و الصحفي يدفع حياته ثمنا لو تجاوز و تخطى حدود المسموح و المعقول في إقليم الوجوه التي جاءت لتبقى!