" .. العَرَب أعداء .. الإيزيديين لايعرفون النظافة .. المسيحيين كُفّار .. الخ " .. هذه هي مظاهر الثقافة السائدة ، لدى [ بعض ] القطاعات المجتمعية ، للأسف الشديد . كمْ نسبة هؤلاء البعض ؟ لا أعرف بالضبط .. لكني واثقٌ من وجودهم ، وهُم ليسوا قليلين على أية حال !. قد يغضب أحد القُراء ، وقد يعترض آخر وينفي أن تكون هذه الحالة موجودة أصلاً .. فأقولُ لهؤلاء : تمعّنوا جيداً أيها السادة ، حوالَيكُم .. بل إبحثوا حتى في نفوسِكُم .. إستمعوا الى ما يقوله هؤلاء البعض ، في المقاهي .. في الشوارع والمتنزهات ، بل أحياناً في الجوامع والمدارس أيضاً ! . الكثير من هذه ( الأحكام المُسبَقة ) الخاطئة والشنيعة ، مُتفشِية في مُجتمعنا .. وينبغي الإنتباه الى ذلك .. لأن تجاهُل هذا الأمر ، في إعتقادي .. سيُشكِل خُطورة على الأمن المُجتمعي في المُستقبل المنظور .. وسيُساعد على ترسيخ مفاهيم مغلوطة ، في أذهان الأجيال القادمة . يقيس هؤلاء البعض .. العَرَبَ ، بِمقياس صدام أو علي الكيمياوي أو مسؤول فرع حزب البعث السابق ، الذي آذاهم قبلَ ثلاثين سنة .. ويعتبرُ العربَ جميعاً مثل هؤلاء ! . بل يستطرد أكثر ، ف " يُؤكِد " ، ان أهالي تلعفر التُركمان سيئين وأزلام للحكم البائد ، لأنه كان في مدينته في الثمانينيات ، عدد من عناصر دائرة الأمن ، من أهالي تلعفر التُركمان ! . هؤلاء البعض ، طالما سمعوا قسماً من أنصاف الملالي ، يقولون بأن المسيحيين النصارى هُم كَفَرة ، فترّسَخَ ذلك في أذهانهم ، وإعتبروها من المُسلّمات ! . هؤلاء البعض أيضاً ، لم يختلطوا على الأغلب ، بالإيزيديين ، عن كثب .. ولم يعملوا مَعاً ولم يُعاشروهم .. لكن قيلَ لهم ، بأن الإيزيديين لايهتمونَ بالنظافةِ كما ينبغي ، فصّدقوا ذلك دون تمحيص ! . والمُشكِلة ، أن هذا النَمَط من التفكير المُبتَسر ، إذا لم يُوقَف عند حّدِه ، ولا يُدحَض ولا يُعْتَرَض عليهِ .. فأنهُ سيتحول تدريجياً ، إلى " إسلوب " حياة وطريقة فّجة في " تقييم " الآخرين .. وأخيراً الى سبيلٍ لإصدارِ أحكام سهلة وجاهزة ، على الجماعات وعلى الأفكار أيضاً ! . وهنا تكمن الخطورة . هؤلاء البعض ، يتعامون عن حقيقة .. أن الكثير من " العرب " الشرفاء الشجعان ، ضّحوا بحياتهم من أجلنا ، طيلة سنوات الكفاح المُسلَح .. عن عربٍ لازالوا يدافعون عن قضيتنا بكُل جدٍ وإخلاص ، لأنهم إنسانيون أكثر من العديد مّنا ! .. عن ضباطٍ وجنود عَرب ، رفضوا تنفيذ الأوامر الخاصة بالإبادة الجماعية ، فدفعوا حياتهم ثمناً لذلك ! .. قد يقول قائل : وكَم نسبة أمثال هؤلاء العرَب ؟ .. أنهم كثيرون أيها السادة ، وهُم يُمثلون الجانب المُشرق .. وبالطبع هنالك العديد من السيئين والأوباش .. كما أن هنالك سيئون وأوباش بيننا أيضاً !. كَم مّنا ، يعرف أن طَياراً ( تُركمانياً ) بطلاً شامخاً ، رفض أن يقصفنا بالأسلحة الكيمياوية ، فعُذِبَ واُعدِم وهو غير نادم ، مرفوع الرأس ؟ ! . وبالمُقابِل .. أليسَ هُنالك مِن بَني جلدتنا ، مَنْ شاركَ في ذبحنا بحماسة وعن سبق إصرار .. لكن لا أحد ، يّدعي .. أن العشيرة او القرية ، التي ينتمي لها ، أولئك المجرمين ، كُلهم خَوَنة ! . لا أدري كيف لم يكتشف هؤلاء البعض ، أن المسيحيين عموماً ، هُم ملح هذه الأرض وزبدتها .. ومُؤمنون وفق [ دينهم هُم ] ، وهُم عنوان المحبة والسلام .. فمَن أعطى هؤلاء البعض ، صلاحية تكفير هذا أوذاك ؟ .. أعتقد ، انه لو دّققنا ، في سلوك هؤلاء الذين يُكّفِرون ، لوجدنا أنهم مُنافقون ، بعيدون عن الإيمان الصحيح ، مُتاجرون بالدين ! . عملتُ لسنين مع الإيزيديين ، وأشهدُ أنهم في العموم .. مُخلصون في العمل ، صادقون اُمناء .. طيبون .. ولا يزال البعض من أفضل أصدقائي ، إيزيديون .. حيث تبهرني ، نظافة بيتوهم وطعامهم ، وحُسن ترتيب حدائقهم وهندامهم ! . ............................. لشّد ما تعجبني ، فكرة " المواطن الكوني أو العالمي " ، الإنسان بِحَق .. المُتخطي : للقومية والوطنية والدين والمذهب واللون والعِرق . ولشد ما يزعجني ، ان .. يكون بيننا لِحَد اليوم ، البعض مِمَن ، ينثر أحكامه المُسبقة الخاطئة ، ويُعّمِم بِحماقة ! . |