للوهلة الأولى، حين تطأ أقدامك إحدى مدن الزائرين التي تم تشييدها من قبل العتبتين المقدستين الحسينية والعباسية في مداخل مدينة كربلاء المقدسة، تشعر انك في بلد آخر غير العراق، وفي مكان اُنجز بأيدِ فنية ماهرة، وبجهود ورعاية مخلصة ومحبة ووفية. تتجول في أروقة وساحات وغرف المدينة فتتصور انك في إحدى الدول المتطورة عمرانياً، المتمرسة في مجال التخطيط والتنمية والاستثمار الأمثل للمواقع الجغرافية المهمة في البلد. يستقبلك المشرفون والعاملون في المدينة، فتنسى انك في العراق للأسف أقولها. ففي المدينة تجد الجميع متواضعون، مبتسمون، مندفعون بجد، مهتمون بعملهم بإخلاص، لا تبرّم، لا غِلظة، لا صياح وصراخ فيما بينهم، لا سخرية ولا ضحك بصوت مثير للاشمئزاز كما عند اغلب عمال مشاريع الدولة!! نعم، تجد أن من يستقبلك مستعد لفعل أي شيء لإسعادك، وإجهاد نفسه لإراحتك، صابراً على انفعالاتك وتهجمك مهما كان ، لأنك ببساطة ضيف الإمام عليه السلام وهو خادم لك ويتشرف بهذه الخدمة لان لا ذلة فيها. لو تحدثنا عن جمالية المدينة التي زرتها وهي الواقعة على طريق كربلاء- الحلة، فسنجد أنها عبارة عن عدد من الشقق الفاخرة الخاصة بالوفود الرسمية الخارجية من وزراء ومسؤولين كبار، وعدد من ( السويتات ) الخاصة بالوفود الداخلية من مسؤولين ومثقفين ورجال دين وغيرهم. إضافة إلى عدد من القاعات المقسمة إلى قاعات رجال وقاعات نساء مفتوحة للزائرين المتوجهين إلى كربلاء المقدسة وبدون حجز مسبق . الأمر الجميل أن كل سويت أو شقة أو قاعة يحمل اسم واحد من أصحاب الإمام الحسين في وقعة الطف الخالدة وهذا بالطبع اقل ما يقدم لهم، لكنها بادرة رائعة بتمجيد الماجدين وتخليد الخالدين ومن أفضل من الذين قال عنهم أبي الأحرار إني لا اعلم أصحاباً خيراً ولا أوفى من أصحابي.. . تحوي المدينة مضيف بطراز عالمي وروح إسلامية وتنظيم عالي المستوى يقدم وجباته الثلاثة للزائرين. تتجول في المدينة فتجد أماكن الترفيه الخاصة بالأطفال، وعدد كبير من النافورات المختلفة الأشكال، المميزة التقنية، والتي تضفي جمالية وإبداعاً وسحراً على تلك القطعة الفنية المنمقة والمنسقة كروعة التنسيق المبهر للورود والأزهار، زاهية الأشكال، متعددة الألوان، مختلفة التصاميم، فتتذكر هنا معلومة تقول أن هولاندا هي دولة الزهور والورود . فمدينة الزائرين تعطيك الفرصة الذهبية لمشاهدة معالم الدول الأوروبية الجميلة في العديد من تفاصيلها الرائعة المذهلة. وفي مكان مميز يشرق وجه مسجد كبير بني على طراز مهيب كقطعة من العظمة والنور والقدسية التي تضفي على المدينة القاً ونوراً وقداسةً. في الختام: وبعد أن علمت أن كل ذلك تم بأيدِ عراقية خالصة، وأموال عراقية خالصة، ومهندسين عراقيين، وعقول عراقية!! أقول: لماذا يا مسؤولي محافظة كربلاء؟ لماذا يا محافظ كربلاء؟ لماذا يا رئيس وأعضاء مجلس محافظة كربلاء؟ ألستم عراقيون؟ ألا تستحق مدينة الكرامة ، مدينة الإباء، مدينة الشهداء وسيد الشهداء، مدينة سبط رسول الله صلى الله عليه وآله، مدينة التحرر والإنعتاق... ألا تستحق أن تكون كلها مثل مدينة الزائرين؟ ألا توجد أموال؟ ألا توجد عقول؟ ألا توجد ضمائر؟
|