تواً فرغتُ من دفن أخي عصام

 

 

 

 

 

 

معروف بإسم ( جارلي ) وإسمه عصام عسكر من كبار الجالية العراقية في ميشيكان، يعيش همّ العراق شأنه شأن أي عراقي، ويهمه أمر العراقيين وهو أمر بديهي لكلّ عراقي في المهجر، لم يتخلّ عن طباعه وعاداته التي تربّى عليها بالرغم من أنّه قبل أكثر من نصف قرن يسكن الولايات المتحدة الأمريكية، معجون بالكرم، فكثيراً مانكون في بيته المنيف، وهويتحرّى خدمتنا بالرغم من أنّه تخطّى السبعين من عمره، وفي كلّ مرّة هو يتشهّى لنا الأكلات.
نجتمع في بيته ولم أشعر يوماً ما أنّي وسط عراقيين مسيحيين، فخيمتنا العراق والعراق وحده، وهمومنا هموم الإنسان الحريص على الواقع كلّه.
وكأنّي وسط هذه الثلّة الطيبة من إخوتي المسيحيين الكلدان أنّي شيخهم الذي أفتيهم، حتّى أنسى نفسي في كثير من الأحيان لأدخل في تفاصيل لا ينبغي الدخول اليها، وهم يشاركوني الهمّ الديني في دائرتنا الإسلامية.
(جارلي ) يحفظ من القرآن الكريم الكثير ويعي ويتدّبر وهو يقرأ القرآن الكريم كما يقرأ الإنجيل، ومغرم بكتاب نهج البلاغة، ويحفظ أحداثاً من السيرة النبوية حتّى إذا تحدّث يظنّ من لا يعرف أنّه مسيحي أنّه مسلم مبين!.
يغمرنا بسرعة بديهته وبنكاته العراقية الصرفة، ويبهرنا بتنوّع ثقافته العامّة، كنت أميل اليه وأحرص أن لا اُفارقه لقراءتي المتأملة لروحه ووجدانه، ولكنّه إغتالته يد القدر ليكون قدري أن أفتقد كلّ حين أخاً وصديقاً.
هنيئاً لأخي عصام رحلته الى دار البقاء وهو يحمل حبّاً للناس جميعاً، ويريد الخير للناس جميعاً.
كان تشييعه مهيباً وقد أنهينا الصلاة عليه في كنيسة ( اُمّ الله ) وذكره أبونا القسّ أنّه إلتقى المغفور له قبل ثلاثة سنين وكان متفائلاً، وإلتقاه وهو يعاني من ألم السرطان الذي لم يمهله أكثر من شهر واحد متفائلاً.
وأنا أرجو أن يبقى عصام متفائلاً في قبره ويوم حشره، على أمل أن نلتقيه في حضرة سيدنا المسيح عليه السلام والسيدة العذراء البتول.
وأرجو الله أن يلهم محبيه وأهله وأولاده وإخوانه الصبر ويزيدني تحمّلاً على فراقه.
وإنّا لله وإنّا إليه راجعون.