رجال الدين، دعاة الطائفية لا يستحقون الاحترام أو التمجيد |
عبد الرحمن الراشد من الكتاب المرموقين في الصحافة العربية. وهو واحد من القلة من المثقفين العرب الذين وقفوا إلى جانب الشعب العراقي ضد النظام الصدامي وبقي راشدا في تفكيره ومواقفه فيما يخص واقعنا كعرب ومسلمين. وحقيقة أخرى تميز الراشد عن غيره، وعلى الرغم من أنه مسئول عن مؤسسة إعلامية سعودية لم يكن يوما بوق دعاية. ولا أقول بأني أول من أطلقوا عليه “الراشد الراشد” تقليدا لإبداع شاعر العرب الكبير محمد مهدي الجواهري عندما وصف الزعيم عبد الكريم قاسم بـ “الرجل الرجل”. لكن أثار استغرابي مقاله الأخير عن الشيخ القرضاوي تحت عنوان “اعترافات القرضاوي.. موقف شجاع” الذي مجد فيه شجاعته؛ لأنه “شبه الوحيد الذي قال لقد أخطأت” وأني اتفق معه بأن فكرة التقارب بين المذاهب، والدعوة للتعاون الإسلامي؛ أفكار نبيلة. فهل فعلا عمل الشيخ القرضاوي على ذلك؟ إن تبرئته اليوم بأنه أخطأ في فهم محركات السياسة التي أدارت المشروع في طهران وبيروت ودمشق،جاء لمتطلبات مصلحية خاصة لأنه أفضل مثال لوعاظ السلاطين. ألم يعرف القرضاوي بأن نظام ولاية الفقيه مشروع لا علاقة له بالإسلام بل مشروع فارسي بحت؟ والراشد على حق عندما كتب: “ليس صحيحا أن إيران كانت لغزا مجهولا، بل كانت نظاما طائفيا سيئا منذ البداية.اعتمد مخططوه في طهران على كذبة الثورة الإسلامية، لأنها الرابط الوحيد مع ألف مليون مسلم في العالم، والتي يمكن ركوبها للتوسع جغرافياً ونفوذاً”. وأين كان القرضاوي كل تلك السنوات من سياسة طهران بالنسبة للجزر العربية المحتلة وما يلقاه عرب الأحواز على يد نظام طهران؟ إنه وغيره من مشايخه لم يقدموا الدعم والاعتراف بنضالهم من أجل التحرر من عبودية النظام الفارسي لأن أغلبيتهم من الشيعة، ولكنهم عرب ولربما دماء أغلبيتهم أكثر نقاء من الكثير من المشايخ الذين أشار إليهم في قوله: “وقفت ضد المشايخ الكبار في السعودية داعيا لنصرة حزب الله آنذاك، لكن مشايخ السعودية كانوا أنضج مني وأبصر مني؛ لأنهم عرفوا هؤلاء على حقيقتهم”. أليس هو وهؤلاء المشايخ الذين دعوا لإرسال الشباب المسلم للجهاد في العراق وذبح أبنائه، لأن فيه حكومة يرأسها شيعيا؟ إن موقف القرضاوي وشيوخ السلفية “الوهابية” غيره في السعودية هم الذين دفعوا بالعراق أن يكون محمية إيرانية لمواقفهم المتخاذلة في دعم العراق والعراقيين بعد سقوط صدام حسين منطلقين من أن نظام صدام حسين نظام سني وصدام يمثل أهل السنة. والحقيقة أن صدام ونظامه لم يرحم أهل السنة كما لم يرحم الآخرين من الطوائف والقوميات والديانات وضحاياه من علماء أهل السنة كثيرين لا يقل عددهم من غيرهم من الطوائف الأخرى. أليس تصريح الشيخ القرضاوي الأخير عن الحرب في سوريا بأنها ضد السنة تصعيد طائفي، كما كتبت الصحافة العالمية؟ إن الشعب السوري ثار من أجل إنهاء النظام البعثي وحكم عائلة الأسد ليس على أساس ديني أو طائفي وإنما ثورة من أجل بناء نظام ديمقراطي لكل السورين بغض النظر عن القومية والدين والطائفة، لكن القرضاوي وحكام قطر وغيرهم قدم الدعم للجماعات الإسلامية المتطرفة كجماعة النصرة ولواء “عمر الفاروق” لذبح الأبرياء والتمثيل بجثث الجنود وإنشاء محاكم دينية حسب الفكر السلفي لتغير مسار الثورة على أسس طائفية مما أثار خوف العالم من دعمها . إن وجود هؤلاء الذين يدعمهم القرضاوي ومشايخه وتقديم الدعم غير المحدود لهم سوف يطيل معاناة الشعب السوري، خاصة بعد استقطاب مليشيات حزب الله ومليشيات شيعية عراقية تابعة لإيران في المعارك الدائرة في سوريا ردا على الدعم الطائفي الذي يتزعمه القرضاوي والمشايخ الآخرين. إن الشيخ القرضاوي والكثير من المشايخ الذين على شاكلته لم يعملوا يوما على وحدة المسلمين والحفاظ على دمائهم. إن هاجسه وهاجس الكثير من المشايخ الذين كما يقول انضج منه بصيرة لم تكن ذات نزعة من أجل الإسلام وسمعته ووحدة أبنائه وصيانة دمائهم وإنما انطلاقا من مرضهم الطائفي الذي ينخر في عقولهم حتى النخاع لأننا لم نسمع يوما فتوى منه أو منهم تحرم دم المسلم في باكستان أو العراق عندما يذبح المسلمون على الهوية الطائفية. إن القرضاوي وشيوخ الإسلام الذين أنضج منه أو مثله أو أقل منه هم أكثر من يسيء للإسلام كدين وللمسلمين بما قام وما يقوم به حاليا كما هو حال عمائم طهران والمليشيات المرتهنة بها مثل حزب الله وغيره. فلا يستحق هو ولا غيره من الشيوخ وعمائم النظام الإيراني التمجيد ما داموا ينظرون الى المسلمين على أساس طائفي. |