ملاحظة
_____
هذه الحلقات مترجمة ومُعدّة عن مقالات ودراسات وكتب لمجموعة من الكتاب والمحللين الأمريكيين والبريطانيين.
اقتباسات
_____
"بعد تحرير الكويت ، منح أمير الكويت الرئيس بوش الأب 15 مليون دولار من الذهب ، وللجنرال نورمان شوارزكوف (العاصف) 15 مليون دولار من المجوهرات، ولكولن باول 10 مليون دولار من الذهب. ولا أدري هل ان وجود خدم سود في قصر الأمير جعله يقوم بالتمييز ضد كولن باول الأفرو – أمريكي في الأشياء الثمينة وهو رئيس أركان القوات الأمريكية؟
وكانت هذه المكافآت لهؤلاء المسؤلين الامريكيين غير دستورية، كما هو مبين في الدستور الأمريكي، المادة الأولى، القسم 9، الفقرة الأخيرة، التي تنص على أنه
"لا يجوز لأي شخص يشغل أي منصب في الولايات المتحدة؛ قبول أية هدية أو أجر أو منصب أو لقب من أي نوع أيا كان، من أي ملك أو أمير أو دولة أجنبية "
شيرمان سكولنك
The Overthrow Of The American Republic - Part 30
"أشار عدد من القضايا التي أدّت إلى حرب الخليج إلى أن الغزو الأمريكي ليس له ما يبرره. يوم 25 يوليو أي قبل أسبوع واحد فقط من إرسال القوات الأميركية إلى الكويت، طلبت السفيرة الأمريكية، أبريل غلاسبي، مقابلة الديكتاتور صدام حسين في بغداد. وعندما سألها صدام حسين عن موقف أميركا بشأن النزاع الحدودي بين العراق والكويت، أجابت أنها "مشكلة عربية - عربية". وقالت غلاسبي لصدام حسين ان الرئيس بوش يسعى للصداقة مع العراق وأنه يأمل أن يحل الخلاف مع الكويت بصورة سلمية. كبار المسؤولين في الإدارة أعلنوا أيضا أن الولايات المتحدة ليس لديها مصلحة في النزاع الحدودي بين العراق والكويت. وقد جاء ذلك في تصريحات أدلى بها المتحدث باسم البيت الأبيض مارغريت توتوايدر في مؤتمر صحفي، وكيل وزارة الخارجية جون كيلي، والسناتور روبرت دول عندما زار بغداد في 12 أبريل 1990".
"بين أريس" و "دنكان كامبل"
صحيفة "غارديان" اللندنية
25/سبتمبر أيلول/2004
"خلال الحرب العراقية الإيرانية ، بدلا من الدعم العسكري، أعطت الكويت ودول عربية أخرى المال للعراق. في عام 1988، وفقا لجريدة الإيكونوميست البريطانية، في نهاية الحرب، زار جيمس بيكر الدكتاتور صدام. وقال له إن العراق لن يحصل على مزيد من القروض من المملكة العربية السعودية والكويت أو الغرب لدفع ديون الحرب إلا إذا قدم العراق الفوسفات والكبريتات والنفط وغيرها من حقوق المواد الخام كضمان وإلى الأبد. كان صدام غاضبا ورفض العرض. بدأت الكويت تطالب العراق بدفع "قروض الحرب". قال العراقيون، الذين كانوا غير قادرين وغير مستعدين لسداد الديون أن هذه الأموال هي مساهمة الكويت في الحرب. في أوائل عام 1990، أتخمت الكويت سوق النفط بالنفط العراقي. فانخفضت أسعار النفط التي كانت أصلا منخفضة. صار الاقتصاد العراقي مترهلا وهشّا. وكانت الكويت قد أعدّت 4 مليارات دينار عراقي مزوّر لضخها في الأسواق العراقية بصورة سرّية حسب مؤلفي كتاب "جورج بوش : سيرة غير مُصرّح بها"
الصحفية الأمريكية
كارين ناكامورا
المحتوى
_____
(بوش وحرب الخليج عام 1991- بوش يشتري دعم الدول- ما هو سرّ انقلاب بوش على الدكتاتور صدّام حسين؟؛ هل كانت حرب الخليج مُعدّة للعراق؟- القليل من التاريخ لفهم السياق- الفساد في مجال الادخار وقروض الإنقاذ- إعفاءات بوش الرئاسية عن المجرمين الذين يتبرعون لحملته- "لا ضرائب جديدة"؛ التعهّد الذي كلّف بوش الولاية الرئاسية الثانية- نبش 4 مليون دولار بعد تركه منصبه- الفساد البوشي حتى في الأرجنتين- جمع بوش 14 مليون دولار من "الأحاديث" في الشركات- يدعو إلى علاقات طبيعية مع الصين بعد أن عارض حتى دخولها في الأمم المتحدة سابقا- فضيحة منجم الذهب في أندونيسا- بوش الأب والإبن أعضاء في مجموعة كارلايل: جني الأرباح من خلال الحروب- الفضيحة: إبن لادن شريك في مجموعة كارلايل- شركة غلوبال كروسنغ- علاقة بوش بالمملكة العربية السعودية- مصادر هذه الحلقات)
بوش وحرب الخليج عام 1991
_________________
يواصل المحللان السياسيان "بين أريس" و "دنكان كامبل" تحليلهما لفضائح بوش الأب في مقالة مهمة وطويلة في صحيفة "غارديان" اللندنية في 25/سبتمبر أيلول/2004:
"أشار عدد من القضايا التي أدت إلى حرب الخليج إلى أن الغزو الأمريكي ليس له ما يبرره. يوم 25 يوليو أي قبل أسبوع واحد فقط من إرسال القوات الأميركية إلى الكويت، طلبت السفيرة الأمريكية، أبريل غلاسبي، مقابلة الديكتاتور صدام حسين في بغداد. وعندما سألها صدام حسين عن موقف أميركا بشأن النزاع الحدودي بين العراق والكويت، أجابت أنها "مشكلة عربية - عربية". وقالت غلاسبي لصدام حسين ان الرئيس بوش يسعى للصداقة مع العراق وأنه يأمل أن يحل الخلاف مع الكويت بصورة سلمية.
وفي اليوم نفسه، قال وزير الخارجية جيمس بيكر، "على الرغم من أننا لم نتخذ أي موقف بشأن قضية ترسيم الحدود التي أثارها العراق فيما يتعلق الكويت... التصريحات العراقية تشير إلى وجود نية لحل الخلافات العالقة عن طريق استخدام القوة، وهو نهج مخالف لمبادئ ميثاق الأمم المتحدة". بعد ثلاثة أيام نقل بوش نفسه نفس المشاعر في رسالة إلى صدام حسين.
بعد ما يقرب من عام؛ في مارس 1991، ذكرت غلاسبي أن النصوص العراقية للاجتماع لم تعكس بدقة تحذيرها بأن الولايات المتحدة لن تتسامح مع الغزو العراقي. هل وزارة الخارجية ترفض أن تطرح علنا ملخص اجتماع يوليو 1990، لأن السرية الدبلوماسية لا يمكن أن تكون سببا بعد دخول الديكتاتور صدام حسين الكويت؟ بالإضافة إلى ذلك، هل أن وزارة الخارجية لا تهتم لنفي صحة النصوص العراقية لاجتماع صدام وغلاسبي عندما نفت السفيرة الأميركية ان يكون النزاع الحدودي قضية تهم الولايات المتحدة؟
كبار المسؤولين في الإدارة أعلنوا أيضا أن الولايات المتحدة ليس لديها مصلحة في النزاع الحدودي بين العراق والكويت. وقد جاء ذلك في تصريحات أدلى بها المتحدث باسم البيت الأبيض مارغريت توتوايدر في مؤتمر صحفي، وكيل وزارة الخارجية جون كيلي، والسناتور روبرت دول عندما زار بغداد في 12 أبريل 1990.
انقسمت الجامعة العربية حول إدانة العراق. في 10 أغسطس 1990، عارض 12 من 21 ولم يصوتوا ضد الديكتاتور صدام حسين. أولئك الذين لم يصوتوا ذكروا أنهم يعارضون وجود الولايات المتحدة في الشرق الأوسط، وأنهم يدعمون رغبة صدام حسين في ربط أزمة الخليج بالقضية الفلسطينية. وعلاوة على ذلك، أيّدوا مظالم صدّام حسين ويعارضون عدم اكتراث الكويت. وبالإضافة إلى ذلك، فإن الغالبية العظمى من دول الجامعة العربية تعارض التفاوت الاجتماعي والاقتصادي بين الأغنياء والفقراء في المجتمع الكويتي.
وفي سبتمبر 1990، دعا بوش الاتحاد السوفيتي لتوفير قوات برية كجزء من القوات متعددة الجنسيات في المملكة العربية السعودية. ثم في أكتوبر، أصدر مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة قرارا ينص على الحظر التجاري البري. وكان التصويت 13 - 0 مع امتناع اليمن وكوبا عن التصويت. وافقت الولايات المتحدة والسعودية أن تكون هناك رقابة مشتركة للغزو البري للكويت والعراق وأن الجيش الأميركي يتولى قيادة الضربات الجوية. مع امتناع الصين وكوبا عن التصويت، صوّت مجلس الأمن بـ 12 - 2 صوتا لشن هجوم عسكري بعد 15 يناير 1991.
ومع ذلك، تملّص بوش من مسألة العقوبات الاقتصادية وحدّد سلفا الذهاب الى الحرب بغض النظر عن مدى نجاح هذه العقوبات. في 10 آب صرّح قائلا : "أنا أحب أن أرى العقوبات الاقتصادية ناجحة بحيث يمكن سحب القوات الأمريكية". وبعد خمسة أيام قال: "العقوبات الاقتصادية تعمل". ثم في 11 سبتمبر ايلول قال بوش: "إن العقوبات تستغرق وقتا طويلا ليكون لها التأثير الكامل المقصود منها". خالف بوش نفسه في 3 ديسمبر وقال: "ليس هناك ما يضمن أن العقوبات سوف تجبره [صدذام حسين] على الانسحاب من الكويت". وفي اليوم التالي قال: "أنا لست من النوع الذي يقتنع بأن العقوبات وحدها ستعيده إلى رشده". وقال بوش في اليوم التالي، "لا أحد يمكن أن يقول لكم أن العقوبات وحدها ستكون قادرة على حمله على الانسحاب."
بوش لم يرفض النظر أو حتى الاعتراف بوجود مطالب لصدام حسين في الكويت فحسب، بل ذكر أن العراق لم يبد أي اهتمام في تسوية تفاوضية. وكانت هذه كذبة صارخة وكان العكس صحيحا كليا. كان بوش هو الذي رفض التفاوض مع صدام، وطالب العراق بالاستسلام غير المشروط. أعطى بوش عدة أسباب للغزو الأمريكي للعراق.
زعم بوش أن حقوق الإنسان في الكويت وأماكن أخرى في الشرق الأوسط لا بد من أن تؤمن. ومع ذلك، كان الجيران العرب الآخرون مذنبين تماما. على سبيل المثال بعض دول الخليج يرجمون المرأة حتى الموت بتهمة الزنا. وكثيرا ما ألغيت المجالس الديمقراطية وتم سجن المسؤولين المعارضين.
وأعلن بوش سبباً آخر للغزو الأمريكي للعراق هو التمسك بالتزام الأمم المتحدة بالدفاع عن الدول الأعضاء ضد العدوان. لكن إسرائيل قامت بغزو لبنان وقتلت 20000 مواطن ولم يحاسبها أحد. وأخذت تركيا نصف قبرص؛ وشنّ المغرب حربا ضد الصحراء الغربية؛ وضمت اندونيسيا تيمور الشرقية بعد أن قتلت ما يقرب من مليون شخص.
وبعد أن ساعد بوش العراق على بناء آلة حربه، قرّر نشر قواته في الكويت في أغسطس 1990. وقدم بوش مجموعة واسعة من الأسباب لإرسال الأميركيين إلى الكويت. ادّعى أن أرسال القوات هو لتحرير الرهائن الأمريكيين المعتقلين في العراق والكويت تحت الاحتلال العراقي. وبالإضافة إلى ذلك ذكر بوش أن مهمة أميركا كانت تحرير الكويت، ولكنه لم يقل شيئا عن سجله السيّء جدا في مجال حقوق الإنسان واحتلاله بنما (4000 قتيل) ومساندته الاحتلالات المختلفة خلال فترة إدارته .
قال بوش ان الولايات المتحدة تريد منع العراق من احتكار جميع الاحتياطيات النفطية الكبرى في العالم. ولكن، من المستحيل على أي منتج واحد السيطرة على سوق النفط، ناهيك عن أعضاء أوبك الثلاثة عشر. وادّعى بوش أن العراق كان يشكل تهديدا نوويا. ولكنه ما يزال ينكر أي مسؤولية في فضيحة العراق Iraqgate، ولا يشير إلى أن الولايات المتحدة ساعدت الديكتاتور صدام حسين على بناء آلة حربه النووية والكيمياوية والبايولوجية.
في نوفمبر 1990، ذكر بيكر أن التدخل سيكون لحماية الوظائف الأميركية في الداخل. وهذه هي المرة الأولى التي أظهرت الإدارة الجمهورية المعنية فيها اهتماما بقوة العمل في البلاد، وخاصة على حساب ذبح الآلاف من البشر في الشرق الأوسط.
ثم ألزم بوش نفسه بجعل مهلة 15 يناير حدّاً نهائيا، ومنع أي مجال للتفاوض أو المناورة للتوصل إلى تسوية سلمية. خسر كل القوة التفاوضية من خلال جعل هذا الطلب من جانب واحد بدلا من استكشاف فرص السلام.
في بداية الحرب، قال بوش إن الهدف هو إزاحة الجنود العراقيين ومنع صدام حسين من استخدام قواته الجوية وكذلك الأسلحة الكيماوية ضد قوات المتمردين. مرة أخرى، فشل بوش في تبريره للحرب، واختار انزال قوات أميركية في شمال العراق لتقديم الدعم للأكراد.
واصل بوش إنكار أن النفط كان السبب وراء التدخل الأمريكي. لقد ذكر عدة مرات أن القوات الأمريكية تم نشرها لان الولايات المتحدة لن تتسامح مع "العدوانية المجردة"، وأن الديكتاتور صدام حسين كان "هتلر آخر". ولكن بوش حذّر من أن العالم لا يمكن أن يسمح لصدام حسين بالسيطرة على النفط. وتحدث بوش أيضا عن استعادة الاستقرار في الشرق الأوسط. ومع ذلك، فإنه لم يشر الى حقيقة باتت معروفة وهي أن دول الخليج هي دول المؤسسات الوراثية الاستبدادية. الحقيقة أن بوش كان يريد إعادة منطقة الشرق الأوسط إلى ما قبل 1979 حيث عَهْد الشاه عندما كانت الولايات المتحدة مسيطرة على الدول الرئيسية بمدفوعات وكالة المخابرات المركزية والقوات العسكرية.
وقد بُرّرت العقوبات ضد أكثر من 20 مليون شخص في العراق بالادعاء بأن العراق لديه أسلحة دمار شامل. ومع ذلك، ففي عام 1991، لم يكن لدى العراق سلاح واحد في ترسانته بأكملها قادر على ضرب حاملة طائرات أمريكية. كانت أسلحة الدمار الشامل تُستخدم من جانب واحد ضد العراق. في عام 1991، أطلقت الولايات المتحدة 57 صاروخا خلال 42 يوما من قواعدها في المملكة العربية السعودية والكويت ؛ وشنت الولايات المتحدة 000،110 طلعة جوية، واسقطت 88500 طن من المواد الكيميائية والبيولوجية والنووية، وقامت بتدمير محطات تنقية المياه ومحطات معالجة المواد الغذائية ومحطات توليد الطاقة الكهربائية، والمستشفيات، والمدارس، والمقاسم الهاتفية والجسور والطرق في البلاد جنبا إلى جنب مع تدمير نظم دعم الحياة كاملة والبنية التحتية الاقتصادية.
ونتيجة لقرار بوش بخوض الحرب، فقدت الحكومة الأمريكية أكثر من 2 مليار دولار في القروض، والأموال التي اعيرت للعراق لشراء الحبوب الأمريكية. كان مزارعو الأرز الأميركيون الذين صدّروا 25٪ من محصولهم عام 1989 إلى العراق مقابل 143 مليون دولار من بين الأكثر تضرّرا. قبل غزو العراق كان العراق قد اشترى بقيمة 350 مليون دولار من القمح والذرة والشعير وفول الصويا من المزارعين الأميركيين. وبالإضافة إلى ذلك، خسرت اليابان 5 مليارات دولار في الفواتير العراقية غير المدفوعة.
بوش يشتري دعم الدول
______________
لحشد التأييد للغزو الأمريكي، اشترى بوش دعم العديد من دول الشرق الأوسط. أرسلت مصر جنودها في مقابل 64 مليار دولار من الديون الخارجية التي أُلغيت. ووُعِدت تركيا بما يقرب من 9 مليارات دولار من الأسلحة الأمريكية، ودُعم انضمامها إلى السوق الأوروبية المشتركة وزيادة في حصتها من صادرات المنسوجات إلى الولايات المتحدة. وقد مُنحت الصين قرضا مقداره 3،114 مليون دولار من البنك الدولي. وكانت السعودية قد رفعت انتاجها من النفط بمقدار ستة ملايين برميل يوميا، حتى تتمكن من المساعدة في تمويل المجهود الحربي. حصل السعوديون على مبلغ إضافي قدره 43 مليار دولار سنويا نتيجة لزيادة انتاج النفط بنحو مليون برميل شهريا. لقد كانوا قادرين على زيادة أسعار النفط من حوالي 20 دولار إلى 30 دولار للبرميل، محققين هذه الأرباح الهائلة.
في فبراير 1991، في ذروة حرب الخليج، وافق وزير الزراعة كلايتون يوتر على منح 650.000 دولار من المساعدات الأمريكية لاحتكار التبغ في تركيا. وفي المقابل أعطت تركيا الولايات المتحدة حق استخدام القاعدة الجوية التي يمكن أن تنطلق منها الطائرات الأمريكية ضد العراق.
ما هو سرّ انقلاب بوش على الديكتاتور صدّام حسين؟
______________________________
هل كانت حرب الخليج مُعدّة للعراق؟
تحت هذا العنوان قالت الكاتبة كارين ناكامورا Karen Nakamura- في مقالة مهمة في شهر يونيو 1998:
"هل كانت حرب الخليج مصيدة نصبتها إدارة بوش لبيع الأسلحة، والفوز في الانتخابات وتوسيع مجال نفوذ الغرب في الشرق الأوسط؟
يعتقد بعض الخبراء أن الأمر كذلك. ويعتقدون أن العقوبات ليست سوى جزء من خطة بوش وشركاه لخداع الديكتاتور صدام في حرب الخليج. لماذا؟ لأن صدام حسين لم يلعب الكرة مع الغرب. بدلا من ذلك، اهتم ببناء جيشه. ولكن في الغالب لأنه رفض تقديم حقوق النفط والمعادن في العراق للولايات المتحدة.
مزّق أوليفر نورث الكثير من التاريخ. ومع ذلك، دعونا نتأمل ما اكتشفه "كريغ هوليت Craig Hullet"، الخبير في شؤون الشرق الأوسط والمحامي، من خلال قانون حرية المعلومات.
يمكن الإطلاع على نص وثيقة وكالة المخابرات المركزية المؤرخة في 29 أكتوبر 1985، والتي تصف لقاءً بين أوليفر نورث، وريتشارد سيكورد وألبرت حكيم ، في فرانكفورت، بألمانيا، مع "قناة ثانية" من ايران.
سيتعرف الخبراء في صفقة إيران كونترا على هذا الثلاثي جيدا. ليس فقط لأنه باع أسلحة لإيران فحسب، ولكن لأنه قدم وعدا مذهلا: أن أمريكا ستطيح بالديكتاتور صدام حسين.
خلال الحرب العراقية الإيرانية ، بدلا من الدعم العسكري، أعطت الكويت ودول عربية أخرى المال للعراق. في عام 1988، وفقا لجريدة الإيكونوميست البريطانية، وفي نهاية الحرب، زار جيمس بيكر الدكتاتور صدام. وقال له إن العراق لن يحصل على مزيد من القروض من المملكة العربية السعودية والكويت أو الغرب لدفع ديون الحرب إلا إذا قدم العراق الفوسفات والكبريتات، والنفط وغيرها من حقوق المواد الخام كضمان وإلى الأبد. كان صدام غاضبا ورفض العرض".
بدأت الكويت تطالب العراق بدفع "قروض الحرب". قال العراقيون، الذين كانوا غير قادرين وغير مستعدين لسداد الديون أن هذه الأموال هي مساهمة الكويت في الحرب. وأن صدام قد أنقذ العرب. في أوائل عام 1990، أتخمت الكويت سوق النفط بالنفط العراقي. فانخفضت أسعار النفط التي كانت أصلا منخفضة. صار الاقتصاد العراقي مترهلا وهشّا . وكانت الكويت قد أعدّت 4 مليارات دينار عراقي مزوّر لضخها في الأسواق العراقية بصورة سرّية حسب مؤلفي كتاب "جورج بوش : سيرة غير مُصرّح بها George Bush - Unauthorized Biography".
والمهم هو خلاف العراق والكويت حول "الحدود العائمة". خلال الحرب العراقية الإيرانية، كانت الكويت قد تمدّدت واستولت على الحقول النفطية المربحة.
بعد أقل من ستة أشهر من اجتماعات "معيّنة" في الكويت في نوفمبر 1989 ، بدأت الكويت بالحفر على جانب الحدود الجديدة لجمع ديونها. كان هذا هو النفط الذي استخدمته الكويت لإغراق السوق.
ومن المثير للاهتمام، أن آلات حفر الآبار التي استخدمتها الكويت تم شراؤها من شركة "سانتا في" الأمريكية للحفر Santa Fe Drilling Company. وكان من أكبر المساهمين فيها برنت سكروكروفت ، مستشار الأمن القومي في إدارة بوش.
طالب الديكتاتور صدام بالمفاوضات. الكويتيون أهانوه وتجاهلوا كل احتجاجات العراق. "دعهم يحاولون احتلال أراضينا، نحن ذاهبون لنأتي بالأميركيين."
وقبل ذلك، عندما طلب جيمس بيكر من صدام تسليم حقوق النفط في بلاده أو مواجهة العواقب، حصل وزير الخارجية جورج شولتز على العقوبات المفروضة على العراق لتسميم الأكراد في مارس، 1988. الصور صدمتنا في عصر الأسلحة الكيميائية. حتى وزارة الدفاع الأمريكية قالت بأنه لا يوجد دليل على أن العراق قام بعملية التسميم بغاز السيانيد الذي لم يكن يمتلكه العراق. البنتاغون قام بالتحقيق. وقال معهد الدراسات الاستراتيجية في الكلية الحربية في الولايات المتحدة:
"بعد النظر في جميع الأدلة المتوفرة لدينا، نجد أنه من المستحيل تأكيد ادعاء وزارة الخارجية الأمريكية بأن العراق قد استخدم الغاز السام في هذا الحادث".
توصّلت الأمم المتحدة إلى نفس النتيجة. قرّر الأردن أن الكثير من الأدلة كانت تزويرا صريحا.
واستنتج المعهد "... أن الكونغرس تصرّف على أسس إنفعالية وليس على أساس المعلومات الواقعية".
القليل من التاريخ لفهم السياق
________________
تواصل الصحفية " كارين ناكامورا" تحليلها بالقول:
" في منتصف عام 1989، عندما بدأ غورباتشوف تفكيك الجيش السوفياتي، لم يكن هذا مفيدا للكارتل الصناعي العسكري، وعُقدت اجتماعات رفيعة المستوى لايجاد سبل للاحتفاظ بأهميتها العسكرية وبالتمويل. وكان القرار هو إعادة تصميم الحروب الصغيرة في البلدان غير المستقرة وإنشاء "درع" عسكري لحماية الوصول إلى المواد الخام اللازمة لـ "التحالف الصناعي الشمالي" الجديد.
في 14 نوفمبر تشرين الثاني 1989 (ولاحظ هذا التاريخ)، اتُخذ قرار بمتابعة عملية سرية ضد صدام. وكان هذا هو نفس الأسبوع الذي انهارت فيه الشيوعية. سقط جدار برلين يوم 9 نوفمبر. وانقسمت تشيكوسلوفاكيا في 17 نوفمبر تشرين الثاني.
وثيقة عسكرية مؤرخة في يناير كانون الثاني عام 1990، بعنوان "الوصول العالمي، والسلطة العالمية Global Reach, Global Power" تحدّد منطقة النزاع الحدودي بين العراق والكويت كمثال على إظهار الحاجة إلى تنمية عسكرية أمريكية واسعة النطاق.
في 19 أبريل نيسان 1990، عقد الرئيس جورج بوش اجتماعا مع القوى الغربية. وذكرت ورقة بيضاء أنه بما أن الاتحاد السوفياتي لم يعد لاعبا رئيسيا في الشرق الأوسط، يجب على الغرب التحرك لملء الفراغ. يمكن للمنطقة أن "تستقر" من خلال القضاء على القوى العسكرية في العراق وإيران وسوريا.
وفي الشهر نفسه، زار السناتور بوب دول وزعماء الكونجرس الآخرين العراق وقدّموا انذارا: نزع السلاح واللعب معهم أو مواجهة العواقب. ورفض صدام. إلّا إذا فعلت إسرائيل الشيء نفسه. وكان صدام قد وقع في الفخ.
عودة إلى الوثائق التي عُثر عليها من قبل العراقيين. مذكرة بتاريخ 14 نوفمبر 1989، مُعدّة من قبل وزير الأمن الكويتي، حدّدت لقاءات مع وكالة المخابرات المركزية. وذكرت دخول الكويت في اتفاق مع وكالة الاستخبارات المركزية لممارسة الضغط على العراق لخلق مواجهة تُستخدم كسبب لإسقاط صدام".
الفساد في مجال الادخار وقروض الإنقاذ
______________________
امتد الفساد إلى مؤسسة الادخار والقرض. في عام 1988 قدّم مئات من حملة المدخرات والقروض تبرعات وصلت إلى 800.000 دولار لحملة بوش الانتخابية ، فضلا عن منح 11 مليون دولار لمرشحي الكونغرس ولجان الحزب طوال الثمانينات. تبرع ثمانية مسؤولين عن المؤسسات المالية بالمزيد من الأموال لحملة بوش، وخمسة من هؤلاء كانوا متورطين في استثمارات السندات عالية الخطورة غير المرغوب فيها مع "مايكل ميلكن". وأدين واحد من هؤلاء هو المجرم "تشارلز كيتنغ" من مؤسسة لينكولن للادخار والقرض. قام البيت الأبيض بالمعاملة بالمثل من خلال تحرير صناعة المدخرات والقروض. وأصبح هذا مدخلا لفساد غير متوقع وهائل لكوادر الشركات المؤسسة، لأنها لم تعد عرضة للمساءلة من قبل الحكومة وعرضة للمضاربة في السندات ذات المخاطر العالية غير المرغوب فيها.
إعفاءات بوش الرئاسية عن المجرمين الذين يتبرعون لحملته
___________________________________
كانت حالة العفو الأكثر تعرضا للانتقاد هي عفو بوش عن كاسبار واينبرغر وغيره من المتهمين بفضيحة إيران كونترا عشية عيد الميلاد قبل ثلاثة أسابيع فقط من تركه لمنصبه. ولكن واحدة من حالات عفو بوش الأولى ذهبت إلى "أرماند هامر"، رجل النفط الأسطوري الذي اشتهر بعلاقاته مع القادة السوفييت التي تعود إلى أيام لينين.
في التحقيق الذي انبثق من ووترغيت، أقر هامر بأنه مذنب في عام 1975 لقيامه بغسل 54000 دولار في المساهمات غير المشروعة لحملة إعادة انتخاب نيكسون. وبحلول صيف عام 1989، عندما أعطى بوش هامر ما أراد، كان العجوز رئيس شركة أوكسيدنتال بتروليوم قد ضمن المسؤولين الحكوميين لصالحه لعدة سنوات.
قبل العفو عنه، كان هامر قد سكب 000،100 دولار في خزائن الحزب الجمهوري، و000،100 دولار أخرى في حسابات لجنة التنصيب لبوش وكويل. في ذلك الوقت، جعل العفو هامر مركزا للأخبار، ويرجع ذلك جزئيا إلى أنه قد تم رفض طلبه من قبل الرئيس ريغان قبل عدة أشهر. ولكن قلة لاحظت العلاقة بين كرم رجل النفط على بوش وعفو الرئيس الجديد عن هامر.
وجاء التلميح الوحيد لشراء تأثير هامر من المدعي العام السابق في فضيحة ووترغيت "هنري روث"، الذي لم يُستشر من قبل البيت الأبيض قبل منح العفو لهامر. قال روث لصحيفة لوس أنجلوس تايمز، "رأيي في عملية العفو هو أنه يجب أن لا يُعطى إلا في ظروف استثنائية، وأنا لم أسمع عن أي ظرف استثنائي في حالة هامر". يعتقد روث ان عفو بوش قد مُنح فقط لأن هامر كان "غنيّا" و "قويّا".
ثم جاءت حقيقة أخرى دون أن يلاحظها أحد تقريبا، وهي أن فريق هامر من المحامين لم يضم فقط صديقا مُقربا من النائب العام "ريتشارد ثورنبور" ، ولكن ضمّ أيضا صديقا مُقربا جدا من مستشار البيت الأبيض الجديد لبوش "بويدن غراي"، الذي كان يمرّر طلبات العفو إلى الرئيس بوش. كان صديق غراي الذي تم التعاقد معه لمساعدة هامر مسؤول في وزارة عدل ريغان السابق يُدعى "تيودور أولسون". وبعد سنوات، رشح بوش الصغير غراي ليكون بمثابة النائب العام في وزارة العدل.
"لا ضرائب جديدة"؛ التعهّد الذي كلّف بوش الولاية الرئاسية الثانية
_____________________________________
في أوائل عام 1991، كان بوش منتعشا في أعقاب "فوزه" بحرب الخليج. تصاعدت شعبيته لتصل 90 في المئة. وكان البند رقم واحد في جدول الأعمال هو السياسة الخارجية. في ذلك العام انهار الاتحاد السوفياتي وتبدّد كابوس الحرب الباردة. ومع ذلك، فإن انتهاء الحرب الباردة لم يعق بوش. انهيار الشيوعية أزال حقيقة كانت جزءا من العالم لمدة 50 عاما. لقد بدأت صناعة الدفاع بالتقلص - تسريح الآلاف من العمال - وبدأ المستقبل يبدو أكثر قتامة.
مع تهاود نيران حرب الخليج وميلها إلى الخمود، ضربت الولايات المتحدة حالةُ ركودٍ طفيف. بدأ الاقتصاد الأمريكي ينزلق إلى الانحدار، وما زال كل من بوش ورئيس اركانه جون سنونو لا يعترف بأن السياسة الداخلية من الأولويات. فشل الرئيس بوش في طرح حزمة للنمو الاقتصادي. لم يكن هناك أي ميزانية للسنة المالية 1991، واستمر تأخير الميزانية لشهر مع عدم وجود خطة موضوعية للبيت الأبيض. لم يبذل بوش أي جهد للانشغال بأولوية الشعب الأمريكي.
قرر بوش التخلي عن وعده الانتخابي في عدم فرض "أي ضرائب جديدة" وأتجه نحو زيادة الضرائب. تجاهل بوش في كثير من الأحيان آراء معظم المسؤولين البارزين في البيت الأبيض. وكان من المتوقع أنه هو نفسه قد يغير رأيه، وأن يتبعه موظفوه بأمانة. كان بوش يعمل في اتجاه واحد فقط. بالإضافة إلى ذلك، يعتقد الشعب الأمريكي أنه كان يعمل في الاتجاه الخاطئ. يعتقد ثمانون في المئة من الذين شملهم الاستطلاع ان البلاد كانت متجهة إلى الظروف الاقتصادية السيئة.
كشف قرار بوش بزيادة الضرائب انه ليس لديه مبادئ سياسية. طوال إدارته فشل بوش في دفع أجندة محلية ثابتة وذات مصداقية. وزاد هذا من حقيقة أن قدرا من السخرية ينتشر في جميع أنحاء البلاد.
لم تكن لدى بوش أي رسالة في عام 1992. لم يكن لديه توصيات للسياسة العامة. وكان كل ما عليه القيام به هو أن يطرح للشعب الأميركي ما كان يعارضه هو نفسه: الضرائب والانفاق الاتحادي والتنظيم الحكومي- وكذلك ما يفضله ويقابل ذلك بما يطرحه الديمقراطيون. انه يحتاج إلى أن يشارك بنشاط في تعزيز الانتعاش الاقتصادي بدلا من الكذب والتحوّل من قضية أو رسالة إلى أخرى. بدأ منافسه الديمقراطي بيل كلينتون المضي قدما من خلال التأكيد باستمرار وبثبات على موضوعاته. وبينما كان بوش ببساطة يعيد تعريف مواقفه، فإن الناخبين كانوا قد اتخذوا خيارا واضحا بينه وبين كلينتون.
بحلول نهاية مارس، تراجعت نسبة التأييد لاداء بوش 39 في المئة. في الوقت الذي عُقد فيه مؤتمر الحزب الديمقراطي في نيويورك في يوليو، انخفضت شعبية بوش عشر نقاط أخرى. مع انتخاب كلينتون في نوفمبر تشرين الثاني، تمت إضافة اسم بوش على قائمة ويليام هوارد تافت، وهربرت هوفر، وجيمي كارتر - الرؤساء الأمريكيون الوحيدون في القرن العشرين الذين فشلوا في إعادة انتخابهم.
نبش 4 مليون دولار بعد تركه منصبه
_____________________
منذ مغادرته البيت الأبيض في عام 1993، عاد بوش إلى هيوستن وأعطى الانطباع بأنه ترك الأضواء السياسية. وقال انه قرّر ان لا يكون بمثابة مدير للشركات ولا يدعو لمواقف محددة لأي مجموعة مصالح.
ومع ذلك، كانت شخصية الرئيس السابق مختلفة تماما في المجتمع العالمي. لدى خروجه من البيت الأبيض، صار يحصل على رسوم من ستة أرقام (مليون دولار فأكثر !!) عن أحاديثه من الشركات الخاصة في جميع أنحاء العالم. وسرعان ما بدأ بالتقرب المُربح من الشركات في جميع أنحاء العالم، ليصبح أول رئيس سابق يخلق جدلا دوليا. كما أنه كان أول رئيس سابق يجرف أكثر من 4 ملايين دولار على حلبة محاضرة عالمية في مثل هذا الوقت القصير. في جولة واحدة، حصل على أسهم ارتفعت قيمتها إلى أكثر من 13 مليون دولار في قفزة واحدة.
في اليابان، تحدث بوش إلى 000،50 عضوة في الاتحاد النسائي للسلام العالمي في عام 1996. هذا الاتحاد تقوده زوجة القس سون ميونغ مون. أدى ذلك إلى احتجاجات من الزعماء المسيحيين وغيرهم من منتقدي كنيسة التوحيد التي يتزعمها. وأعقب خطاب بوش عن القيم الأسرية حديث لزوجة مون أشادت فيه بأخلاق زوجها وكنيسته. قضى القس مون عاما في سجن فدرالي أمريكي في عام 1982 بتهمة التهرّب من الضرائب ووصف أمريكا علنا بأنها "حصاد الشيطان". حاول بوش تبرير ظهوره بالقول إن الاتحاد النسائي كانت ترأسه زوجة مون وبأنه منفصل عن الكنيسة.
الفساد البوشي حتى في الأرجنتين
___________________
في عام 1994، سافر بوش إلى بوينس آيرس، عاصمة الأرجنتين حيث ألقى خطب مدفوعة الثمن لمجموعة من المصرفيين وشركات الأدوية. صديق بوش، الرئيس الأرجنتيني كارلوس منعم، كان من المقرر أن يحضر العشاء ولكنه تراجع بعد أن وصف سكرتيره للشؤون الدينية كنيسة التوحيد بـ "التجديف ومعاداة المسيحية". تم الدفع لبوش من قبل مؤسسة واشنطن تايمز التابعة لمون. انتُخب منعم لأول مرة في عام 1989، وتصاعدت تهم الفساد ضد أعضاء حاشيته ومساعديه في مجلس الوزراء السابق. منذ مغادرته البيت الأبيض، التقى بوش مع كارلوس منعم خلال خمس رحلات إلى الأرجنتين، وثلاث زيارات لمنعم للولايات المتحدة.
في عام 1994، عاد بوش إلى بوينس آيرس لإلقاء أحاديث مدفوعة الأجر إلى المجموعات المصرفية وشركات الأدوية. وفي أبريل، كتب بوش أيضا إلى الرئيس منعم نيابة عن مليونير كازينزهات لاس فيغاس "ستيف وين". أصدر منعم مرسوما يسمح ببناء كازينو في بوينس آيرس. سعت شركة وين "منتجعات ميراج" لبنائها. بناءً على طلب من وين، كتب بوش إلى منعم أن وين كان معروفا بشكل إيجابي من قبله وأنه – أي بوش - ليس لديه مصلحة مالية في الصفقة. فجّرت لجنة تحقيق برلمانية حول تأثير بوش المحتمل في الشؤون الداخلية للبلاد. بعد اعتراض المسؤولين المحليين على اتخاذ مثل هذه القرارات في الحكومة الاتحادية الأرجنتينية، سحب منعم موافقته ومات مشروع كازينو وين. ومع ذلك، وبعد تقارير إخبارية أرجنتينية عن زيارات بوش والمزاعم حول تدخّل عائلة بوش في قرارات الحكومة، بعث سبعة أعضاء من مجلس نواب البلاد أسئلة مكتوبة واسعة النطاق لمنعم حول علاقته مع عائلة بوش. وطالب النواب توضيح ما اذا كان بوش قد ضغط لصالح شركة ميراج. تساءلوا أيضا عن "نيل بوش"، الذي مُنحت شركته حقوق التنقيب عن النفط من قبل الحكومة الأرجنتينية في عام 1987. لكنهم لم يحصلوا على أي رد.
جمع بوش 14 مليون دولار من "أحاديث" في الشركات
________________________________
في خطاب ألقاه عام 1998 في طوكيو، حصل بوش على أسهم في شركة غلوبال كروسنغ المحدودة Global Crossing Limited، وهي شركة تكنولوجيا. كانت الأسهم قد بلغت قيمتها حوالي 13.4 مليون دولار في نوفمبر تشرين الثاني عندما قدّم بوش معاملات لبيع بعض الأسهم.
في الكويت، تعامل مع حكومة أمير البلاد نيابة عن شركة شيفرون في 1998. وبعث برسالة إلى وزير النفط الكويتي بناء على طلب من شركة شيفرون التي كانت تتنافس على العمل هناك.
نصح بوش مجموعة كارلايل وهي شركة استثمار مقرها واشنطن تستثمر في صناعة الدفاع والفضاء وغيرها في جميع أنحاء العالم. فرانك كارلوتشي، وزير دفاع ريغان، هو رئيس مجلس إدارة مجموعة كارلايل، وجيمس بيكر، وزير خارجية بوش ، هو مستشار رفيع المستوى فيها. في عام 1999 زار بوش كوريا الجنوبية مع شركاء كارلايل الذين كانوا يسعون لشراء ثلاث شركات كورية جنوبية. والتقى بوش مع المسؤولين الحكوميين، بما في ذلك رئيس الوزراء انذاك كيم جونغ بيل، وانضم إلى أعضاء كارلايل في زيارة الشركات الكورية الجنوبية. تم الدفع لبوش لإعطاء محادثات لمجالس الشركة الاستشارية، وعملائها.
يدعو إلى علاقات طبيعية مع الصين بعد أن عارض حتى دخولها في الأمم المتحدة سابقا
________________________________________________
في عام 1998، بعثت مجموعة كارلايل بوش في رحلة مهمة إلى الصين، وهي واحدة من العديد من رحلاته إلى ذلك البلد. أعرب الرئيس السابق عن وجهات نظره بشأن قضايا سياسية حسّاسة، ودعى إلى علاقة تجارية طبيعية ودائمة مع بكين، وأبدى تقديرا لتقدم الصين في مجال حقوق الإنسان.
فضيحة منجم الذهب في أندونيسا
___________________
في عام 1995، تم تجنيد بوش من قبل رئيس الوزراء الكندي السابق بريان مولروني (مسانده في حرب الخليج ضد العراق) ليصبح مستشار المجلس الاستشاري الدولي لشركة باريك جولد، وهي شركة للتعدين مقرها تورونتو. دُفع للرئيس السابق حوالي 000،15 دولار سنويا بالإضافة إلى مصاريف السفر لتقديم المشورة. ساعد بوش الشركة على الحصول على موافقة على التعدين في منجم الذهب في اندونيسيا الذي يُعتقد أنه أكبر مخزون للذهب في العالم. وجد نفسه في وسط نزاع على حقوق تعدين الذهب، فاتصل آنذاك بالرئيس سوهارتو في عام 1996 للثناء على الشركة الكندية. في ذلك الوقت، كانت شركة بري أكس منيرالز المحدودة قد حصلت على حقوق التنقيب. ولكن بعد أن وصل خطاب بوش إلى سوهارتو، طلبت الحكومة الاندونيسية من شركة بري أكس جعل شركة باريك شريكا لها. بعد ذلك بوقت قصير، تعرّض المنجم إلى عملية تلاعب وتزوير كبيرة، فاستقال بوش من باريك في عام 1999.
بوش الأب والإبن أعضاء في مجموعة كارلايل: جني الأرباح من خلال الحروب
_____________________________________________
علاقات مجموعة كارلايل بعائلة بوش تعود إلى أكثر من عقد من الزمان. في عام 1990، وضعت مجموعة كارلايل جورج دبليو بوش (بوش الإبن) على مجلس إدارة إحدى الشركات التابعة لها، وهي شركة كاترأير Caterair، وهي شركة تموين الطائرات. وعلق تشارلز لويس، المدير التنفيذي لمركز النزاهة العامة قائلا : "يجمع جورج بوش المال من المصالح الخاصة التي تمارس أعمالها مع الحكومة، في حين أن ابنه هو الرئيس. و، بطريقة غريبة حقا، قد يستفيد جورج دبليو بوش الإبن، في يوم من الأيام، ماليا من قرارات الإدارة الخاصة به، من خلال استثمارات والده الذي كان رئيسا سابقا".
لمجموعة كارلايل حصص ملكية في 164 شركة يعمل فيها أكثر من 000،70 شخص وجنت 16 مليار دولار من الإيرادات في عام 2000. أكثر من 450 مؤسسة - صناديق معاشات وبنوك كبيرة بشكل رئيسي – هي من المستثمرين في مجموعة كارلايل. استثمر صندوق تقاعد ولاية كاليفورنيا 350 مليون دولار مع كارلايل، وصندوق تقاعد المعلمين بتكساس - الذي عُيّنت هيئة إدارته عندما كان جورج دبليو بوش حاكما لتكساس - أعطى كارلايل 100 مليون دولار للاستثمار.
كانت كارلايل المقاول الأكبر الحادي عشر لوزارة الدفاع في الولايات المتحدة بسبب ملكيتها لشركات صنع الدبابات وأجنحة الطائرات، وغيرها من المعدات. وتستثمر بشكل كبير في مجال الاتصالات، وهو حقل آخر يتأثر بشدة بسياسة الحكومة.
المجلس الاستشاري لكارلايل ضم العديد من الشخصيات الدولية مثل الرئيس السابق فيدل راموس من الفلبين ورئيس الوزراء السابق لتايلاند. كان كارل أوتو بول، الرئيس السابق للبنك المركزي الألماني في ألمانيا، مستشاراً فيها ايضا. وكان رئيس الوزراء البريطاني السابق جون ميجور عضوا في المجموعة.
في خريف عام 2000، التقى بوش مع الملك فهد في المملكة العربية السعودية. والتقى الرئيس السابق أيضا مع رئيس وزراء كوريا الجنوبية ومسؤولين حكوميين آخرين، مما مهّد الطريق لمجموعة كارلايل للحصول على بنك كوريا المركزي KorAm، الذي اعتُبر غنيمة مهمة بسبب الوضع المالي القوي نسبيا له. جني بوش 000،80 دولار إلى 000،100 دولار عن كل كلمة ألقاها نيابة عن كارلايل.
وفقا لمجموعة المراقبة القضائية (5 مارس 2001)، كانت مشاركة بوش مع مجموعة كارلايل، تمثل "تضارب مصالح يمكن أن يسبّب مشاكل للسياسة الخارجية الأميركية في الشرق الأوسط وآسيا".
التقى فرانك كارلوتشي، وزير الدفاع السابق في عهد الرئيس ريغان، الذي كان رئيسا لكارلايل، مع زميل الكلية السابق "دونالد رامسفيلد" وزير دفاع بوش، في فبراير 2001. ويقال إن الاثنين تحدثا عن "قضايا عسكرية" في الوقت الذي كانت كارلايل تستثمر مليارات الدولارات في مشاريع دفاع قيد النظر من قبل الحكومة. وبالإضافة إلى ذلك، يعمل في كارلايل وزير الخارجية السابق جيمس بيكر.
في عام 2001، ضغطت كارلايل للحصول على تمويل للدبابة الثقيلة كروسيدر، التي تم بناؤها من قبل واحدة من الشركات التي تملكها. أيضا في عام 2001، اشتكت كارلايل ضد الحكومة بعد أن خسرت واحدة من شركاتها عقدا قيمته 4 مليار دولار لصنع عربة قتالية خفيفة الوزن.
الفضيحة: إبن لادن شريك في مجموعة كارلايل
_____________________________
ودعت المراقبة القضائية في بيان نُشر في 5 مارس 2001 بوش الأب إلى الاستقالة من الشركة عندما أصبح معروفا أن إبن لادن كان أحد كبار المستثمرين في الشركة. بعد هجمات 11 سبتمبر الارهابية، قال رئيس مجلس إدارة المراقبة القضائية لاري كلايمان، "لقد تحول التضارب في المصالح هذا الآن إلى فضيحة. فكرة كون والد الرئيس، والرئيس السابق نفسه، يقوم بأعمال تجارية مع شركة قيد التحقيق من قبل مكتب التحقيقات الفدرالي في هجمات 11 سبتمبر الرهيبة. يجب على الرئيس بوش الإبن أن يطلب من والده الانسحاب من مجموعة كارلايل".
ذكرت صحيفة وول ستريت جورنال (27 سبتمبر 2001) أيضا أن الرئيس السابق جورج اتش دبليو بوش عمل لصالح أعمال عائلة بن لادن في المملكة العربية السعودية من خلال مجموعة كارلايل، وهي شركة استشارات دولية. وكان بوش الأب قد التقى مع عائلة إبن لادن مرّتين على الأقل.
شركة غلوبال كروسنغ GLOBAL CROSSING
____________________________
في عام 1998، حصل بوش على ما لا يقل عن 000،80 دولار في الأوراق المالية من شركة غلوبال كروسنغ مقابل حديث باسم الشركة في طوكيو. ذهبت غلوبال كروسنغ أخيرا نحو الإفلاس في فبراير 2002. هدية بوش (000،80 دولار هذه) جاءت في وقت كانت الشركة على وشك التحول إلى شركة مساهمة عامة وتضاعقت قيمة السهم بسرعة 175 ضعفاً لتصل حصة بوش إلى 14 مليون دولار.
منذ عام 1999، قدمت غلوبال كروسنغ تبرعات بقيمة 3.5 مليون دولار، أكثر بخمس من تبرعات شركة انرون. دفعة غلوبال كروسنغ للخطاب الذي ألقاه الرئيس بوش الأب مع الأسهم التي حصل عليها في وقت لاحق وصلت قيمتها نحو 14 مليون دولار. حصل رئيس الحزب الديمقراطي "تيري مكوليف" على فرصة لشراء أسهم غلوبال كروسنغ قبل أن تصبح متاحة للجمهور في سوق الأوراق المالية وحقق ارباحا قدرها 18 مليون دولار. "آن بنغامان"، مسؤولة سابقة في ادارة كلينتون وزوجة المرشح عن ولاية نيو مكسيكو السناتور الديمقراطي "جيف بنغامان" بلغ صافي ما حصلت عليه 2.5 مليون دولار عن عمل استشارات لمدة سنة.
بدأت أسهم غلوبال كروسنغ بالانهيار في أواخر عام 2001، بعد أن قام اثنان من كبار المسؤولين التنفيذيين - غاري وينيك، مؤسس الشركة، وستيفن جرين، السفير المعين من كلينتون إلى سنغافورة – بعقد صفقة مع شركة استثمار سنغافورة دون أن يخبرا رسميا زملاءهم أعضاء مجلس الإدارة. ولم يتضح كيف استفاد وينيك وجرين من هذه الصفقة. ولكن كان من الواضح أن المساهمين لم يكونوا على علم بأن نفس هذه الشركة السنغافورية قدمت عرضا لشراء أصول غلوبال كروسنغ.
علاقة بوش بالمملكة العربية السعودية
_____________________
بدأت العلاقة الخفية بين عائلة بوش وبيت سعود في منتصف السبعينات، عندما ضرب البيت السعودي ضربته خلال الحظر النفطي الذي فرظته أوبك وارتفاع أسعار النفط. المملكة العربية السعودية في حاجة إلى حماية أمريكية عسكرية، وإلى الوصول إلى السلطة السياسية الأمريكية، وإلى مكان لاستثمار التدفق النقدي المذهل، الذي وصل خلال 5 سنوات إلى 16 مليون دولار في الساعة.
بدأ السعوديون بالبحث عن استثمارات في الولايات المتحدة. وصل المسؤولون السعوديون بشكل مريح إلى مسؤولين رفيعي المستوى في الإدارات الأمريكية بل حتى إلى الرؤساء رونالد ريغان، وجورج هربرت بوش، وجورج دبليو بوش، وكذلك وزير الخارجية جيمس بيكر، ونائب الرئيس ديك تشيني، وأجهزة الاستخبارات في الولايات المتحدة بأكملها.
منذ الثمانينات، والبوشيون والسعوديين يتعاونون في مجال الحرب والنفط وتمويل الأفغان العرب التابعين لابن لادن في حرب أفغانستان، وصفقات الأسلحة غير المشروعة، والخدمات المصرفية، ومسائل خاصة. وبحلول الوقت الذي انتُخب فيه جورج دبليو بوش، قام آل سعود بتحويل مبلغ كبير من المال لبيت بوش في صفقات تشمل عشرات الشركات. ما لا يقل عن 1.4 مليار دولار في الاستثمارات والعقود ذهبت إلى الشركات التي يَشغِل بوش الأب وبوش الإبن وحلفاؤهم مناصب بارزة فيها.
جاء ذلك في وقت لعبت السعودية فيه دورا رئيسيا في رعاية صعود الإرهاب الأصولي الإسلامي الذي يهدد أمريكا.
كما ضغطت إدارة الرئيس جورج بوش على نطاق واسع لضم النظام السعودي إلى حلفها. منذ عام 2001، ظهرت القصص التي تقول أنه ربما المملكة العربية السعودية - وليس العراق - هي البلد الذي يجب أن تهاجمه إدارة بوش لأن 15 من أصل 19 خاطفا للطائرات في هجمات 11 أيلول لديهم الجنسية السعودية. ومثل أسامة بن لادن، جاء هؤلاء الارهابيون من عائلات سعودية ثرية.
بعد هجمات 11/9 بيومين، سمحت إدارة بوش لـ 140 مواطنا سعوديا، العديد منهم اقارب الدرجة الاولى من إبن لادن، بالعودة إلى بلادهم، بينما أوقفت جميع رحلات الطائرات الأخرى في الولايات المتحدة. (كريغ أنغر: بيت بوش، بيت آل سعود).
مصادر هذه الحلقات
___________
مصادر هذه السلسلة من الحلقات عن الفساد المالي والأخلاقي والسياسي لعائلة بوش سوف تُذكر في ختام الحلقة الأخيرة من هذه السلسلة.
مقالات اخرى للكاتب