لقد ازيلت تلك اللافتة التي كنا نراها امام واجهات المؤسسات والدوائر الحكومية فضلاً عن معسكرات الجيش ومخازن الدولة التي تقول :
(( التصوير ممنوع)) . وهذه اللافتات لم يعد لها وجود فباستطاعة أي انسان الآن ان يصور كل شيء بهاتفه النقال ويرسل مايصوره بلحظة واحدة وبالضغط على زر صغير في هاتفه الى هاتف آخر في اقصى بقاع الارض !
ويا ويلك في ذلك الزمان ، يوم لم تكن هناك اجهزة اتصال محمولة ، ويصادف أنك تحمل آلة تصوير من تلك الآلات التي يستخدمها المصورون قبل عقود، نعم، يا ويلك وسواد ليلك ، لو رآك شرطي وانت تصوّر سياج دائرة حكومية او اي مكان آخر كتب على لوحة مجاورة له ان التصوير ممنوع ، لانك إن فعلت ذلك فسوف تصبح جاسوساً وعميلاً ومتهماً بالتخابر مع جهات اجنبية وسيكون مصيرك محتوماً ومعلوماً للجميع .
الذين وضعوا هذه اللافتات لم يكونوا يعرفون ان ثمة في فضاءاتنا العالية اقماراً صناعية ترصد كل شيء ، بالصور والفيديوهات فهي تعرف عدد طلاب المدرسة الفلانية من خلال توافد الطلبة الى ساحاتها وصفوفها ، وهي ترصد تحركات اي عجلة سيارة من انطلاقها الى توقفها بل ولقد قيل مرة ان قمراً صناعياً امريكياً أظهر صورة لنوع علبة الدخان الظاهرة من الجيب العلوي لقميص عامل روسي وهو يغادر المصنع الذي يعمل فيه .
لا أظن ان هناك عبارة مثل هذه موجودة الآن امام اية دائرة او بناية مهما كان طبيعة عملها مدنياً وعسكرياً فكل شيء صار معلوماً ومعروفاً ولايحتاج الامر اي صعوبة في معرفة كنه العمل الذي تقوم به هذه المؤسسة او تلك ، فالتصوير على الارض مسموح ، وفي الفضاء مسموح ولاعائق يقف امام معرفة اي شيء عن كل شيء !.
ان اجهزة الاتصال الحديثة في ظل تنامي قدرات هذه الاجهزة والوسائل التكنولوجية قد حققت رغبات الدول في التعرف على نشاطات بعضها البعض وهي في تصاعد مستمر ، ففي كل يوم تظهر هذه الوسائل برامج وتقنيات اكثر حداثة من التي سبقتها ، في تجدد ينبئ عن تطور هائل في سيل المعلومات المتراكمة التي تحققها وسائل الاتصال السريعة .
مقالات اخرى للكاتب