انتهت فعاليات مهرجان الشارقة القرائي للطفل، في دورته التاسعة بحضور 179 ضيفاً موزّعين على نشاطاته، وبمشاركة 18 دولة عربية وأجنبية، ست منها شاركت للمرة الأولى، هي: الصين، وألمانيا، واليابان، والكويت، والبحرين، والمغرب، ومن مفاجآت المعرض، جناح بعنوان (رحلة عبر الدماغ) الذي يعد التجربة الأولى من نوعها في الوطن العربي، وهو رحلةٍ استكشافية في الدماغ ” القصة الداخلية” يتم التعرف من خلاله على كيفية تطور هذا العضو المذهل في الانسان، وكيفية عمله، وتم تنظيمه من قبل المتحف الأمريكي للتاريخ الطبيعي، وتضمن مجموعةً واسعة من المعروضات والأنشطة التفاعلية، التي هدفت الى اكتشاف أسرار الدماغ البشري.
مبارك على ” الشارقة” هذا المعرض، الذي اسعدتني المشاركة فيه، لكني وقفت متأملا، واقع الطفولة في بلادي .. فوجدته لا يسر، وبغياب حكومي لافت، رغم ان الطفولة اهم استثمارات المستقبل .. وحين تعود ذاكرتي وقراءاتي الى ماضي الاهتمام بالطفولة في العراق، اشعر بالزهو حيث كان اهتماما يفوق الخيال، فهل يصدق البعض، ان العراق كان الاول في اصدار مجلة تعنى بشؤون الطفل، في الوقت الذي كان فيه العالم العربي ودول الجوار مجتمعة، لا يعرفون فيه صحافة الاطفال .. ففي سنة 1922 صدرت في بغداد مجلة (التلميذ) المتخصصة بشأن الاطفال .. وبعد اقل من سنتين تصدر اخرى بعنوان (الكشاف العراقي) … اصداران يسبقان زمنهما، وبعدهما بسنوات تصدر مصر مجلاتها المعروفة : السندباد وسمير وميكي وسوبرمان وغيرها.
اين رعاية الطفولة التي كنا نلمسها ايام زمان في برامج التلفزيون والاذاعة والمسارح؟ اين اغنية الطفل؟ اين الصحف التي كانت تخصص صفحات للطفولة؟ اين كتب الاطفال التي كنا نراها في مكتبات المدارس، وينتظرها الاطفال واليافعين بشغف؟ اين عروض القبة الفلكية في حدائق الزوراء؟ اين البرامج العلمية الخاصة بالطفولة؟ اين مسرح وسينما الفانوس السحري؟
في الامس القريب، كان معرض بغداد (يوم كان دوليا !!) يخصص جناحا مبهراً للطفولة، وكنا نرى افواج الطلبة الصغار يتدافعون بمحبة، لمشاهدة فعاليته المختلفة .. لم يتبق من عالم الطفولة البهيج غير برنامج (المرسم الصغير) للفنان المثابر خالد جبر… فلقد نسيّ القائمون على ادارة البلاد ان تقدم الأمم يقاس بمدى اهتمامها بالطفولة والأطفال الذين هم غراس المجتمع وعماده، وهم ايضا من المؤشرات التنموية الضرورية التي تعكس مدى تحضر المجتمعات.
ان الطفولة.. شجرة نقاء وارفة الظلال، وأغصان عفويّة تحمل ثمار القبول والمتعة، وشخصيا،عندما اتضايق.. اذهب لأقرب طفل واجعله يبتسم، فابتسامة الاطفال شفاء، وهي أنفاس عذبة وسحائب ماطرة وأريج عبق…والطفولة عندي، قصّة حلم، وقصيدة أمل، وخاطرة عذوبة، وهي حياة الروح، وروح الحياة.. ففيها البهجة في جمال، وسعادة الأطفال تجعل القلب كبيراً جداً على الجسد .. انهم سيرورة الدنيا، ونقاء الحياة، فهل التفتنا الى كنز الكنوز .. اطفالنا؟
مقالات اخرى للكاتب