عانينا في العراق من مآسي التطاحن الطائفي بعد تفجيرات الإمامين العسكريين في شبــــــاط 2006، ونــواجه اليوم هجمة ظـــــــلامية تكفــــــــيرية خطيرة انتهكت حرمة الإنسان وسيادة الــــــــدولة العراقية، وفي كل الظروف القـــــــاسية كان الموقف الصحيح هو تحري نقاط التــــــلاقي مع كل العراقيين شريطة الأنصياع للدستور والقانون ورفض السلاح وسيلة لحل الخلافات، لحشد كل الطاقات لدحر الدواعش وكل الظلاميين.
وقد برهنت الأحداث في العراق على صحة الموقف الوطني السليم بشأن حل الخلافات الداخلية، كما برهنت الأحداث على صحة الموقف العراقي من المشكلة السورية، فكان العراق متفرداً بالدعوة إلى حل سياسي للصراع الدائر في سوريا ورفض الأقتتال والمطالبة بكف الأطراف العربية وغيرها عن إذكاء الأزمة السورية، والعمل على حشد كل القوى السورية لصياغة حلم سياسي سلمي بدل الأقتتال.
واليوم ونحن نواجه ازمة مستفحلة في اليمن الشقيق، نرى من الضروري الانطلاق من الوعي بالمصلحة الوطنية العراقية أولاً، وعندما نعي المصلحة الوطنية العراقية يمكن لنا ان ننطلق بشكل صحيح في اتخاذ موقف إقليمي صحيح إزاء مشاكل الأشقاء سواء في اليمن او غيرها. وعليه ينبغي على كل الأطراف السياسية الوعي بضرورة رفض اللجوء إلى السلاح وسيلة لحسم صراع داخلي لأن السلاح يؤدي الى المزيد من الاقتتال القابل للتوسع ليشمل ارجاء المنطقة، في حين أن مشاركة الأطراف العربية بدعم الجهود السلمية لحل خلافات اليمنيين يؤسس لترسيخ الشرعية اليمنية على اسس السلم الآهلي وليس موازين اصطفاف القوى المدعومة من خارج اليمن، مما يعني حلاً مؤقتا لن يحول دون اندلاع الأزمة ثانية، وهي الأزمة الكامنة منذ التدخل العسكري المصري والسعودي في اليمن بعد قيام الجمهورية اليمنية.
إن البلاد العربية تشهد خلطة غريبة من التوتر والتصعيد، بعض من معالمها استقواء داعش على انتهاك كل القيم الإنسانية وتكفير كل من لا يقبل بولايتها، وصولاً إلى ما جرى في تونس من جريمة موقوتة مع انتصار الديمقراطية فيها.
ولا بد للمرء من التساؤل: لماذا كل هذا الحشد العسكري السريع في اليمن، واين مثل هذا الحشد إزاء الغزو الداعشي للعراق؟؟! علماً ان ما يجري في اليمن هو صراع داخلي، فيما داعش حشدت كل الظلاميين من ارجاء العالم لإنتهاك سيادة العراق وقتل مواطنيه من كل المكونات!؟
إن الحكمة والوعي يستدعيان عدم اللجوء إلى “الحسم” لـ”العصف” بتصارع الإرادات السياسية الداخلية في اليمن أو غيرها. اما بالنسبة لما يقال عن وجود إيراني في اليمن فهو امر عند تثبيته يستدعي موقفاً عربياً جامعاً مسنوداً بموقف أممي، وهو الأمر الذي لم يثبته اي طرف.
وإذا كان ما يقال بشأن الحوثيين والدعم الإيراني لهم، فأن هناك دلائل كثيرة اكدتها مصادر رسمية عالمية رصينة عن “الدعم” والتعاطف التركيين لداعش في هجمتها في سورية والعراق، لكن احداً لم يطالب بتدخل عسكري عربي أو اممي ضد تركيا؟
لذلك المطلوب عدم تاجيج الأزمة المستعرة في المنطقة بحملة دعائية من الأقاويل التي تفتقر لأسانيد حقيقية، فالتصعيد والتحريض ضد اطراف إقليمية قد يقود إلى مواجهات لا تحمد عقباها، ويكون المتضرر الوحيد فيها أكثر مما هو حالياً شعوب العراق واليمن وسورية بل والمنطقة كلها والعالم أيضاً.
هذا هو الموقف الذي طرحناه في اللقاء التشاوري الذي حضره قادة الأحزاب والكتل السياسية الذي دعا له رئيس مجلس النوب د. سليم الجبوري، وحضره جمع غفير من القادة السياسيين، فنحن في الاتحاد الوطني الكردستاني مع الحلول السلمية لأية ازمة عبر الحوار، بقصد حشد كل الطاقات الوطنية لتحقيق الأستقرار والبناء وليس التحارب.
مقالات اخرى للكاتب