على الانسان أن يعي ما يحدث اليوم من افعال اجرامية منحرفة ضد طائفة ، هي احتقانات وسلوكيات معادية للبشر ، تمتطي كواهلهم وتسيطر على طباعهم ، حين استخدموا الطائفية كسلاح جرح المشاعر الانسانية والوطنية والرجولة ، وأحدث شرخاً كبيراً ، حيث يرومون انعاش احاسيسهم عما يصيبنا الان ، وحين يستحضرون الخرف من العادات والعقول ليصبوها في مفاد يحرك ويشد احاسيس البعض الفاعلة فيكم من الاذعان الى ذهنيات مشدودة الى الخرافة . تلك المحاولات التي تحول بين مزاولة البشر والمسلمين المعتدلين منهم ان يعيشوا كأخوة في دين ووطن، ومزاولة حياة كريمه فوق الارض ، الى امنياتهم الخرقاء وهم يسوقون الاخرين بافكار ما يدعون من هدايا بعد الموت ثمن الابادة للاخر في الوجود ، حين ينثرون عشرات الالاف من اجساد الابرياء على أمل اللقاء في فردوس الحوريات . من هنا صودر الدين الخلاق الذي وضع دساتير الاعمال لخلق اعظم الطاقات المعنوية التي تدفع الناس في الارتقاء بحياتهم نحو البناء . ان هذه التصرفات لا علاقة لها بثقافة كل الاديان التي ترسي قواعد متينه في الحياة الدنيا وفردوسها ليؤسس الى نعيم الاخره . لقد سيطر هؤلاء الاوباش على بعض المنافذ وجعلوا من ديننا اشارة وايماءة وسلوك قاتل ، ونقطة حمراء وسوداء في سجل عطاءه الثر .
ايها الساده المدرك منكم ومن اخذته الارجل تحت شتى اللافتات والتي يؤطرها العصبية المذهبية ، ادركوا ، لقد جاء الاسلام ليؤسس رابطة اكثر انسانيه ، فاحتوى العصبيات القبليه في عهود الشرك والتخلف ، فاحتواها ووحد بينها ، ولكن مرت عهود ارتدت على تلك القيم ، حين بنيت قوائم الحكم على مبدأ الانتماءات القوميه والطائفية والقبلية الضيقه . لذلك نجد نزعة التفرقه عند الامويين ونزعة الغنيمة تحت عنوان الثأر عند العباسين ، والنزعة القوميه عند الاتراك وكذلك النزعة الفارسيه عند الصفويين .
ان النبي والصحابة بذلوا جهدا جبارا لبناء امة واحده ، ولكن تلك الجهود لم تستطع في النهاية ، الى ايقاف عملية تحول الحكم الاسلامي الى مستبد قائم على تسلط الارستقراطيه والعصبية القوميه والقبليه ، هكذا بدى الامر عند سيطرة الامويين على الحكم وكانه زحف نحو الجاهلية ، حيث سيطرة الروح العربية القديمة كبديل عن الاسلام الموحد . في حين ان الانتماء للانسانيه في قيم الاسلام ، فوق كل شيء ، لكنه قد ركن في دسائس السقائف . وان الانسانية وهي رسالة الاسلام قد احتجزت في ادراج الوراثه ، لذلك تهاوى التمسك بها يستوجب الانطلاق من موقف اممي اخلاقي تحرري يقبل الاخر ، الى مواقف المصالح الشوفينية او القبلية ام الطائفيه ، وبذلك أصبح الاسلام ستار لخدمة مصالح اقلية من الناس دون تلك الرسالة التي تسيد الجميع .
يقول مكسيم غوركي (انني ومنذ سنين اصبحت بمناى عن مرض التعصب القومي) هذه الانطلاقة والنأي ليس بمفهوم عدم الوعي القومي وانما عدم التعصب للقومية ، وعليه فان الاسلام ليس قوميا بل هو اطار عالمي واصطفاف بشري حين يحكم الصلاح .
ايها المتعصبون في ساحات الاعتصام بل الانفصام ، وقد اباحت ألسنتكم بما لا يليق ، وكأن الساحة لكم ، والقوة قد افرغت شحناتها في ميدانكم ، وكأنكم الرجال الوحيدون اللذين يمتلكون زمامها ، أأدركتم أن في العدد والعدة بقيه ، ربما يمتلك هؤلاء ثقل القهر التاريخي بما يؤهلهم وبما يتفاعل ويتثور الى ردود افعال لم تكن في حسبانكم ؟
علي شريعتي يقول : ان التعصب الواعي وحده يستطيع نفي التعصب الاعمى . فالمثقف الذي يريد القضاء على التعصب الاعمى ينبغي ان يتعصب هو ، فالتعصب يعني بالضبط الالتزام بموقف ، اي الانتماء لنهج او قضية معينه ، التعصب ليس بالمعنى الضيق ، وانما بمعنى الانتماء لرابطة ما والالتزام بها .
وأنا اقول اي تعصب تنتمون اليه ازاء ما تنثرون من اعلان حاقد واعمى وطائفي ؟ ان التعصب الواعي لا يشبه التعصب الاعمى وريث تقاليد نرجسية في مسك السلطه ، بل هو نقيضه ، تماما كما نعتبر الاسلام الحقيقي الذي يقبل الاخر افضل سلاح لنفي نقيضه . الاسلام الذي نريده ليس قوالب موروثه وجامده ، ولا هو انتماء قومي او طائفي ، بل هو اعادة بناء خلاقة للفكر ، نهضة فكرية وحركة حقيقيه ، يؤمن بالديمقراطيه والعيش الامن واحترام الاخر ، فهل يدرك هذه القيم سعيد اللافي وعبد المنعم بدراني وامثال علي حاتم او المختبئون من نواب بل من يمتلكون سدة القرار في اعلى المراتب التي تمثل الشعب ؟ هؤلاء اشقياء منصات ورؤساء كتل في محاصصات .انهم على ارض الواقع اسسوا المضاد المتشنج المنفعل عند الاخر ، الذي ادرك ما يريده الاخرون ، وهو فناؤه والغاءه ، ولات حين مناص من الدفاع عن وجوده . انه لا يعني العودة للماضي ، بل انتم من اوصلتموه اليه في ان يبعث فيه روح الازمة الماضية في كيان الوضع الراهن وشتان بين هذا وذاك من الرهان على انكم رابحون هذه المرة .
اجد من الضرورة بمكان ومقام ان نميز دعوة المنادين بالطائفية وبالسلفيه ، ومفهوم السلفيه عليكم ادراكه ، ليس مرتبط بزمن السلف الصالح ، انما بتلك الاشارة التي تعني الزمن من جهة ، وبذات الوقت تعني الانتماء لرموز العصبية التي اتخذت اذرع شتى في استرجاع سطوتها وجبروتها . وهي بالتالي نوع من الاستبداد والتخلف برسم التوجه الديني حين مارست الاضطهاد منحولة معمولة بالجهل والقوة في الاستحواذ. فان كان الزمن كمحدد تاريخي ففي تلك الحقبة تواجد الصالح والطالح ، تواجد عمار بن ياسر قبالة ابي جهل . الحمزة امام عتبه والوليد . ابو ذر قصاد الحكم ابن مروان .
اذن على اي ارض تقف السلفية التي ذهبت بها المدارج والمدارك لتعمم ، ثم لتصل الى شيخ مثل ابن تيميه ، يامر بقتل الاخر من اهل الشهادتين او من اهل الذمة بحجة الضلاله . فكر يقول وحدي اريد ان اتكلم ، وحين تكلم جز نحرا واقتطع عنقا . ام ارتاى بهتانا ليقول لعامل بائع الثلج انت في ضلاله ، لان النبي لم يشرب ماءا مثلجا فيقتله . هل يريد من يدعي هكذا فكرا ان نعود لركوب الحمير ؟ ماذا يريد من بائع الخضرة حين تصطف الطماطة الانثى جنب الخيار الذكر ، فيذبح البائع المسكين لان جمع السلتين ؟ ارفع جلبابك حد الركبتين حتى لا يتغلغل الشيطان الى خص..ي..تك ؟ لا تذهب الى المزين ولتنتشر لفائف الشعرالشعث حول وجه قبيح ، لترجعك الى اثبات الدارونيه أنك قرد . ان تذبح بسكينتك العمياء من الوريد الى الوريد من نطق الشهادتين ؟ اذبح اذبح وكبر اثناء الذبح (الله اكبر) ليصرخ الرب الكريم تبا لكم من ثلة.
ألغم بجسدك عشرات القنابل والاحزمة الناسفة والالاف من الشظايا ، فكلما عبأة اكثر ستكون اكثر قربا من النبي ص في وليمة العشاء والفطور ، وكلما قتلت من النساء والاطفال والابرياء عانقك النبي بالاحضان . وكلما اتخذت من اطفال المدارس ترسا ، مترستك أحضان حور العين باجسادها وضمتك الى حناياها .
أهو ذا العنوان من السلفية التي اتخذت منك سلوك جهنمي وحشي بربري ؟ ام السلفية هو العودة لجوهر قيمنا الروحية والاخلاقية ، قيم العالم المتحضر والواقف تحت الشمس ازاء الاعاصير التي يعج بها العالم والتواجد في خضم الوجود والالغاء ؟ ان هؤلاء دين ضد دين وهي ذي المعادلة التي يتعكز عليها المتعاكسون ، خزعبلات لا تتحلى بروح الجدل الحر والنقاش العلمي انهم يلجمون الفكر والتطور العقلي دون خشية ، فاقدين شروط القناعة فيما يدعون . الحسن والجمال والدين يقول : وجادلهم بالتي هي احسن فهل يفقهون ؟ ان هذا التناحر لا ينفذ الا بمؤدين القتل العمد تحت ذرائع واهية او الشتيمة والقذع وهو اسلوب الفاشلين والعاجزين ، وبالاثنين انفس لا تتوق الى الموعظة الحسنة والرحمة ، اسلوب جامد منغلق وديدن في تكفير الاخرين . تعصب اعمى وتعنت اغبى وهو قمة الانحطاط الذي جعلنا اضحوكة الاخرين وتسائل المتسائلين في عالم ينظر الينا كقتله . لا مرونة اطلاقا ، انما تخاطب اوثانا دون ان تتحلى بالمودة .
اسمعوا اهل المنصات ، ان ما يقع على ارض الواقع عدوى مستشريه اشد فتكا من الكوارث ، واهتك تاثيرا من العوارض السرطانيه انها خلايا نائمه كالعقارب في قماقمها ، وكالافاعي في جحورها ، فمن أمن اللدغ لينتظر ان بيوضهم تنتقل مع هواء الازمات التي لا نعرف حين تحدث على حين غره.
مقالات اخرى للكاتب