منذ قليل، قال الإمام الجيلالي بوروبة، عبر موجات الأثير، أن سيّدنا الإمام الخليل، رضي الله عنه وأرضاه، وضع كتابا من أربعة أجزاء، خصّص ربع منه فقط للعبادات، وثلاثة أرباع للمعاملات.
وفي "حديث الاثنين"، الذي كان يبثّه الشيخ، محمد الغزالي، رحمة الله عليه، للمجتمع الجزائري، أيام التسعينات من القرن الماضي، قال: إن المساحة المخصّصة للصلاة، تحتاج إلى متر، والدفاع عن هذا المتر، يحتاج إلى علم من هنا إلى المريخ، أو أكثر.
والبارحة، حينما سئل الأستاذ، موسى إسماعيل، عن معنى قيام الليل، في حصة "هلا سألوا"، أجاب قائلا: إن قيام الله، يعني لما تقوم به، من معاملات وعبادات، وليس بالضرورة عدد الركعات، لأن الصلاة في جوف الليل، هي نوع من أنواع قيام الليل.
وفي جلسة مع العالم الفقيه، الشيخ بوعبد الله، حدّثني قائلا: إن قيام الليل، بالنسبة للغني هو الإنفاق. وقيام الليل للحاكم هو العدل، وأن لاينام عنه. وقيام الليل للعالم، هو التأليف ونشر العلم. وقيام الليل، لصاحب الحرفة، هو إتقانها والإبداع فيها. وقيام الليل للطالب، هو المراجعة والمذاكرة.
ثم زاد عليها، العالم الفقيه، الشيخ بوعبد الله، قائلا: قيام الليل، كان في بداية الدعوة الإسلامية، قبل فرض الصلاة، فلما فرضت أمس قيام الليل تطوعا، والأصل في الفريضة، التي تستغرق بعض الدقائق فقط.
وفي أثناء الحديث، راوده قوله تعالى: "فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ فَانتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ وَابْتَغُوا مِن فَضْلِ اللَّهِ وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَّعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ"، الجمعة - الآية 10. فالصلاة في الآية، وصفت بالانقضاء، وبأن لها مدة محددة لأدائها، بينما الانتشار في الأرض، ممدود لانهاية له، وغير محدود، مادامت البشرية، بحاجة إليه، فأعجب الشيخ بهذه النكتة، بتعبير علماء المسلمين.
تعليم العبادة، يحتاج إلى دقائق معلومات، بينما معرفة سنن الكون، والتحكم فيها، من علم ومعاملات، يحتاج للدهر بأكمله، وللجهد كله، لأن المرء، يغادر هذه الحياة، وهو جاهل لبعض أسرارها، كالمعارف الجمّة، والعلوم الكثيرة، ويتركها لمن خلفه، ليطور منها مااستطاع، مايتطلب المزيد من الجهد والسهر، في معرفتها وكشف خباياها.