ليس من البارحة ، وليس من يوم استطاعت عصابات الارهاب ان تستوطن بعض اطراف كركوك الغربية والجنوبية وتعيث في المنطقة فسادا ، ليس من تلك التواريخ اصبح الدم الكوردي مباحا في كركوك، وليس فقط الرصاص لوحده يقتل كورد كركوك ، بل انها ايضا السياسة التي تريد قضم كوردستانية كركوك من الجسد الكوردستاني هي التي تهييء نوعا ما او تحث على الغاء وجود الكورد على ارضهم الكوردية التي تلتهب نيران كوردستانيتها منذ الازل في الحوض النفطي الكبير المسمى تاريخيا و بلسان كوردي فصيح بباباكوركور ...

لم يصبح الدم الكوردي مباحا في كركوك عندما حاول اطلاق المجرم العنصري نيران مسدسه على صدر الشيخ الجليل الشهيد محمد امين شربتجي الذي كان ذنبه الوحيد انه كان كورديا اصيلا ويبيع "الشربت " من اجل اعاشة اسرته، لم يكن الدم الكوردي مباحا منذ ان اطلق السافل نفسه او غيره النار على صدر الشهيد سيد حسين كاكه يي الذي كان يصلح الدراجات فقط من اجل ان يعيش وذنبه الاوحد انه كان كورديا كركوكيا اصيلا ، لم يصبح الدم الكوردي مباحا في كركوك منذ ان قتل عنصري اخر الشهيد فاضل حاج علي ليلاني الذي كان يبيع الاقمشة في سوق كركوك ودون ان يخطر بباله انه سيكون ضحية العنصرية المقيتة ...

لم يصبح الدم الكوردي مباحا منذ ان امر الجلاد علي كيمياوي بقتل شباب محلة الشورجة وتفجيره بيوت الكورد في تلك المحلة المناضلة بالديناميت ونهب ممتلكات الكورد علنا وعلى رؤوس الاشهاد ، و طرد مئتي الف كوردي من مدينتهم والاستيلاء على بيوتهم وممتلكاتهم بالكامل ...

لم يصبح الدم الكوردي مهدورا عندما قررت السلطة البعثية العنصرية منع الكورد من التملك والبناء في كركوك ، ومنع تسمية مواليد كركوك بالاسماء الكوردية ، واغلاق كل المدارس التي تدرس باللغة الكوردية ، ومنع استعمال اللغة الكوردية في الدوائر الرسمية وصولا الى "اختراع" الاستمارة السيئة الصيت والتي كانت توزع بين الكورد كي يتخلوا عن قوميتهم ، هذه الممارسة الملعونة التي لم يفكر فيها اكثر جلاوزة التاريخ عنصرية ، وكانت "ابتكارا" عنصريا غارقا في الانحطاط والسفالة ومسجلا باسم البعث .

فالدم الكوردي في رأيي الشخصي المتواضع اهدر منذ ان اكتشفت اول بئر نفطية في كركوك ، وكل السياسات التي اتبعت في كركوك منذ 1927 كلها تنصب في الغاء او محو اي سمة كوردية او كوردستانية من وجه كركوك ومن اجل واردات النفط فقط التي ذهبت معظمها الى شراء الاسلحة والحديد الصدأ والسموم الكيمياوية لقتل العراقيين انفسهم ، فالحكومات العراقية كلها مسؤولة عن كل ما الحق بكورد كركوك من مآس وقتل و تهجير وتعريب و نهب وسلب لاموالهم وممتلكاتهم ، وعودة كركوك الى حاضنتها الكوردستانية ليست كافية كي يعاد الحق الى نصابه ، بل يجب تعويض كل اجيال كركوك لما اقترفته الحكومات العراقية بحق كورد كركوك من جرائم.

والان ، ويوميا يتكرر هذا العدوان السافر الذي في حقيقة الامر يطال كل سكان كركوك من كورد وتركمان ومسيحيين وعرب ، لكن نرى دائما ان النسبة الكبرى من القتل والتدمير تطال اهل كركوك من الكورد ، ومنبع الجريمة معروف ، والكل يعرف من اين تأتي رياح السموم ، لذلك فبناء خندق كركوك او سور كركوك امر جيد ومطلوب ، اذ لا بد من عزل المدينة عن مصادر الشر والجريمة ..غير معروف كم سيكون تاثيره في حماية الكركوكيين ، ولكن بالتاكيد ، ومهما يكن ، سيكون مؤثرا في التقليل من الاعمال الارهابية.

ان سمة اهدار الدم الكوردي في كركوك لن تنمحي الا عندما يرفرف علم كوردستان عاليا فوق قلعتها الشماء ، ويمكن حينها ان يعيش الكوردي بامان مع كل مكونات كركوك القومية والدينية ، وبالاقرار الكامل للحقوق القومية لكل تلك المكونات واحترام ثقافاتهم واشراكهم حسب حجومهم في الادارة الحكومية.. والرئيس بارزاني ومعه المتحالفون على النهج القومي الكوردستاني وحدهم الذين يمكن ان يحققوا هذا الهدف الكبير.