ثمة قول لعالم و باحث عربي ... ضاع علي أسمه الآن،في زحمة التفكير بفحوى وقوة صدق وصراحة ذلك القول:(من أن العالم يخترع الجديد ونحن العرب كل دورنا ينحصر في تقرير أذا كان هذا الأختراع حلال أم حرام)،الى اي مدى يصدق ويصح هذا الرأي المتعافي في نقد الذات سواء أكانوا أفرادا أم جماعة ... سعيا لتقويمها وارشادها صوب الطريق الصحيح والراشد نحو حاضر حيوي ونابض ومستقيل مضمون ومشفوع بقيمة الحسبان والاعداد له... لقد أضحى من شروط الوضوح الحقيقي في معيار تقيم مستوى ومناسيب الشعوب المتحضرة،وهو بمقدار الجرأة التي تتمتع بها فيما يخص نقدها و(تفليس) ماضيها،فالماضي هو ظل المستقبل كما ترى صوب ذلك حكمة صينية قديمة،لها كل ما يشفع في تأكيد صدق وذكاء هذه الحكمة.
ولا ثمة أقتران واقعي وعملي ما بين حجم حاجتنا الأكثر للكهرباء،وهي تسجل فوارق كثيرة جدا في مناسيب تلكؤها وتزايد كثرة عطلاتها المؤدية الى انخفاض حضورها المتوقع والمعتاد في فصل الصيف عن معدلات ونسب ذلك الحضور المتقطع على مدار بقية فصول السنة،لذا تكون الكهرباء- وبالاخص حين يتصادف حلول شهر رمضان الفضيل في عز الصيف- كما هذا العام وقبل قبله باعوام- واحدة من أهم المشاكل،بل المعضلات التي تواجه المواطن-عندنا- لتزيد من أجره وثوابه على حساب تناقص أجر وثواب الحكومة أمام الله والشعب في مجال تقديمها أفضل الخدمات لهم،وتلك- لعمري- هي أبسط حاجة في سلم هرم الحاجات الأولية والضرورية الواجب توفيرها والمتوفرة فعلا في بلدان لا تصل ميزانياتها الى عشر معشار ميزانية العراق،لأسباب لم يعد وينفع معها أي تذكير وأدنى تبرير،مازالت تتهرب و تتبرم به هذه الجهة أو تلك في تفسير أستمرار نقص هذه النعمة،التي تحولت بفعل مجموعة ظروف وعدة أفعال وممارسات (مقصودة أو غير مقصودة) الى نقمة متفاقمة وسمت حياتنا بالتذمر والشكوى العلنية من دون حسم نهائي وحقيقي ينهي- رغم تقادم الأيام والأعوام- أمرها لصالح الكثير من نواحي الحياة وسبل تطورها والدفع بها نحو مديات أرحب وأنفع خدمة للحاضر،وأملا بمستقبل مضيء.
تحضرني حكاية قريبة من عالم اليوم،أحسبها حكمة وأتأملها تتعلق بالذكاء كقيمة مركزية في عمل عقل الانسان ،كما أن لها صلة-ايضا- بموضوع الكهرباء،فحال نفاد صبر مساعد العالم (توماس أديسون)- هذا طبعا أسم لا يمكن لاي عراقي أن ينساه في كل لحظة لطالما وأزمة الكهرباء قائمة- والذي أصابه (أي مساعد أديسون) باليأس والاحباط،و قرر على أثرها ترك العمل مع مخترع هذه النعمة قائلا : ( لقد هزمنا فقد جربنا ألفي طريقة ولم نحصل على الكهرباء)-أيام لم تكن بعد وجود كهرباء وطنية وأخرى مولدة الشارع- فأجابه أديسون بهدوء واتزان وثقة نادرة:( لا تيأس لقد تأكد لنا الآن ،أن هنالك ألفي طريقة لا تنتج الكهرباء)!
والحاذق-حتما- سيفهم مغزى جواب السير(أديسون).
مقالات اخرى للكاتب