إنخفضت هذه الأيام بشكلٍ ملحوظ نسبة الإقبال على مشاهدة أفلام الرعب السينمائية ...وفقدت بريقها أمام ماينشر من مقاطع الفيديو على اليوتوب (الإسلامي) التي طغت على التوجه العام لمتابعة الأحداث الصادمة حتى للخيال الذي يخالف الواقع..ولم يكن تراجع أفلام الرعب السينمائية تراجعاً فنياً .. بل هو في صلب موضوعها..فهي اليوم لاتضاهي مشاهد الإثارة الإجرامية.. ولاتمثّل معشار مايقوم به الداعشيون مِنْ تمثيل وحشيٍ حقيقي بضحاياهم ومن مختلف الأعمار..وهوعملٌ يترفّع عنه المنتجون والروائيون السينمائيون ولم يترك للخيال متسعا من الأبداع والإبتكار ...إجرام داعش تجاوز الروايات الخيالية التي عادة ماتأتي بعناصر ومشاهد غير موجودة على أرض الواقع لكنّها لاتخالف أدب الخيال ...بل تخلق جوا من الإثارة يستمتع بها المشاهد ... ولكن ماينشره الداعشيون من مقاطع رعب فاقَت كُل التصورات وصدمت الواقع الإنساني ..وهي لاتثير الدهشة والجزع والريبة في نفس مَنْ يشاهدها فحسب .. بل يشعر بخيبة أملً كبيرة أن تعيش هكذا مخلوقات في عالم القرن الواحد والعشرين ! فمرّة يعلّقون رؤوس ضحاياهم على الاسلاك الكهربائية بدل الزينة..ومرةً يستخدمون الرؤوس كرات للعب كرة قدم تتدحرج على الارض ومرة يأكلون القلوب والاكباد إضافة الى القتل العشوائي لجميع مخالفيهم بلا أدنى رحمة او رأفة بصغير او كبير او امرأة...فأنّى للروائيين والمنتجين السينمائيين أن يأتوا بخيال وأحداث تفوق مايقوم به الداعشيون من جرائمٍ ! وهي جرائمٌ تمثّلُ عارا ولعنةً على الإنسانية وتأريخا يُضاف الى ماأرتكبه أسلافهم من جرائم بحق المسلمين والإنسانية في ماضي الزمن ...وواقعة طف كربلاء خيرُ شاهدٍ على سلوكهم ومنهجهم الإجرامي وماتبعها كثير...ويتضحُ للمتابع للجرائم التأريخية السالفة وبمقارنة لأوجه التشابه في شكل الجرائم .. يتضح أن الفاعلين دينيون .. فهكذا أعمال إجرامية لايجرأ على فعلها إلاّ أولئك المأدلجون بعقيدة دينية فاسدة ..هم وحدهم يتفنون ويبتكرون طرقاَ في القتل تترفّع حتى الوحوش عنها...ولنا في التأريخ الأنساني شواهد كثيرة على جرائم المتدينيين .. مسلمين كانوا أو مسيحيين .. فالتأريخ لن ينسَ مئات الآلاف من الأوربيين ضحايا حروب دينية كحرب المأة عام والثلاثين عاما سقطوا بسبب إنغلاق الكنيسة تجاه محاولات اصلاحات دينية ...واليوم الذين يمزقون أجساد النساء والأطفال في قرى التركمان والشبك وهجّروا المسيحيين من ديارهم هم متدينون ! إسلاميون... أعلامهم السوداء التي ترفرف فوق جثث ضحاياهم مخطوط عليها إسم الله وإسم رسوله ! ومع كُلِّ شهقة طفل تُنتزع روحه أو صرخة إمرأة تُغتصب يكبرون ربهم ويعظّمونه ! فياليتهم ظلَوا عاكفين على أصنام آباءهم... وليتهم ظلوا يعبدون تلك الحجارة التي لاتأمرهم بمعروف ولاتنهاهم عن منكر حتى لاتختلط عليهم المفاهيم وتنخر عقولهم المفاسد.. فيذهب الأبرياء بظلمهم وسوء جهلهم وحقدهم . فماتتعرّض له مكونات الشعب العراقي اليوم من التركمان والشبك الشيعة والمسيحيين في الموصل وكركوك ومناطق أخرى ...إنما هو تطهير عرقي وإبادة جماعية وجرائم يندى لها جبين الإنسانية إلا جبين العرب والمسلمين الذين صدّروا لنا إرهابهم ووحوشهم القذرة .. فهؤلاء لاحياء ولاكرامة تُسَجَل لهم في تاريخهم المليء بالغدر والخيانة والحروب العبثية بينهم وليس ضد عدوهم... تلك المكونات بعضها يدفع ضريبة الإختلاف المذهبي والبعض الآخر الديني ... إضافة الى فشل الحكومة وإنهيار قواها العسكرية والأمنية أمام المجاميع الإرهابية تاركة أبناء شعبها عرضة وهدفا سهلا الى تلك المجاميع .. تسرح وتمرح وتقتل وتفجر وتهجر وتفتك وتخرّب تأريخ وطن وتحرق تراث إمة عمره آلاف السنين ثم تنشر إجرامها على مواقع اليوتوب مستهينة بجميع الأعراف الإنسانية ومتحدية القوى الحكومية والسياسية ومستهينة بمشاعر ذوي الضحايا الأبرياء.فلبأس المتدينون ولبأس الحاكمون الذين فشلوا في حماية شعبهم...
مقالات اخرى للكاتب