بغداد – أنشغل الشارع السياسي والبرلماني العراقي بالجدل العنيف الاقرب إلى التقاطع حول قانون العفو العام الذي يتوقع أن يتم إقراره الأثنين المقبل، ففي الوقت الذي طالبت فيه الكتلة الصدرية في البرلمان العراقي أن يشمل القانون كل سجناء ومعتقلي جيش المهدي (الجناح العسكري المجمد حاليا للتيار الصدري)، طالبت القائمة العراقية بتبييض جميع السجون، في حين طالبت كتلة المواطن بعدم شمول جميع السجناء خاصة المتورطين في جرائم كبرى أو المطلوبين للقضاء العراقي.
وكادت الخلافات السياسية بين الكتل والأحزاب الحاكمة في البلاد اليوم أن تطيح أكثر من مرة بالقانون وعدم إقراره إلا أن توافقات اللحظة الأخيرة التي أريد لها أن تدخل في إطار ما يسمى اصلاح العملية السياسية دفعت أغلب الكتل للتنازل عن اشتراطاتها والوصول إلى إقرار القانون الاسبوع الحالي.
وأكد أعضاءفي اللجنة القانونية في مجلس النواب على أن قانون العفو العام سوف لن يشمل من قتل على أساس تكفيري أو طائفي أو عنصري أو استباح الدم العراقي، بينما طالب آخرون بالموازنة بين مصلحة من وقع عليه الجرم ومن ارتكبه، معتبرين اياها مسألة مهمة جداً في هذا القانون.
وكان مقرر مجلس النواب محمد الخالدي، قال إن "المطالبات المتزايدة من أعضاء مجلسالنواب والمواطنين دفعت اللجنة الى إجراء تعديلات سريعة على القانون، وشمول أكبر شريحة من المعتقلين باستثناء ذوي الدرجات الخاصة والمدراء العامين".
وأبدت كتلة المواطن المنضوية في التحالف الوطني تخوفها من إقرار قانون العفو العام في صيغته الحالية لانه سيخرج من تلطخت ايديهم بدماء ابناء الشعب العراقي، بحسب وصف النائب عن الكتلة محمد اللكاش الذي حذر من صفقة سياسية يمررها البرلمان لشمول وزير التجارة السابق فلاح السوداني المتهم باختلاس مئات الملايين من الدولارت والنائب محمد الدايني المتهم بتفجير مقر البرلمان العراقي، داعيا "اللجنة القانونية والبرلمان بدراسة القانون دراسة مستفيظة حتى لايتم شمول هولاء بقانون العفو العام".موضحا ان "كتلته مع اقرار قانون العفو العام واخراج الابرياء من السجون لكن ليس بصيغته الحالية". متسائلا "لماذا الحكومة العراقية لم تنفذ احكام الاعدام بالذين صدرت بحقهم اوامر قضائية من ازلام النظام البائد؟".
وخضع قانون العفو العام لتاجيلات عدة لأسباب سياسية وقانونية، في حين أكدت تسريبات إعلامية نشرت في العديد من المواقع الألكترونية العراقية أن لقاء نوري المالكي ورئيس مجلس النواب اسامة النجيفي قبل عدة أيام تسبب بتأخير إقرار القانون. لكن النائب عن ائتلاف دولة القانون شاكر الدراجي نفى أن يكون تأخير إقرار قانون العفو العام حدث بسبب صفقات سياسية على قوانين أخرى، مضيفاً "ان القانون يجب الا يكون أداة لاضاعة حقوق الضحايا واطلاق سراح من قتل أو دعم او مولالعمليات التي سببت قتل ابناء الشعب العراقي".
من جانبه طالب رئيس الجبهة التركمانية العراقية أرشد الصالحي، البرلمان بعدم شمول مرتكبي جرائم الخطف بقانون العفو العام، متهما بعض النواب بمحاولة تضمين فقرات تسمح بـ"خروج مجرمين" من السجون.
وقال الصالحي "هناك بعض النواب والسياسيين يريدون أن يشملوا الخاطفين بقانون العفو العام"، مؤكدا أن "الجبهة التركمانية العراقية ستظل رافضة لذلك لأنه استخفاف بدماء الشعب العراقي".
من جانبه أكد نوري المالكي، أنه مع إطلاق سراح أي عراقي "شرط أن لا تكون يده ملطخة بدماء الأبرياء".
وكان الخبير القانوني طارق حرب أعلن عن وجود مقترح لصياغة الحكم الخاص بالتنازل، لكن مصدرا نيابيا أكد أن الاسبوع المقبل سيشهد التصويت على قانون العفو، مبيناً أن"القانون جاهز للتصويت، بيد ان بعض الملاحظات التي ابدتها كتل ارجأت التصويت عليه الى الاسبوع المقبل".
وكانت اللجنة القانونية انتهت قبل أيام من وضع اللمسات الاخيرة على قانون العفو العام لعرضه ضمن جدول اعمال.
وأشار نائب رئيس اللجنة القانونية النيابية أمير الكناني الى أن مقترح قانون العفو العام يخضع للمسات الأخيرة من ناحية سلامة الصياغات ودقتها، مبيناً أن اللجنة سترفعه إلى هيئة رئاسة البرلمان لإدراجه على جدول أعمال المجلس عند استئناف جلساته.
وقال الكناني وهو نائب عن كتلة الأحرار التابعة للتيار الصدري، في تصريح صحافي إنه"اِجتمع مع عدد من مستشاري اللجنة القانونية ومشاوريها لوضع اللمسات الأخيرة على مقترح قانون العفو العام من ناحية الصياغات القانونية واللغوية".
وأضاف الكناني، أن المقترح "سيرسل إلى هيئة رئاسة مجلس النواب لدرجه على جدول أعمال المجلس والتصويت عليه عند استئناف جلساته".
وبسبب عدم وجود سجناء اكراد خارج محافظات إقليم كردستان لم يبد النواب الاكراد موقفا واضحا تجاه القانون، فيما يرى مراقبون أنهم ينتظرون التصويت عليه بأي صيغة تنال تأييد أقرب الحلفاء اليهم الان.
يذكر أن مجلس النواب أرجأ التصويت على مشروع قانون العفو العام إلى اكثر من مرة لغياب التوافق عليه بين مختلف الكتل السياسية. وأثار مشروع قانون العفو العام الجدل بين الكتل السياسية خصوصا بين ائتلاف دولة القانون والتيار الصدري، وذلك لمطالبة دولة القانون بتعديل بعض فقرات المشروع التي تحدد الفئات التي يشملها العفو من عدمها، فيما يصر التيار الصدري على شمول جميع منتسبي جيش المهدي بالقانون حيث يقيم عدد كبير من اتباعه في السجون. ويطالب نواب آخرون بشمول جميع السجناء بمن فيهم المتورطين بجرائم الارهاب والقتل والخطف بالقانون.