قبل أن تندسّ في فراشك وتخلد الى النوم، هل وصلتك برقية أو مكالمة من كبار جنرالاتك تطمئنك إلى ان "دار السيد مامونة"؟ .. هل أكد لك الجنرالات انهم أحكموا الطوق حول ساحتي التحرير والفردوس ومقترباتهما وما يؤدي اليهما من شوارع ودرابين؟
هل قالوا لك بكل يقين انه لم يعد بإمكان جرذ أو فأر أو ذبابة أو طائر أن يقترب، مجرد الاقتراب، من الساحتين؟
هل فكّرتَ، قبل أن تستسلم لسلطان النوم، بانك في صباح اليوم التالي (أمس) وانت تتناول الفطور مع أفراد عائلتك أو مع بعض من خاصتك من مستشاري السوء، ستضحك وإياهم من الأعماق لأن قواتك قد عاهدت فأوفت بالعهد ووعدت فكانت عند ما وعدت به، وان الذين تحضّروا للتظاهر من أجل الغاء أو الحد من الرواتب التقاعدية للنواب وسائر المسؤولين الكبار في الدولة، سيُسقط في أيديهم؟
هل نمتَ قرير العين، مرتاح النفس، هادئ البال، ممتلئاً بشعور الانتصار الموعود على "أعدائك"؟
إنني أعنيك أنتَ بالذات .. السيد نوري المالكي، رئيس مجلس الوزراء والقائد العام للقوات المسلحة ووزير الداخلية بالوكالة، وربما الدفاع والأمن الوطني أيضاً، والأمين العام لحزب الدعوة الإسلامية (يكفي هذا فقد انقطع نفسي من تعداد وظائفك ومناصبك) .
لا يا سيدي.. انهم (جنرالاتك) كذبوا عليك، أو أساؤوا تقدير الموقف، فهم حلموا تلك الليلة بألا يتظاهر شخص واحد في بغداد يوم أمس الذي حددته اللجنة المنظمة للحملة الشعبية المطالبة بالغاء الرواتب التقاعدية للبرلمانيين وأمثالهم .. أنت ايضاً حلمت بهذا. ولكن .. انتم الذين أُسقط في أيديهم، فلقد تحديناكم، أنت وجنرالاتك ومستشاري السوء المحيطين بك .. فإذ لم نستطع الوصول الى التحرير والفردوس، أنشأنا ساحة أخرى في شارع النضال .. تجمعنا فيها بحدود 2500 متظاهرة ومتظاهراً.. رفعنا العلم العراقي وتغنينا بالنشيد الوطني ورددنا الشعارات التي نريد .. لم تستطع قواتك منعنا .. حاولت وبذلت كل جهدها، لكن روح التحدي لدى الشباب والشيوخ أخافتهم .. كل واحد منا وصل الى المكان بحيلته الخاصة .. وللتاريخ فان بعض الجنود ورجال الشرطة والضباط "تواطأوا" معنا، فسمحوا لنا بالتسرب أفراداً ومجموعات صغيرة، مع انهم أبلغونا بان لديهم أوامر مشددة وقاطعة وحازمة بمنع كل نوع من أنواع التظاهر .. كانوا شباناً جميلين يحملون في دواخلهم غضبنا على برلمان حكومتك نفسه، ادركوا أننا سلميون ولسنا إرهابيين، ومطالبنا هي مطالبهم ومطالب آبائهم وأمهاتهم أيضاً.
نعم كنا 2500 متظاهر .. لا تستصغر العدد، فواحدنا يعادل 100 من دون مبالغة .. قواتك انتشرت، بأوامر منك، بأعداد مهولة في كل مكان وسط العاصمة، وبعضها تعامل بقسوة مفرطة مع المتظاهرين، نساء ورجالاً سواء بسواء، والسيطرات تشددت على نحو غير مسبوق، ومع هذا تحدّينا وتجمّعنا وقلنا ما كنت أنت وجنرالاتك ومستشاروك لا تريدوننا أن نقوله.
نعم نحن انتصرنا عليك أمس، برغم انك أتيت بما لم يأت به قبلك سوى حاكم عراقي واحد .. اجراءاتك الأمنية المشددة لم يفعل مثلها كل رؤساء حكومات العهد الملكي، بمن فيهم نوري السعيد، ولم يفعل مثلها عبد الكريم قاسم ولا عبد السلام عارف ولا عبد الرحمن عارف .. فقط نظام شباط 1963 ونظام صدام، كانا بالشدة والقسوة التي طبعتا سلوكك أمس وفي شباط 2011 وما بينهما .. هل يسرّك أن تكون في هذه الخانة؟ .. إهنأ به اذن .. اهنأ أنت وحزبك وائتلافك بعار الوقوف ضد الشعب ومطالبه
مقالات اخرى للكاتب