الخطاب الموضوعي والإعلام المهني يكادان اليوم نادري الحصول وإن كان هنالك البعض القليل يتفاوت في نسبة الاقتراب منها ، فاليوم السائد هو الاعلام التجاري أو الفئوي وهو اعلام يوضف كل البنا الاخلاقية والسياسية والثقافية بهدف الربح المادي أو التحيز الفئوي ، فيعتمد الاثارة وسيلة لجلب المتلقين دون ملاحظة ما تنطوي عليه هذه الاثارة من نتائج قد تؤدي بمجتمعات ونظمها القيمية والاخلاقية على المستوى البعيد . ولعل من الأسباب الرئيسية التي تساعد على إنتشار هكذا نوع من الخطاب والإعلام هو المحيط البشري والذي يتلقى ويصدق المعلومات دون تحليل أو تمحيص وبالتالي يخلق مناخا مناسبا لنمو وإنتعاش مثل هكذا ظاهرة . شاء القدر اليوم أن اتناول ( الكباب ) في مطعم الحويشي الشهير في النجف والذي دخل ضمن موسوعة غينيس للأرقام القياسية بسب مبيعاته اليومية ! هذا المطعم يشير له أغلب أهل الخبرة من محبي الكباب ويتوافد عليها الكثير الكثير ممن غرّهم شياع أهل الخبرة ويزدحمون على بابه للحصول على مبتغاهم حتى أن المطعم وفي بعض المناسبات يعتذر عن إستقبال الزبائن بسبب إمتلاء المكان ! ومن خلال تواجدي اليوم في المطعم ( الأعلى ) لفت إنتباهي بعض الإمور ، منها ( عدم نظافة المكان ) ، ( عدم إهتمام الكادر بالزبائن ) ، ( عدم نضوج الأكل ) ، ( لم يكن الطعم لذيذا بل كان عادي المستوى ) ، ( طلبت منهم بصلا فقالو لي : راحو يجيبون ) ! ( كررت عليهم الطلب بعدة فترة فسمعت نفس الجواب ) وأيضا بعد فترة كررت طلبي ( فسمعت نفس الإجابة ) وعندما خرجت من المطعم وجهت كلامي لكاهن المطعم الكبير وقلت له : ( كيف تقدمون الكباب بدون بصل ؟ فأجابني : العمال منشغلون وليس لديهم المجال لتقديم البصل ! ) خرجت من المطعم ودخلت مباشرة في المقهى المقابل للمطعم لأشرب الشاي فوجدت المقهى مملوء بصور العلماء ورجال الدين والخطباء وغير ذلك من المشاهير وبينما وقعت عيناي على صورة السيستاني مباشرة جاءني هاجس من حيث لا أشعر ربطني بقصتي مع المطعم وكيف أن الإعلام والترويج والشياع الكبير له وهو بهذا المستوى من الفشل وجرّني إلى التأمل في صورة السيستاني مستذكرا نفس التهويل والإعلام والشياع لمرجعيته التي لا تملك ما يقومها وما يؤهلها لذلك . الغريب بالأمر أن السيستاني نجح نجاحا باهرا في تمرير خدعة مرجعيته وإمامته على الناس مستخدما الهالة التي إصطنعها لنفسه ومتخذا من الفجوة التي احدثها بينه وبين الجماهير وعدم إحتكاكه بهم العصا السحرية التي أضفت القدسية والإلوهية لكيانه . ومن حق أي منا أن يسأل ، ما هي منهجية وأدوات وملامح المرجعية السيستانية ؟! فحينما نقلب سجل الماضين من العلماء فإننا نتوجه إلى تعداد أفعالهم وانجازاتهم و ماهي الآثار التي تركوها على جدار الزمن وما الذي ورثوّه للأجيال وهذا ما يُفعل مع الجميع ومنهم علماء تاريخنا الإسلامي فحينما يُكتب اسم عالم ما فإنهم يعددون انجازاته وأفعاله وما تركه للتاريخ وحينما نريد أن نقيّم علماء الدين المعاصرين نجد أنفسنا ملزمين كالعادة بان نعدد انجازات كل منهم وما تركه من آثار لتكون شاهدة على جهوده وما أفناه من عمره لينال فيها الكرامة والفضل . وتشتد الحاجة الى التقييم الدقيق وهو ما لا يمكن أن نتوصل اليه فيما لو كان ذلك العالم ممن ليس له آثاراً ! إذن فعندما نتحدث عن إثبات شيء لشيء في أي مسألة ومنها إثبات العلم للعالم يتبادر إلى الأذهان قضية واحدة وهي الفيصل في معرفة الدليل من التضليل , ألا وهي الأثر الخارجي الملموس الذي يدل على صاحب الدليل وأثره الكاشف عنه تطبيقا لقاعدة (الأثر يدل على المؤثر) بغية التصديق به والسير على هديه . وما أود قوله بعد سوقي لهذه المقدمة هو :
أن السيستاني يشاع عنه إنه عالم وفقيه معروف عالميا وفي الأوساط الدينية عامة والحوزوية الإسلامية خاصة . ولكن لنلقي ضوءاً خافتاً على ما يحمله ذلك العالم من علم في مجال اختصاصه ، وغيره من العلوم الأخرى , فمنذ سنوات وأنا أتابع وأبحث كل ما يقال ويكتب عن السيد السيستاني فعرفت وكما يشاع انه كان طالباً عند المرجع ( أبو القاسم الخوئي ) ، ولإني من العاكفين على متابعة أخبار موقع السيستاني الالكتروني ، ومنذ فترة لا باس بها , فوجدت مثلا في عنوان "السيرة الذاتية" للسيد السيستاني , وضمن فقرة "مؤلفاته" وجدت هذه الأسطر :
((منذ كان عمره الشريف 34 سنة ، بدأ يدرس البحث الخارج فقهاً وأُصولاً ورجالاً، ويقدم نتاجه وعطاءه الوافر، وقد باحث المكاسب والطهارة والصلاة والقضاء والخمس، وبعض القواعد الفقهية كالربا وقاعدة التقية وقاعدة الإلزام . ودرّس الأُصول ثلاث دورات وبعض هذه البحوث جاهز للطبع كبحوثه في الأُصول العملية والتعادل والتراجيح ، مع بعض المباحث الفقهية وبعض أبواب الصلاة وقاعدة التقية والإلزام . )) ,
وقد وجدت نفسي ملزماً بان ابحث عن كتب السيستاني للاطلاع والاستزادة من ذلك العلم الشريف , فذهبت الى حقل "المؤلفات" الذي في الموقع لأطلع على النتاج الفكري العميق لهذا السيد الفقيه , لكنني فوجئت بان اغلب كتب السيد لم يتم طبعها لحد الآن !! بل وجدت إن ما لم يطبع من تلك الكتب أكثر مما طبع منها!!. ونحن نعلم ان الكتب إذا لم تطبع وتنشر فانها تضيع ولا يمكن لأحد الاطلاع عليها ولا تحقق الغرض من تأليفها خصوصا وإنها تعتبر ثـمرة الدرس والتدريس ! .
فلماذا هذه المظلومية لهذا الجهد وتلك الثمار ؟ والقاعدة تقول ان العالم بآثاره ويجب ان يكون له اثر علمي فقهي أو أصولي سواء كان تقريراً لبحث أساتذته الذين كان يدرس عندهم ، لانها دليل فهمه أو بحوثه الخاصة التي يلقيها أو تقريرات طلبته لتلك البحوث فهي التي تشهد له بالعلم كما هو متعارف حوزوياً .
وبهذه المناسبة وبعد رجوعي الى الموقع الرسمي للسيستاني بموجب هذا الرابط :
http://www.sistani.org/local.html?modules=nav&nid=2
يمكنني تفصيل ما أود قوله وألفات نظركم إليه في نقاط أهمها :
1- إننا نجد في صفحة المؤلفات في الموقع الرسمي للسيستاني وبعد إمعان النظر فيها إن عدد الكتب - المفترضة - التي كتبها السيد هو أربعة وأربعون كتابا , ولكنكم ستتفاجئون بان ستة وعشرين كتابا من هذه الكتب الأربعة وأربعين مكتوب عليها ( الكتاب غير مطبوع ) !!!, بحيث انك عندما تضغط عليها فسوف لن تجد شيئا !!!, وان ثـمانية عشر كتابا فقط من هذه الأربعة وأربعين هو الذي عندما تضغط عليها تنقلك إلى مضمون الكتاب .
2- ومن المفاجئ والغريب أيضا إن حتى هذه الكتب الثمانية عشر التي كتب عليها ( مطبوع ) فهي في الحقيقة ليست كتبا بمعنى الكتب , وإنما هي مجرد مجموعة أسئلة وأجوبة من التي ترسل إلى موقع السيستاني ويجيب عنها هو (أو احد العاملين لديه) , أي إنها مجرد "تجميع" لبعض الأسئلة والأجوبة التي في الموقع !!! وبالتالي فهي لا يمكن أن تسمى كتابا أو كتبا !!! , باستثناء كتاب واحد فقط بعنوان - الرافد في علم الأصول - وهو فيما يبدو تقرير للبحث الذي ألقاه السيستاني أيام تدريسه . والمفاجئة الكبرى التي ستجدونها هي إنكم عندما تفتحون الكتاب (الرافد) في موقعه الرسمي ستجدون إن من كتبه هو الشيخ منير القطيفي !! إذن فحتى هذا الكتاب هو من تأليفات منير القطيفي وقد كتبه في عام (1997م) ، ومع ذلك نجدهم إنهم ينسبونه للسيستاني ! ولو سلّمنا بان هذا الكتاب للسيستاني (وهذا محض افتراض بحت) ، فنقول يا ترى هل يكتفي السيستاني بكتاب قدره (200 ورقة ) وعلى مدار طيلة فترة تصديه للمرجعية والتي بدأت من عام 1992 ؟! فنحن نجد العلماء العاملين الحقيقين وكما جرت العادة وعلى أقل تقدير أنهم في كل خمس سنوات يصدرون دورات أصولية أو فقهية تصل إلى عدة مجلدات أي ما يعادل كتاب السيد السيستاني مئات المرات وليس عشرات المرات ... فلماذا لم يكتب سيدنا السيستاني ولم يؤلف طيلة هذه الفترة ؟! أليس هذا دليلا على ضعفه وعدم علميته ؟! ويا ترى ماذا كان يفعل السيستاني منذ وقت التحاقه بالحوزة الى يومنا هذا ؟! وبالإضافة إلى ذلك كله نجد أن كتاب ( الرافد ) قد سُحب من الأسواق حينها لركاكته وأخطائه حسب المعنيين والمختصين بهذا المجال حيث عبر الصدر الثاني وقال في وقتها ان الرافد لا يرتقي الى بحوث أصول الشيخ المظفر (( مع العلم إن أصول المظفر هو أول كتاب وأول مرحلة أصولية تدرس في الحوزة العلمية بمعنى إن أصول المظفر هو بمثابة دار دور الأصول )) كما إن بعض أساتذة الحوزات العلمية في النجف قالوا عن الرافد كلّه أو جلّه ليس من البحوث الأصولية أو ليس من المسائل الأصولية أصلا أو ليس من المسائل والقواعد الرئيسة والمحورية في الأصول بل حتى في مسائل فرعية جدا أو من مقدمات مسألة أصولية ! والعجيب الغريب إنك عندما تسأل مكتب أو وكلاء السيستاني عن سبب عدم طبع المؤلفات يكون الجواب هو عدم وجود الأموال الكافية لذلك أو عدم وجود متبرع بذلك وتارة الفقراء أحوج إلى مال الطباعة !!! فهل من عاقل يصدق هكذا جواب ؟! طيب دعونا من الطباعة وبالإمكان جدا أن تنزل المؤلفات على الموقع الرسمي ليطلع عليها الآخرون وهذا لا يؤثر على اموال الفقراء ! هل تعلمون بأن السيستاني آخر مرة قد أعطى فيها الدرس كان عام 1997 !!! وهل تعلمون لا يوجد هناك أي مؤلف لا له شخصيا يثبت به حضوره لدروس أساتذته ولا لأحد طلابه يثبت حضوره لديه بإستثناء الرافد المزعوم الموهوم !!! وهل تعلمون لا يوجد أي تسجيل صوتي لدرس السيستاني في الوقت الذي نجد فيه بعض العلماء الآخرين ينشرون دروسهم الصوتية على مواقعهم الألكترونية !!! ثم ما يثير الدهشة والاستغراب عندي وعند غيري هو كون السيستاني عالما فلكيا ! فهل تخرج سماحته من جامعة فلكية أو معهد يعتني بهذا الشأن ؟! وهل سماحته له مؤلفا بهذا الصدد ؟! ثم إن مسألة ثبوت الهلال لا اعتقد أنها تستوجب شخصا عالما بالفلك كون الأمر يثبت بالرؤيا والشهادة ! وليت شعري كيف أن العالم الفلكي قد جعل أتباعه يصومون عيد المسلمين ولأكثر من مرة !!! مع كل هذا وذاك يا ترى بأي حجة ودليل يدعو من يدعو إلى مرجعية السيستاني وأعلميته وإمامته ؟ وهل عرفتم الآن ماهية العلاقة بين السيستاني وكباب الحويشي ؟
مقالات اخرى للكاتب